تحل اليوم الذكرى الخامسة لانتحار محمد البوعزيزي مفجر “ثورة الياسمين” التونسية، التي أصبحت الأم الروحية لثورات العرب فيما بعد، وخلال السنوات الماضية قرر العديد من المواطنين إحراق أنفسهم لكنهم لم يتركوا أثرا في نفوس مواطنيهم كما حدث مع “البوعزيزي”.
نظيره المصري يشعل ثورة يناير
بعد 30 يومًا على حادثة البوعزيزي، أشعل مواطن مصري يبلغ من العمر 48 سنة، ويدعى عبده عبد المنعم جعفر، النار في نفسه أمام مجلس الشعب في وسط القاهرة، مرددًا هتافات ضد الشرطة والحكومة، مثل: “أمن الدولة يا أمن الدولة حقي ضايع جوا الدولة”، والسبب رفض المسؤولين منحه حصته من الخبز لمطعمه. وتعدّ هذه الحادثة واحداً من العوامل الكامنة وراء اندلاع ثورة 25 يناير التي أطاحت الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
18 حالة في تونس بعد بوعزيزي لم تغير شئ
أما في تونس التي أشعل فيها انتحار الشاب ” بوعزيزي” شرارة ثورات الربيع العربي، سجلت 18 حالة انتحار بعد الثورة، لكنها لم تحرك الشعوب للثورة مجددًا.
شاب الاسكندرية لم يؤثر في المصريين
وفي 15 أكتوبر الماضي، أقدم شاب مصري على سكب مادة مشتعلة وإحراق نفسه في منطقة كورنيش سيدي جابر أمام أحد الأندية التابعة للجيش شرق الإسكندرية، وقبلها كانت مصر على موعد مع حالات انتحار عديدة.
ولكن هذه الحادثة لم تجذب اهتمامات المصريين سوى على “فيس بوك” و”وتويتر” وبعض الفضائيات.
وأكدت الاختصاصية النفسية والاجتماعية “أسماء كمال”، أن الانتحار قبل أكثر من عامين كان أمرا كارثيا تقوم له الدنيا ولا تقعد وتكتب عنه كل الصحف، أما الآن فقد أصبح أمراً اعتيادياً بعدما منعت سلطات الانقلاب تناوله في الإعلام.
أمر عادي
ويقول الدكتور رشاد عبداللطيف أستاذ علم الاجتماع، أن حالات الانتحار اصبحت أمرًا عاديًا اعتاد عليه المصريون والعالم العربي ولم يعد مؤثرًا، فتكرار الحالة أو الواقعة أو أي أمر تأثيره يختلف عما قبله، فحالة الانتحار منذ 5 سنوات كانت نادرة أما الآن فعشرات حالات الانتحار حرقا حدثت فتحولت لعادة يلجأ إليها كل مظلوم.
وأشار إلى أن الانتحار وسيلة للتخلص من الأزمات النفسية التي يتعرض لها الفرد وفشله في التعبير عما بداخله أو تقديم مظلومية يشكو فيها بالإضافة إلى فشله في إسترداد حقه أو مواجهة من ظلموه سواء في محيط عائلته وعلاقته الاجتماعية أو أمرا يرتبط بقمع من رجال الدولة.
120 حالة انتحار منذ 2013
وبات الانتحار ظاهرة في مصر وازدادت منذ الثالث من يوليو 2013، خصوصا في أوساط الشباب، وحسب التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، فقد بلغ عدد المنتحرين في الثلث الأول من عام 2016 وحده حوالي 120، وذلك في تطور كبير وخطير لم تشهده مصر من قبل، وذلك بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأضافت التنسيقية أن حالات الانتحار تحولت من حوادث نادرة فردية إلى ظاهرة تستحق التوقف عندها ورصدها من قبل قطاعات المجتمع السياسية والدينية من حيث الأسباب وطرق التعامل والعلاج.
ويمثل الشباب النسبة الكبرى من المنتحرين لأسباب، من بينها الظروف المعيشية الصعبة، لكن اللافت انتحار أربعة من جنود الجيش أو الشرطة بسبب سوء المعاملة، وفشل جنود آخرين في ذلك.
وهناك العديد من الشباب العربي أضرموا النار في أنفسهم لكن لم تتفجر ثورات بسببهم
الأردني أحمد روبين
في حادثة لا علاقة لها بالربيع العربي، ولا بالتظاهرات في الأردن، أضرم الشاب الأردني اليتيم أحمد روبين البالغ من العمر 23 سنة النار في نفسه أمام مبنى وزارة التنمية الاجتماعية في عمان، بعد أن رفضت الوزيرة ريم أبو حسان مقابلته. ونقل الشاب إلى المستشفى مصاباً بحروق بالغة انتشرت في 90% من جسمه، وتوفي بعد أقل من أسبوع.
مغربي يحرق نفسه في ألمانيا
أصيب شاب مغربي يبلغ من العمر 36 عاماً بإصاباتٍ بالغة، بعد أن أضرم النار في نفسه على مرأى من المارة في جنوب ألمانيا، بسبب رفض السلطات الألمانية طلب اللجوء السياسي الذي كان قد تقدم به. وقبل إقدامه على إضرام النار في نفسه، كان الشاب قد اتصل بمركز الشرطة في ولاية ساكسونيا في جنوب ألمانيا، وهدد بالانتحار قبيل موعد ترحيله إلى المغرب.
اللبناني توفيق خوام
في ظل التظاهرات التي تشهدها بيروت منذ أغسطس 2015، أقدم العجوز المقعد توفيق خوام البالغ من العمر 87 سنة، على إحراق نفسه تحت جسر البسطا، غرب بيروت، في 19 سبتمبر، بعد أن شرب بنزيناً، وسكب ما تبقى من القارورة على جسمه. والسبب الذي دفعه إلى الانتحار، أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، وخصوصاً مع غياب ضمان عادل ومردود مالي للمقعدين والمسنين في لبنان.