شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

قصص وحكايات: سوريات في مصر.. الهروب من الحرب إلى جحيم التحرش

قصص وحكايات: سوريات في مصر.. الهروب من الحرب إلى جحيم التحرش
إذا كانت المرأة المصرية تعاني من التحرش الجنسي يوميًا فالمرأة السورية في مصر ليست استثناء؛ بل إن وضعها أسوأ. ورغم الظروف، قرر بعضهن المواجهة والإعلان عن تعرضهن للتحرش. DW رصدت ردود فعل سوريات في مصر:

إذا كانت المرأة المصرية تعاني من التحرش الجنسي يوميًا فالمرأة السورية في مصر ليست استثناء؛ بل إن وضعها أسوأ. ورغم الظروف، قرر بعضهن المواجهة والإعلان عن تعرضهن للتحرش.

DW رصدت ردود فعل سوريات في مصر:

يبدو أن التحرش بالسوريات واستغلالهن قد أضحى ظاهرة منتشرة في بعض الدول العربية. أمرٌ رصدته عدة تقارير دولية، مثل تقرير هيومان رايتس ووتش في ديسمبر 2013، وتقرير منظمة العفو الدولية في فبراير 2016؛ وقد تناولا التحرش الجنسي بالسوريات في لبنان.

وفيما يتعلق بمصر، فإنه حتى الآن لا توجد تقارير رسمية معلنة، في ظل تفضيل كثير من المتحرشات الصمت؛ خوفًا من أي تداعيات سلبية، وذلك على النقيض من أغلب المصريات اللاتي يخضن معركة مفتوحة ومستمرة ضد التحرش بهن في مصر. وبالرغم من ذلك، فإن هناك أمثلة لسوريات “اخترن عدم الصمت وفضلن مواجهة التحرش”، وفقًا لما ذكره “دويتش فيله”.

المواجهة أفضل علاج

نوران النابولسي، شابة سورية عشرينية تعمل في منظمة إنقاذ طفولة بالقاهرة، تحكي لـDW بمرارة عن تعرضها للتحرش الجنسي بشكل يومي، خاصة أنها قبل مجيئها إلى القاهرة كانت متخوفة من التحرش الجنسي، وتقول: “كنا نسمع أن مصر بلد التحرش، وكنت أتخيل أنني سأقضي عمري في المنزل خوفًا من التحرش”.

وتشير إلى أنها عندما جاءت إلى العيش في مصر حدث ما كانت تتوقعه؛ حيث تعرضت إلى أشكال التحرش كافة؛ سواء اللفظي أو حتى الجسدي. وتحكي النابولسي عن الموقف الأغرب لها عندما تحرش بها رجلٌ مسنٌّ ثم عرض عليها الزواج؛ وهو ما فسّرته بأنها سورية وجميلة، وهو ما يستغله بعض المصريين.

لذا؛ فإنها ترى نفسها محظوظة حتى الآن، فالتحرش يقتصر على تواجدها في الشارع، مقارنة بسوريات يتم اغتصابهن واستغلالهن.

وأشارت إلى أنها لا تواجه التحرش بالعنف، ولكن بالنصيحة؛ أملًا في التأثير إيجابيًا في المتحرش، ولكنها تتحدث عن تلقيها ردود فعل غريبة على ذلك، ومنها قول بعض المتحرشين: “أنتوا جايين تعلمونا الأدب في بلدنا”.

وعن إمكانية مواجهة التحرش بالقانون تقول إنها بالفعل حاولت اللجوء إلى القانون، خاصة مع زيادة التحرش؛ ولكن عندما فعلت ذلك طالبها المحامي بمبالغ كبيرة؛ ما جعلها تصرف النظر عن التوجه القانوني.

فاختارت النابولسي طريقا آخر لمواجهة التحرش، وذلك عبر أنشطة تطوعية والحديث عن تجاربها الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لدفع قريناتها لمواجهة الظاهرة وكسر حاجز الخجل.

والأهم أن هذه الأنشطة امتدت إلى عمل تدريبات خاصة بالثقة بالنفس والدفاع عن النفس للاجئات السوريات. نابولسي حاولت تفسير ظاهرة التحرش ضد السوريات، وكيف أن السكوت عن المشاكل التي تواجه السوريات أدى إلى تفاقمها وامتدادها إلى مشكلات أخرى مثل الاغتصاب والزواج برجال كبار في السن مقابل المال؛ ولذا فإنها “تشفق لوجودهن بعيدًا عن بلدهن وقلة الأصوات التي قد تدافع عنهن”.

