يبدو أن اقتلاع تنظيم الدولة الإسلامية من معقلها في سوريا والعراق أصبح مسألة وقت ليس أكثر، ويتأكد هذا مع تقدم الجيش العراقي والقوات الموالية له في الموصل، وكذلك إعلان التحالف الدولي أن المعركة القادمة والتي قد تكون الأخيرة لتنظيم الدولة ستكون هي معركة الرقة.
فأين تمتد أعين “داعش” على المستوى الجغرافي بعد هذا الاقتلاع الوشيك، وما هي المواقع التي قد يختارها التنظيم لتكون مقرا لدولته؟ وهل اتخذت الحكومات في تلك المناطق المرشحة لتكون مقرا لدولة التنظيم أيا من التدابير الأمنية لمواجهة هذا الاحتمال؟
يرى مسعد خيري الإعلامي والباحث بشؤون الجماعات الإسلامية، أن التنظيم في حال انهزامه وطرد عناصره من سوريا والعراق سيكون أمامه بعض الخيارات منها التشبث بمواقعه في ليبيا والتي لم تحسم المعارك بها حتى الآن، وإن كانت بوادر المعارك في سرت خاصة تشير إلى انهزام التنظيم هناك وفرار عناصره إلى جنوب مدينة “بني وليد” الواقعة جنوب غرب سرت أصبحت ملاذًا آمنًا لعناصر التنظيم الفارين من سرت، وقال إن هذه المنطقة تعد حلقة وصل بين مسلحي التنظيم خارج سرت وداخلها.
أما باقي المناطق التي قد يستطيع التنظيم الانتشار بها داخل ليبيا ستكون ملاذًا مؤقتًا للتنظيم في ظل زحف قوات البنيان المرصوص نحو هذه المناطق تباعًا كما يرى محللون عسكريون، وأقصى ما يمكن التنظيم فعله حيال هذا الأمر بعض العمليات الانتقامية المتمثلة في التفجير عن بعد أو العمليات الانتحارية.
وفي تصريح له، أكد شكري الحاسي الخبير بشؤون الجماعات الإسلامية، أن نهاية إمكانية استقرار التنظيم داخل ليبيا متخذًا من أحد مدنها مقرًا دائمًا لدولة التنظيم كبديل للموصل أو الرقة هو أمر في غاية الصعوبة.
سيناء.. الواقع والاحتمالات
منذ سنوات والجيش المصري يعلن عبر وسائله الإعلامية سواء المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة أو بعض الجهات الرسمية أو القنوات الفضائية أنه يقوم بعمليات عسكرية ما بين الكلاسيكية والنوعية ضد جماعات إرهابية في سيناء عادة ما يطلق عليها الجيش المصري “جماعات تكفيرية”، وهي العمليات التي لم تتوقف، ولم يعلن القائمون عليها عن نهاية مهمتهم في سيناء ضد الإرهابيين، بما يعني استمرار تلك الجماعات التكفيرية في عملياتها ووجودها في سيناء، وذلك على الرغم من بعض الوعود، وكان أشهرها وعد اللواء أحمد وصفي قائد الجيش الثاني الميداني إبان انقلاب الثالث من يوليو أنه سيُسلم النظام سيناء متوضئة من التكفيريين خلال أسبوعيين، ومر الأسبوعان تلو الأسبوعين ولم يفِ القائد بوعده ولم ينهزم التكفيريون.
ومع زيادة العمليات التي يتم تنفيذها ضد أكمنة الجيش المصري في سيناء وخاصة الجنوب منها بدأت المخاوف تزداد خاصة في إعلان تنظيم ولاية سيناء أن عدد عناصره في جنوب سيناء بلغ ألفا وخمسمائة مقاتل أعلنوا مبايعتهم لتنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما جعل سيناء مرشحة لأن تكون المقر الجديد للتنظيم بعد انهزامه المرتقب في سوريا والعراق، فضلاً عن إعلان التنظيم مسئوليته عن تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة.
ويقول المحلل العسكري محمود المنيّر، إن المعطيات على أرض الواقع تقول إن سيناء قريبة من قطاع يسكنه مليونان من البشر تنقطع عنهم سبل العيش ويعانون حصارًا خانقًا من كافة الاتجاهات، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام الشباب خاصة من قطاع غزة للانضمام إلى التنظيم وهي الميزة التي قد لا يفوّت التنظيم استغلالها مستقبل.
ويستطرد: وليس خافيًا على أحد أن الطبيعة الصحراوية لسيناء، فضلاً عن وجود جماعات تعمل بها في سرية تامة منذ سنوات ستكون عاملاً داعمًا لداعش للوجود بسيناء، والتمركز بها في حال غياب التخطيط ووسائل المواجهة من قبل الجيش المصري.
فما هي المؤشرات التي قد تشير إلى فطنة النظام في مصر لخطورة الأمر وما هي جاهزيته تجاه تلك الاحتمالات؟
في تصريح صحفي له قال اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية سابقًا، إن الأداء العسكري للجيش المصري في سيناء متميز، لكن المعركة مع الإرهاب هناك غاية في الصعوبة بسبب استخدام الجماعات التكفيرية بيوت المواطنين بسيناء للاختباء بها بالإكراه – على حد قوله- وإذا أبلغ عنهم المواطن يتم قتله هو وأهله.
إلا أن مصادر قد أشارت إلى أن اعتماد الجيش سياسة التهجير لأهالي سيناء زاد من صعوبة الموقف هناك، حيث خلق هذا التهجير حالة من الفراغ الشاسع لم يستطع الجيش السيطرة عليه، ووجدت فيه ولاية سيناء وغيرها مجالاً للتمركز والتخطيط.