أشارت أصابع الاتهام إلى جهاز المخابرات “الموساد” التابع للكيان الصهيوني بتهمة اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري في ولاية صفاقس بـ6 طلقات نارية مباشرة في جمجمته أثناء جلوسه في سيارته، يوم الخميس الماضي، أمام منزله في منطقة العين بولاية صفاقس جنوب تونس، لاسيما بعد إعلان كتائب عز الدين القسام أنه كان عضوًا لديها.
والزواري هو طيار سابق في الخطوط الجوية التونسية، كان مقيمًا في سوريا، وعاش في منزل والده برفقة زوجته السورية، بعد أن عاد إلى تونس بعد الثورة في 2011م.
واستنادًا إلى ما نشره الإعلام المحلي، فإن القتيل الزواري البالغ من العمر 49 عامًا هو أيضًا رئيس جمعية الطيران في الجنوب، التي كانت تدرب الشباب التونسي على تصنيع طائرات من دون طيار.
استقالته مدير الأمن الوطني
وبعد ساعات من جريمة الاغتيال، أعلن المدير العام للأمن الوطني التونسي عبد الرحمن بلحاج علي، استقالته من منصبه دون ذكر الأسباب، لكن مصادر سياسية تونسية لم تستبعد أن تكون الاستقالة جاءت على خلفية الجريمة، التي قد تكشف لها أبعاد أخرى في الفترة المقبلة.
وبحسب بيان مقتضب لوزارة الداخلية التونسية فإن: “عبد الرحمن بلحاج علي المدير العام للأمن الوطني قدم استقالته لأسباب شخصية”.
وكان المدير العام للأمن الوطني صرح لـ “الإخبارية” التونسية، مساء الخميس، أنه قدم استقالته ولم تتم إقالته، في إشارة إلى أنها جاءت احتجاجًا على قضية ما، وذكر الموقع أن الاستقالة جاءت عقب اجتماع عاصف جمع وزير الداخلية الهادي مجدوب بمدير عام الأمن الوطني عبد الرحمن بلحاج علي.
وتجدر الإشارة الى أن هناك تكتّم شديد من قبل وزارة الداخلية التونسية إلى حين استكمال التحقيق.
تهديدات قبل الاغتيال
وقالت مصادر مطلعة لموقع “الخليج أونلاين”، إن الزواري تلقى في السنوات الأخيرة سلسلة اتصالات تهدد باغتياله، على خلفية نشاطه في صناعة طائرات دون طيار إلى جانب مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، مشيرة إلى جهات أمنية خارجية بتنفيذ عملية الاغتيال، حسب قولها.
أحد رجال “القسام”
أصدرت كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح حركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء اليوم السبت، بيانًا حول حادثة اغتيال مهندس الطيران التونسي محمد الزواري.
ونعت كتائب الشهيد عز الدين القسام في بيان لها المهندس الزواري، واعترفت أنه كان عضوًا في القسام وأحد رواد مشروع طائرات بدون طيار، وأكدت أن الزواري هو أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية، والتي كان لها دورها في حرب العصف المأكول عام 2014م.
وقالت كتائب القسام في بيانها: “بأسمى آيات العز والفخار تزف كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى أبناء أمتنا العربية والإسلامية وإلى كل الأحرار والمقاومين والمجاهدين الشرفاء، شهيد فلسطين وشهيد تونس، شهيد الأمة العربية والإسلامية وشهيد كتائب القسام الشهيد المجاهد القائد القسامي المهندس الطيار / محمد الزواري، الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية الجبانة (يوم 15/12/2016) في مدينة صفاقس بالجمهورية التونسية وحاضنة الثورة والمقاومة الفلسطينية’.
وأضاف البيان: ‘كان القائد الطيار الزواري قد التحق قبل 10 سنوات في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانضم لكتائب القسام وعمل في صفوفها أسوة بالكثيرين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية الذين كانت فلسطين والقدس والأقصى بوصلتهم، وأبلوا في ساحات المقاومة والفعل ضد العدو الصهيوني بلاءً حسنًا، وجاهدوا في صفوف كتائب القسام دفاعًا عن فلسطين ونيابة عن الأمة بأسرها’.
ووجهت القسام تحيات إلى شعب تونس العظيم الذي أنجب هذا القائد البطل، وبرهن في كل المحطات أنه شعب الثوار وشعب المقاومين وشعب الأحرار ووقف على الدوام مع فلسطين وشعبها ومقاومتها.
وتؤكد كتائب القسام على أن عملية اغتيال القائد الشهيد محمد الزواري في تونس هي اعتداء على المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، وعلى العدو أن يعلم بأن دماء القائد الزواري لن تذهب هدرًا ولن تضيع سدى.
ورأت كتائب القسام إن عملية اغتيال الشهيد الزواري تمثل ناقوس خطر لأمتنا العربية والإسلامية بأن العدو الصهيوني وعملائه يلعبون في دول المنطقة ويمارسون أدواراً قذرة وقد آن الأوان لأن تقطع هذه اليد الجبانة الخائنة.