السكوت والهروب منفذان للسوريات

السمة الغالبة للسوريات في مصر أنهن لا يشعرن بالأمان؛ لأنهن غير مصريات، وكونهن نساء أيضًا. وإذا كانت النابولسي نجحت في كسر حاجز صمت السوريات؛ إلا أن أغلبيتهن فضلن السكوت.

“ن. م”، عاملة في أحد المحال التجارية، تحدثت بصعوبة إلى DW، وقالت إن التحرش بات أمرًا معتادًا في حياتها. لم تكن تعلم أن هروبها من جحيم الحرب سيضعها في جحيم تقول إنها تعيشه يوميًا بسبب التحرش والمضايقات العديدة في العمل.

ورغم أنه كان يزعجها في بداية الأمر، ولكنها قالت إنها تتكيف معه حتى تستطيع العيش في مصر.

وعن أسباب خوفها من الحديث تقول: “أهلي نصحوني بعدم الحديث عن أي مشاكل تتعرض لي وأن حياتنا غير مستقرة ولا نستطيع الانتقال إلى دولة أخرى”؛ ولكنها تخشى تعرضها إلى الاغتصاب يومًا ما بسبب سكوتها، وتقول بخوف شديد: “أعيش يومي وكأنه آخر يوم”.

شابة أخرى فضلت عدم ذكر اسمها اختارت طريقًا جديدًا، وهو الرحيل عن مصر إلى تركيا.DW  اتصلت بها عن طريق معارفها في تركيا، فتحدثت الشابة كيف أنها تعرفت على شاب مصري عرض عليها المساعدة وتبادلا الهواتف؛ فتصورت أنه شخص مهذَب بإمكانه مساعدتها في الدراسة أو العمل. ولكنه كان يخلق أسباب واهمة للتواصل معها. وعندما رفضت عرض الزواج منه قرر أن يلاحقها في كل مكان؛ وهو ما اعتبرته نهاية تواجدها في مصر، قائلة: “شعرت أن المصريين لا يرحبون بوجودي، وغادرتُ إلى تركيا وقررت الاستقرار هنا”.

لا تمييز في القانون المصري

عدد السوريين في مصر ليس بالقليل، فقد وصل حتى عام 2015 إلى 350 ألف سوري، منهم 140 ألف مسجل بمفوضية اللاجئين، حسب وزارة الخارجية المصرية.

وعن الوضع القانوني للتحرش الجنسي ضد السوريات يقول رضا الدنبوقي، المحامي والمدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، لـDW، إن القانون لا يميز بين المصرية وأي جنسية أخرى فيما يخص قضية التحرش؛ أي إن عقوبة التحرش هي الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف جنيه.

وعن الجهود التي يبذلها لمساعدة السوريات، يوضح: “نقوم بعمل غرفة عمليات لمساعدتهن في الإدلاء بأية بيانات تخص المتحرشين أو أماكن تجمعهم؛ للعمل على تقديمهم إلى المحاكمة”.

حساسية المجتمع المدني

تطرّق فتحي فريد، منسق مبادرة “أمان” لمناهضة التحرش الجنسي، إلى أهم المشاكل التي تواجه السوريات في التعامل مع ظاهرة التحرش، وأوضح أن أولاها التخوفات الأمنية المرتبطة بدخولهن إلى مصر؛ سواء كانت إقامتهن مؤقتة أو غير شرعية، لذلك يتجنبن المشاكل؛ لتقليل حجم المخاطر التي قد يتعرضن لها إذا انكشف أمرهن.

فضلًا عن “أن السوريات المتواجدات بشكل رسمي قد مررن على جهات أمنية متعددة. بالتأكيد تلقين ويلات من التحذيرات الخاصة بعدم التدخل في الواقع المصري وتجنب المشكلات”. ثانيًا، الخشية من عدم تلقي دعم من المصريين في حالة الإفصاح عن المتحرش، على خلاف المصرية المتحرَّش بها، وأخيرًا الاهتمام بإجراءات تأمين الإقامة وإدخال أطفالهن المدارس.

واعتبر فريد أن حجم العنف الذي تتعرض إليه السوريات أسوأ بكثير من ذاك الذي تتعرض إليه المصريات، خصوصًا وأنه يتم تزويجهن دون مقابل.

وعن دور المجتمع المدني المصري، اعتبر فريد أنه يركز على الخدمات الاجتماعية للسوريين على غرار الوظائف، وتسهيل التواصل مع مفوضية اللاجئين؛ وبالتالي لا يفضّل المجتمع المدني التدخل في الأمور الخاصة بالعنف الجسدي.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023