حذرت المعارضة السورية من أن وقف إطلاق النار، الساري منذ أقل من أسبوعين، يواجه تحديات حقيقية؛ جراء مواصلة النظام وحلفائه ارتكاب خروقات كبيرة، لاسيما في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية بمحيط العاصمة دمشق.
ممثلو عدد من الفصائل السورية، قالوا في تصريحات للأناضول: إن روسيا، وهي الضامن لنظام بشار الأسد وحلفائه، عجزت عن إجبار النظام والمجموعات الإرهابية الموالية له على الالتزام بالهدنة.
واعتبارا من منتصف ليل الخميس/ الجمعة 30 ديسمبر، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ، بعد موافقة النظام السوري والمعارضة عليه، بفضل تفاهمات تركية روسية وبضمان الدولتين.
إيران أقوى من روسيا
رامي دالاتي، عضو المكتب السياسي لـ”الجيش الحر” المعارض، قال إن “النظام (السوري) لم يلتزم بوقف الخروقات إطلاقا، والروس (يدعمون النظام عسكريا) أضعف من أن يضمنوا هذا النظام؛ لأن الإيرانيين موجودين على الأرض في القرار العسكري، بينما هم (الروس) في الجو”.
دالاتي، وفي تصريح للأناضول، تابع أن “ضعف الضغط السياسي الروسي كان أقل من قوة مقاومة حزب الله والميليشيات الشيعية (الموالية للنظام).. سنكون أمام تحديات حقيقية في وقف إطلاق النار”.
عن نوعية تلك التحديات، قال المعارض السوري إنه “في كل مرة تبدأ الخروقات من الإيرانيين.. وفي اليوم الثالث للهدنة جرى تحرك للطيران السوري، وهذا يؤكد عدم وجود نية للنظام في نجاح الهدنة”.
وفيما يتعلق بالخروقات في منطقة وادي بردي، أوضح أنه “قبل إعلان الهدنة بيومين كانت المنطقة تتعرض لهجوم كبير.. هذه المنطقة يحاول حزب الله (اللبناني) جاهدا السيطرة عليها، وبدأ الخرق من قبل قوات النظام والحرس الجمهوري، وحاول حزب الله اقتحامها عبر قوات الكومندوس (قوات خاصة)، وتم دحرهم عدة مرات”.
المعارض السوري تطرق إلى ما يتردد إعلاميا عن محاولة 4 جنرالات روس دخول وادي بردي، حيث قال إن “قوات حزب الله منعت قوات روسية من دخول المنطقة، وهناك مصادر أكدت لنا ذلك، والأسباب ليست واضحة، لكن نظن أن السبب الرئيسي هو أن حزب الله لا يريد وقف إطلاق النار”.
وقبل أيام نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء (رسمية)، عن مصدر عسكري روسي قوله إن “الأخبار المتداولة بشأن قيام عناصر من حزب الله بمنع ضباط روس من دخول وادي بردي بريف دمشق عارية عن الصحة جملة وتفصيلا”.
حرب في الغوطة
بشأن منطقة وادي بردي أيضا قال محمد بيرقدار، رئيس مكتب العلاقات العامة في “جيش الإسلام” المعارض، إن “موقع وادي بردى مهم جدا، فهي تقع ضمن سلسلة التهجير الديموغرافي في المنطقة، والنظام لم يتوقف عن ضرب تلك المناطق، وذلك بمثابة فرض الواقع العسكري في وادي بردى، ولاسيما أن حزب الله يُعدها منطقة مهمة واستراتيجية له”.
منطقة وادي بردى تقع شمال غربي العاصمة دمشق، وتضم 13 قرية، تسيطر المعارضة، ومنذ عام 2013، على 9 قرى منها، وتتميز بطبيعتها الجبلية القاسية، وهي امتداد طبيعي لسلاسل جبلية في لبنان.
أما بشأن الغوطة الشرقية، فرأى بيرقدار، في تصريح للأناضول، أن “الذي يحدث الآن في الغوطة الشرقية هو بمثابة حرب، وليس خروقات”.
بيرقدار أوضح أن “الخروقات التي تحدث تكون مشتركة ما بين الميليشيات الشيعية وقوات النظام السوري، والقصف عادة ما يكون من النظام، والقوات المقتحمة هي ميليشيات شيعية، وفي الحقيقة لم يكن هنالك وقف إطلاق نار في الغوطة ولا في وادي بردى، قبل وبعد اتفاق التهدئة”.
تغييرات ديموغرافية
ووفق الناطق باسم “حركة أحرار الشام” المعارضة، أحمد علي، فإن “النظام المجرم يحاول استغلال وقف إطلاق النار كي يسيطر على المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، ويقوم، بجانب الميليشيات الطائفية، وحزب الله، بالإضافة إلى ميليشيات فلسطينية (يقصد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، بقيادة أحمد جبريل) باستهداف ومهاجمة وادي بردى، بشكل شبه يومي، في خرق واضح لوقف إطلاق النار، لكن ثوارنا من أبناء المنطقة يتصدون لهم هناك”.
علي مضى قائلا، في تصريح للأناضول، إن “الميليشيات الشيعية الطائفية تقف إلى جانب النظام المجرم الذي يقتل شعبه، وارتكبت هذه الميليشيات مجازر مروعة بحق الشعب السوري تحت شعارات طائفية مقيتة، كما أنها تعمل بتسهيلات من نظام الأسد على تغيير الديموغرافية السكانية للمناطق التي تتواجد فيها”.
وفي حال صمود وقف إطلاق النار، ستنطلق مفاوضات بين النظام والمعارضة السورية بحثا عن حل للصراع الدائر منذ عام 2011، وذلك في مدينة أستانة، عاصمة كازاخستان، برعاية أممية تركية روسية، قبل نهاية يناير الجاري.