وتدعو كتائب القسام شباب الأمة العربية والإسلامية وعلماؤها إلى السير على خطى الشهيد القائد الزواري والتوجه نحو قضية الأمة قضية القدس والأقصى وفلسطين وبذل الغالي والنفيس في سبيلها من أجل تطهيرها من عدو الأمة الغاصب.
وكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2014 قد كشفت النقاب عن طائرات ‘أبابيل’ التي نجحت في تصنيعها محليا في القطاع المحاصر، ونشرت صورا نجحت هذه الطائرات في التقاطها من النقب وجنوب البلاد.
الاشتباه في 5 أشخاص
وأعلنت وزارة الدّاخليّة التونسية، توقيف 5 أشخاص ‘يشتبه في تورطهم’ في اغتيال الزواري، على يد مسلحين مجهولين، بمدينة صفاقس، دون ذكر هوية الخمسة.
وقال مراد التركي مساعد الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس، إن قوات الأمن حجزت مسدسين اثنين، وجهازين كاتمين للصوت، بالإضافة إلى 4 سيارات.
وأضاف التركي، أنه تم الكشف عن ارتباط أطراف أخرى وأشخاص، يتواجدون حاليًا خارج أرض الوطن، حسب المعلومات الأولية، دون ذكر أسمائهم.
تورط الموساد الإسرائيلي
وأظهر الكيهان الصهيوني تلميحات واضحة حول مسؤوليتها عن اغتيال المخترع التونسي محمد الزواري، خبير صناعة الطائرات بدون طيار، في مدينة “صفاقس” التونسية أول أمس.
وأفاد موقع “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي أن اغتيال الزواري تم بزعم مساعدته للمقاومة الفلسطينية وخاصة حركة “حماس”.
وأضاف الموقع الإسرائيلي أن الصحفي التونسي برهان بسيس قال: إن “محمد الزواري الذي توجه إلى سوريا العام 1991م، قد نسج علاقات مع حركة “حماس” وكان مقربًا منها، وتعاون مع جناحها العسكري (كتائب الشهيد عز الدين القسام) الذي استفاد من مهاراته العلمية ونبوغه، وهو ما لم تعقب عليه الحركة”.
ووفق معطيات من مصادر وصفها بالموثوقة، قال الإعلامي التونسي برهان بسيس إن “العملية يقف وراءها جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي رصده واغتاله أمام منزله في صفاقس”، مشيرا إلى أن الزواري كان تحت رقابة الموساد إلى حين مقتله.
ونقل رونين بريغمان أهم معلقي الشؤون الاستخبارية عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها: “اتهامات السلطات التونسية للموساد بالمسؤولية عن اغتيال الزواري لا تخلو من الصحة”.
وفي حلقة نقاش جرت في مقدمة برنامج “نهاية الأسبوع” الذي بثته قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة الساعة الثامنة من مساء أمس، قال بريغمان: “إسرائيل عادة ما ترد على الاتهامات الموجهة للموساد بتنفيذ عمليات اغتيال بالقول: لا تعليق، لكن ما حدث اليوم مختلف قليلا”.
وتحدثت القناة الثانية الإسرائيلية في نشرتها، مساء السبت، عن فرضية أن هذا الاغتيال لم يحصل كإنتقام على أعمال الزواري التي قام بها في السابق، بل عملية استباقية لإحباط ما ينوي أن يفعله في المستقبل.
وقالت القناة الثانية إنّ الزواري كان يعدّ لمشروع جديد، وهناك من تحدث في غزة عن “طائرات بدون طيار انتحارية”.
الاحتلال صانع الإرهاب
ومن جابنه اتهم وسام العريبي رئيس “جمعية فداء لنصرة القضية الفلسطينية التونسية”، الموساد الإسرائيلي باغتيال الشهيد محمد الزواري قبل يومين، واصفًا الاحتلال بأنه “صانع الإرهاب في المنطقة”.
واعتبر العريبي في تصريح للصحف، اليوم السبت، جريمة الموساد قديمة جديدة، “خاصة أنه تورط في اغتيال عشرات المناضلين الفلسطينيين والعرب بتونس”، وفق قوله.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي اغتال عالِمًا من علماء شعبنا وأمتنا، لكنه لن ينال من الكفاءات العربية.
وشدد على أن الاغتيالات “لن تجعلنا نركع، وسنواصل مقاومتنا”، مطالبًا الوزارات ذات الصلة والبرلمان التونسي باتخاذ مواقف صارمة، وملاحقة الاحتلال في المحافل الدولية.
وتابع العريبي: “الشعب التونسي يزف اليوم مقاومًا من مقاوميه، ولن يكف عن النضال إلا بتحرير كامل تراب فلسطين”.
قوى شيطانية دولية
كما أعلن رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، أمس الجمعة، أن اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري عملية إرهابية تقف وراءها “قوى شيطانية دولية”.
وأعرب الغنوشي في تصريحات صحفية عن أسفه لاستقالة المدير العام للأمن الوطني عبد الرحمن حاج عقب اغتيال مهندس الطيران.