بعد ساعات قليلة من مغادرة عبدالفتاح السيسي أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، وإعلان العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، أنه سيقوم بجولة خليجية تبدأ من الإمارات، الأمر الذي يشير إلى احتدام الأزمة بين البلدين وهو ما أكدته مصار مقربة من الجانبين.
الأزمة أكبر من لقاء
مصادر سياسية مصرية في القاهرة، مقرّبة من السفير السعودي في مصر أحمد القطان، أن “الأزمة بين البلدين أعقد من إمكانية حلها بلقاء بين عبد الفتاح السيسي، والملك سلمان بن عبد العزيز، على هامش العيد الوطني لدولة الإمارات”.
وأوضحت المصادر نفسها، في تصريحات صحفية، أن “هناك رفضًا سعوديًا تامًا لأي تحسن في العلاقات تجاه النظام المصري، يقوده ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”، معتبرًا أن ما حدث مع المملكة في مسألة جزيرتي تيران وصنافير يعدّ “خداعًا متعمّدًا للعاهل السعودي”، الذي زار القاهرة مطلع شهر أبريل، ووقّع عددًا من الاتفاقات التي كان في مقدمتها تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير، في مقابل مساعدات اقتصادية سعودية، وشملت المساعدات تزويد مصر بمشتقات بترولية، واستثمارات مباشرة، ووديعة في المصرف المركزي لدعم الاحتياطي النقدي. لكن مصر أوقفت تسليم الجزيرتين في أعقاب تظاهرات غاضبة، وتحركات قضائية قام بها معارضون مصريون أسفرت عن حكم قضائي بوقف الاتفاقية”.
وأضافت المصادر، أنه “من المرجّح أن تكون تلك التحركات قد ساهمت جديًا في قرار السعودية بوقف إمدادات المشتقات البترولية عبر شركة أرامكو، التي يسيطر عليها ولي ولي العهد”، ووفقًا للمصادر نفسها فإن “قرار وقف المشتقات البترولية كان سابقًا لتصويت مصر لصالح القرار الروسي بشأن حلب في مجلس الأمن، الذي أثار غضب المملكة وقتها وتسبب في تزايد التوتر في العلاقات بين البلدين”.
إقالة شكري وتسليم الجزيرتين
وبحسب المصادر، فإن “الأمير محمد بن سلمان اشترط تنفيذ اتفاق الجزيرتين، قبل اتخاذ أية خطوة نحو تصحيح العلاقات بين البلدين”، مشددة على أن “الأمير الشاب كان يراهن على تقديم نفسه للمجتمع السعودي، بشكل مختلف بعد تسلم الجزيرتين، واستغلالهما في زيادة أسهمه”.
ولفتت المصادر، أنه حاول عدد من الشخصيات العربية البارزة تأدية دور الوساطة في تقريب وجهات النظر، إلا أن هذه المحاولات قوبلت بالرفض من جانب الأمير السعودي.
ونوّهت إلى أن “من بين الشروط التي طرحها بن سلمان خلال المحاولات التي قامت بها العديد من الشخصيات العربية، إقالة وزير الخارجية المصري سامح شكري، من منصبه، نظرًا لمواقفه المضادة للمملكة”، مع العلم بأن كلاًّ من الإمارات والبحرين تسعيان لوقف التوتر في العلاقات بين السعودية ومصر، ورأب الصدع بينهما.
موقف شبه رسمي لمصر
وعلى الجانب الأخر ، كتب المقدم أحمد شعبان مدير مكتب اللواء عباس كامل، المعروف في الأوساط الإعلامية المصرية بأنه المحرك الأساسي للأذرع الإعلامية، في مقال له نشرته صحيفة “اليوم السابع”، المحسوبة على النظام، تحت اسم مستعار “ابن الدولة”، أن مصر لا يمكن أن ترضخ لرغبات قوى عربية أخرى، تحت ضغط المساعدات والإعانات.
وقال، في أول رد فعل شبه رسمي عبر مقاله، إن “مواقف مصر تنطلق من رؤيتها ومصالحها وأمنها القومي وأمن المنطقة، وهو موقف لا يقبل التلاعب، وتثبت النتائج الحالية صحة الموقف المصري وبعد النظر في التعامل مع القضايا في سورية وليبيا”.
وأضاف “الموقف هو الحفاظ على وحدة سوريا وحقن دماء الشعب السوري، ورفض وجود التنظيمات الإرهابية التي أسهمت في إشعال الفتن والنيران في المنطقة، وتريد أن تكون طرفًا في عملية سياسية لفرض أمر واقع للإرهاب، وهو أمر يضر بالأمن القومي المصري والعربي ويفتح الباب لمزيد من التوتر والارتباك والفتن، وهي ضغوط لم توجد في السابق”.
كما شدد على أنه “لا يمكن لمصر أن تقايض قرارها بمساعدات أو معونات أو قروض مشروطة، وتحرص على إنجاز التنمية المستقلة بالاستغناء والترشيد، ولا يمكن أن تغير مواقفها تحت أي ضغط، وفي نفس الوقت تحرص مصر على علاقاتها مع الدول العربية جميعاً، ولا تحاول فرض وجهات نظرها، كما أنها تنبه دومًا إلى خطورة التحالف أو تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية، التي قامت كمخالب للدول والمصالح الكبرى وليس من أجل صالح الشعب العربي”، على حد وصفه.