انتقد قانونيون الدعوات التي أُطلقت مؤخرًا بشأن المطالبة بتعديل بعض التشريعات والقوانين الخاصة بالتقاضي، وتعديل بعض المواد الخاصة بحكم النقض وشهادة الشهود وغيرها من المواد الأخرى، معتبرين ذلك ضربًا من الجنون وهدمًا لمنظومة العدالة والتقاضي، واعتداءً على التشريع الجنائي، وهو ما رفضه مجلس الدولة في محاولات سابقة حفاظًا منه علي الجسم القضائي المصري.
واعتبر القانونيون أن هذه المحاولات نوع من التوظيف السياسي واستغلال الأحداث التي يطلق عليها “الإرهابية” الكبرى في أكثر من مرة لإجراء هذه التعديلات، ومحاولات للاسترضاء السياسي تارة كما هو الحال في واقعة تفجير الكنيسة البطرسية مؤخرًا، أو لإطلاق اليد في محاكمات سياسية تارة أخرى، علمًا بأن سبب هذه المشاكل في التقاضي هو الأمن الوطني الذي يربط أكثر من قضية مع بعضها البعض، وكذلك النيابة التي تقبل بهذا، وبالتالي يكون عدد الشهود كبيرًا جدًا مما يستغرق الكثير من الوقت حسب كلام القانونيين.
نوع من العبث
وتعقيبًا على ذلك؛ انتقد المستشار أحمد سليمان – وزير العدل السابق – المحاولات التي تجري الان بشان تعديل بعض التشريعات والقوانين بحجة الإسراع في تنفيذ العدالة وسرعة التقاضي، خاصة في قضايا الإرهاب، ووصف تلك المحاولات بالهدامة لمنظومة العدالة والقضاء المصري.
وقال سليمان : مايجري نوع من العبث ومحاولة لاستغلال الحادث الاخير بشان تفجير الكنيسة البطرسية لاسترضاء الكنيسة والتوظيف السياسي للحدث علي حساب العدالة واحترام الدستور والقوانيين خاصة وانه لا توجد حاجة لذلك وان هناك قضاة يصدرون احكاما بالاعدام في 24 ساعة مدللا علي ذلك بالقاضي سعيد يوسف الذي اصدر حكم العدوة الشهير وقضي باعدام اكثر من 500 شخص.
اضاف سليمان في تصريحات خاصة لـ “رصد”: كان هناك محاولة من المستشار أحمد الزند – وزير العدل السابق – من قبل في هذا الامر ولكن مجلس الدولة رفض ذلك في حينها وقال ان مثل هذه التعديلات التي كانت تشمل الشهود والاحكام الغيابية والنقض علي الاحكام واكد مجلس الدولة علي ان هذه الاجراءات مخالفة للدستور وتهدر كافة ضمانات المحاكمة العادلة ومخالف لكافة الانظمة القضائية
وتابع: ربما يتم اجراء هذه التعديلات في هذا التوقيت حيث ان البرلمان الذي سيقوم بهذه التشريعات في خدمة النظام تماما ولا يستطيع مقاومة او رفض اي مقترحات قوانيين، خاصة ان هذا المجلس هو صنيعة النظام والجميع يعرف كيف جاء وهناك الاغلبية الكاسحة التي تتماهي مع النظام وتوافق علي مشروعات قوانيين تطرحها الحكومة، وبدلا من محاسبة وزير الداخلية وتقصيره في مهام عمله يسعي الي تعديل قوانيين تقضي علي منظومة القضاء .
ضرب من الجنون
ومن جهته قال أحمد حلمي – المحامي وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين – إن محاولات تعديل بعض القوانين والتشريعات الخاصة بالتقاضي خاصة ما يمس شهادة الشهود – هو بمثابة ضرب من الجنون، وأنه يهدم الفكر الجنائي؛ لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إدخال مثل هذه التعديلات، سواء ما يخص شهادة الشهود التي هي الأصل في التقاضي وصدور الحكم، وتحديدًا ما يقال حول تحديد عدد الشهود.. فهذا مرفوض؛ لأن أي شهود للواقعة قيد التحقيق لابد من سماعهم.
ورفض حلمي – في تصريحات خاصة لـ”رصد” – ما يقال حول التعديلات التي تخص محكمة النقض، خاصة ما يمس الشكل او الاجراء مشيرا إلى ان محكمة النقض في الاصل محكمة إجراءات بالدرجة الاولى لضبط سير التقاضي ولتعليم القضاة كيفية ضبط وأحكام عملية التقاضي، وإصدار الأحكام، واللجوء للموضوع أمام النقض عندما تدرك أن هناك خللًا في الإجراء لم يتم تصويبه في النقض الأول، وبالتالي ما يثار حول هذا الموضوع يضر بعملية التقاضي ومنظومة العدالة.
ولفت حلمي إلى ان محاولات التعديل بدأت منذ وقت مبكر، وان مجلس الدولة رفضها دفاعا عن منظومة التقاضي والعدالة ولكن كلما حدث شئ جديد وحدث كبير تتجدد المطالب كل مرة، وهذا نوع من محاولات الاسترضاء خاصة في واقعة تفجير الكنيسة الأخير، وكذلك محاولات توظيف الحدث، مشيرا إلى ان التشريعات الحالية كافية تماما لكن المشكلة في أداء أمن الدولة والنيابة، حيث يتم التعامل مع عدة قضايا كقضية واحدة وفي وقت واحد، مما يؤدي إلى ارتفاع عدد الشهود أو حدوث خلل في الإجراءات.