“مجزرة سوريا تترك جرحًا عميقًا في الضمير العالمي”.. هكذا عبر بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة عن رؤيته عن المجازر التي ارتُكبت في سوريا على مدار الخمس سنوات الماضية، وقال إنه يوجه نداء للعالم من أجل الرحمة والعدالة.
وجاءت سيطرة النظام السوري مدعومًا بميليشيات مختلفة على حلب الشرقية لتصب الزيت على النار فيما يخص الجانب الإنساني، فتحركت فرنسا مدعومة بالولايات المتحدة وروسيا بتقديم مشروع قرار بنشر مراقبين دوليين في حلب لضمان سلامة نقل المدنيين والمصابين وضمان عدم ارتكاب مجازر.
وصدر القرار، الذي صاغته فرنسا، بإجماع الدول الأعضاء في المجلس بما فيهم روسيا، حليف الرئيس السوري بشار الأسد.
وينص القرار الدولي على تكليف الأمم المتحدة بـ “متابعة كافية ومحايدة ومراقبة مباشرة لعمليات الإجلاء من شرق حلب وغيرها من مناطق المدينة”.
كما يدعو القرار بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح للمراقبين بمراقبة “أحوال المدنيين” والتشاور مع الأطراف المعنية بشأن نشر المراقبين.
موقف النظام السوري
على المستوى الرسمي، اعتبر النظام السوري أن القرار يفتح المجال للتدخل الأجنبي ووراءه أهداف أخرى خلاف مراقبة الإجلاء، حيث قال بشار الجعفري مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة: إن هناك “أجندات خفية” لدى مؤيدي القرار”.
وقال في تصريحات صحفية: “نعارض محاولات بعض الدول الأعضاء لأن تصيغ وتقدم – تحت غطاء إنساني- بنودًا ماكرة وغامضة وعبارات فضفاضة تحتمل أكثر من تفسير بنية استغلال هذه القرارات لتحقيق أجندات خفية لشرعنة التدخل الأجنبي”.
فرنسا.. مصدر القرار
على الحانب الفرنسي وهو الطرف المتقدم بمشروع القرار، فقد اعتبر جان- مارك آيرو وزير الخارجية الفرنسي القرار الجديد خطوة أولى، وطالب كل الأطراف “وخاصة الحكومة السورية وحلفاءها” بتنفيذه فورًا.
وقال: “فرنسا تدعو كل طرف، خاصة النظام ومؤيديه، للتحلي بالمسؤولية كي يُطبق هذا القرار دون إبطاء، وكي يُنفذ وقف إطلاق نار دائم في أنحاء البلاد.”
وأوضح أن هؤلاء المراقبين الدوليين الذين تأمل فرنسا في نشرهم يمكن أن يكونوا من الطاقم الأممي الموجود أصلاً على الأرض، معتبرًا ذلك أمرًا ملحًا.
وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا دولاتر، إن بلاده تأمل بتفاهم يشمل روسيا بشأن مشروع قرارها حول مدينة حلب الذي ستقدمه لمجلس الأمن الدولي، الجمعة القادمة، وأكد على إمكانية الدعوة لعقد جلسة استثنائية للجمعية العامة للمنظمة الدولية عند الاقتضاء.
وقال دولاتر للصحفيين إن الهدف من مشروع القرار هو نشر مراقبين في حلب وحولها في أسرع وقت، للتأكد من صمود وقف إطلاق النار ومن إنجاز عملية إجلاء السكان المدنيين وإيصال المساعدة الإنسانية، وفق تعبيره.
وأوضح أن هؤلاء المراقبين الدوليين الذين تأمل فرنسا في نشرهم يمكن أن يكونوا من الطاقم الأممي الموجود أصلاً على الأرض، معتبرًا ذلك أمرًا ملحًا.
وأكد دولاتر أن مشروع القرار الفرنسي يهدف أيضًا إلى ضمان حماية المستشفيات والطواقم الطبية، معبرًا عن رغبة بلاده في أن يتم تبني قرارها بأسرع وقت ممكن.
الولايات المتحدة وبريطانيا ..موافقون
وقالت الولايات المتحدة إنها تدعم إصدار قرار من مجلس الأمن لنشر مراقبين في حلب، مشيرة إلى أنها ستبحث خيارات أخرى إذا تعرقل صدور هذا القرار.
بدوره أيد السفير البريطاني ماثيو رايكروفت أمام الصحافيين فكرة “نشر طاقم أممي إضافي” في حلب لتجنب ارتكاب فظائع، بحسب وصفه، لكنه أبدى شكوكا إزاء قدرة الأمم المتحدة على تعبئة قوة كهذه سريعًا.
تساؤلات الموقف الروسي
أما مندوب روسيا في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، فاعتبر أن المقترحات الفرنسية المطروحة على مجلس الأمن تثير تساؤلات، لافتا إلى أن نشر مراقبين دوليين في حلب يستغرق أسابيع.
وقال تشوركين إن موسكو تبذل “كل الجهود الممكنة من أجل تخفيف حدة التوتر” في أرجاء سوريا وخصوصا في حلب.
وقال إنه “على مدى الأيام القليلة الماضية تم توجيه التدفق الرئيسي للمساعدات الإنسانية الروسية إلى حلب”، مشددًا على أن المهمة الأكثر إلحاحًا الآن هي الإنهاء الشامل للنشاط العسكري واستئناف المفاوضات بين السوريين.
نشر المراقبين.. آراء من الواقع
ويرى المحامي الدولي سعيد الفقير أن القرار يحمل أكثر من دلالة خاصة بعد موافقة موسكو عليه وكان الحميع يتوقع الفيتو الروسي وعلى رأس هذه الدلالات أن موسمو تسعى لرفع اتهامها بارتكاب مجازر في حلب من خلال التأسيس لمسروع نسر مراقبين دوليين هناك. واستطرد سعيد: تنفيذ القرار قد يستغرق أسابيع وهو ما يجعل المدنيين في حلب تحت الخطر السوري من قبل الجيش والميليشيات المعاونة له.
وقال الدكتور محمد العادل ( سياسي أكاديمي) العالم ارتضى أن تقع حلب في قبضة الحيش السوري أو بالأحرى معسكر روسيا، وكل ما يتم اتخاذه تبعا لذلك هو تحصيل حاصل وإن كان مشر مراقبين دوليين هناك قد يواجه بوسائل خداع شديدة من قبل سوريا وروسيا وإيران.
عجز الأمم المتحدة
ويؤكد العديد من الخبراء أن الأمم المتحد ة عجزت عن حماية المدنيين في حلب، بل في كامل سوريا، وبالتالي تسعى الآن للبحث عن دور لتبييض الوجه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما يعكس أيضًا ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة – بتأييدها للقرار- من أجل تسجيل خطوة إيجابية لمعسكرها بعد الهزيمة العسكرية على الأرض.