“مصر تسلك مسارًا اقتصادًيا جديدًا”.. كان هذا عنوان مقال نشرته وزيرة التعاون الدولي سحر نصر في صحيفة ” وول ستريت جورنال” الاقتصادية تناولت فيه بعض الخطوات الاقتصادية التي تنتوي القاهرة اتخاذها لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تكاد تعصف بالبلاد، ويبدو أن وزيرة التعاون الدولي أرادت أن تبعث برسالة اطمئنان للمستثمرين الأجانب الذين عزفوا عن الاستثمار في مصر منذ سيطرة الجيش على مقاليد الحكم في الثالث من يوليو ٢٠١٣م، بعد الإطاحة بالرئيس مرسي.
ومن الخطوات التي أبرزتها الوزيرة في مقالها المنشور، في نوفمبر الماضي، أن الدولة تعتزم ترشيد دعم الطاقة وتوسيع القاعدة الضريبية وبيع حصص في شركات وبنوك حكومية.
وجاء إعلان الوزيرة عن هذه الإجراءات في وقت لم يلحظ فيه الشعب بوادر لنجاح الحكومة في معالجة مشكلات اقتصادية بسيطة، فضلاً عن المشكلات الأهم والأعمق، وهو ما أضعف الثقة بين الحكومة والشعب، ومن قبلهم الخبراء والمحللين الاقتصاديين.
تفريط في الأصول
يرى أحمد مطر رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية أن هذه الإجراءات – في حال اتخذتها الحكومة- لا تعكس سوى نية الدولة في الاستمرار في سياسات اقتصادية فاشلة تزيد من معاناة المصريين معتمدة على البيع والاستدانة، وهما طريقان لن يزيدا الاقتصاد المصري سوى انهيارًا على حد قول مطر.
وتابع، للأسف الشديد بهذه السياسة الاقتصادية ستغرق مصر في مزيد من الأزمات، حيث سيتفاقم ضعف معدلات النمو وتزيد البطالة وينخفض دخل الفرد، إضافة إلى ما سيؤدي إليه التفريط في الأصول من ضعف لقوى الدولة المادية، وإهدار لثروات هي ملكية خالصة للأجيال المقبلة”.
كما حذر مطر من أن بيع المرافق العامة سيؤدي إلى “عدم السيطرة على إدارتها، وبالتالي ارتفاع أسعار خدماتها ومن ثم أسعار كل ما هو معتمد على تلك الخدمات، وهو الذي سيزيد من معاناة الشعب المصري وخاصة الطبقات الفقيرة”.
من جانبه رأى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن وزيرة التعاون الدولي المصرية تخاطب بهذه الإجراءات الجهات الداعمة لمصر مثل صندوق التقد الدولي والبنك الدولي وكذلك شركاء مصر الدوليين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
الفشل هو المبرر الوحيد
وفي حديث للصحفي عمرو الأبوز المتخصص في الشأن الاقتصادي أدلى به لموقع الجزيرة في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي، قال: “كثير من الدول نجحت في خصخصة المرافق العامة والخدمات إلى حد بعيد” مضيفًا “لا مشكلة في أن تتخلى الدولة عن إدارة قطاع ما طالما أنها فاشلة في ذلك، المهم أن يكون ذلك مصحوبًا بإجراءات تحافظ على الأمن القومي”.
وأشار في حديثه إلى “ضرورة التزام الشركات التي ستتولى تلك المرافق بتوسيع خدماتها وتنويعها، وحصول المواطن على خدمات جيدة بأسعار مناسبة” على أن تتضمن التعاقدات خططًا لتطوير الخدمات وشروطًا “تسمح بتدخل الدولة في إدارة تلك الخدمات أوقات الطوارئ أو عند مخالفة الشركة لبنود الاتفاق”، مشيرًا إلى أن قطاع المرافق العامة بمصر هو “الأسوأ على الإطلاق ويُكبد الدولة خسائر طائلة”.