أدان تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” الأميركية إقرار البرلمان المصري مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي اعتبره التقرير شهادة وفاة لهذه المنظمات.
وقالت الوكالة إن البرلمان المصري أقر يوم الثلاثاء الماضي قانونًا جديدًا خاصًا بالمنظمات الأهلية، يعطي الأجهزة الأمنية صلاحيات موسعة لمراقبة تمويل وأنشطة الجمعيات غير الحكومية والمجموعات الحقوقية.
وأدانت المنظمات الحقوقية القانون الجديد واصفة إياه بأنه أكثر القوانين قمعًا للمجتمع المدني منذ عقود، بحجة أنه سيغلق العديد منها، فيما يؤكد مؤيدو القانون أنه ضروري من أجل الحفاظ على أمن البلاد، لكن منتقديه يقولون إنه من شأنه أن يوسع حملة القمع ضد المعارضة تحت حكم عبدالفتاح السيسي.
ووفقًا للقانون فإن من ينتهكون القواعد الصارمة سيكونون عرضة للسجن لمدة خمس سنوات والغرامات الباهظة التي قد تصل إلى مليون جنيه مصري، وأيضًا يتوجب على هذه المجموعات الحصول على إذن من الدولة لكي تحصل على تمويل أجنبي أو تبرع محلي يزيد عن 10.000 جنيه أو تخصيص مقر رئيسي لها أو تنفيذ الأبحاث والدراسات الاستقصائية.
وسيتم منح هذه التصريحات عن طريق هيئة رقابية جديدة مكونة من العديد من الهيئات الحكومية والأجهزة الأمنية؛ مثل الاستخبارات ووزارتي الدفاع والداخلية، وستجد المجموعات الحقوقية التي تكافح ضد انتهاكات الشرطة وتدافع عن حرية التعبير نفسها مضطرة للسعي من أجل الحصول على تصريح من أجهزة أمنية دقيقة، دائمًا ما تنتقد هذه المنظمات ممارساتها.
ويقول محمد زارع – مدير معهدالقاهرة لحقوق الإنسان، أقدم مجموعة حقوقية بالبلاد -: “ستكون هناك مذبحة للمجموعات الحقوقية والمنظمات الأهلية”، وتتعرض المجموعات الحقوقية منذ الإطاحة (بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك) – على حسب توصيف الوكالة – لحملة أمنية مشددة، فيما أطلقت أجهزة الإعلام الرسمية حملة مكثفة متهمة إياهم بإشعال عدم الاستقرار، والقيام بدور الطابور الخامس للدول الغربية من أجل تنفيذ أجندات غربية، وبانتخابه رئيسًا في 2014، بعد قيادته للإطاحة العسكرية للرئيس الإسلامي محمد مرسي – على حسب توصيف الوكالة – لم يقتصر قمع السيسي فقط على الإسلاميين المعارضين، بل امتد إلى منتقدي سياساته من العلمانيين.
ويعلق محمد زارع على إعادة المحكمة النظر في قضية منظمات المجتمع المدني التي تعود إلى 2011 بأن هذه التحقيقات سوف تنهي منظمات المجتمع المدني الموجودة في البلاد، بينما سيغلق القانون الجديد الباب لظهور منظمات أخرى.
ويؤكد التقرير أن تأثيرات القانون الجديد ستمتد إلى ما هو أبعد من المنظمات الحقوقية؛ حيث ستخضع 50.000 منظمة أهلية للرقابة الشديدة تغطي مجالات عدة من القضايا المتعلقة بالتنمية والصحة إلى العمل مع المجتمع المحلي والمنظمات الخيرية.
وتعبر المجموعات الحقوقية عن قلقها من أن مواد القانون الغامضة من الممكن أن تستخدم لوقف أي نشاط لا توافق عليه الحكومة مثل المادة التي تنص على منع المنظمات والجمعيات من ممارسة أي أنشطة تضر بالوحدة الوطنية والأمن القومي والنظام العام والأخلاق العامة، في حين تنص مادة أخرى على أن تتسق الخدمات التي تقدمها المنظمات الخيرية مع أجندة التنمية للدولة.
ويشير التقرير إلى الإدانة الدولية التي لاقاها القانون؛ حيث وصفت منظمة العفو الدولية القانون بأنه شهادة وفاة للمجموعات الحقوقية، وحثت السيسي بعدم التصديق عليه، في حين قالت الأمم المتحدة إن القانون يحول منظمات المجتمع المدني إلى “دمى حكومية”، وقالت “ماينا كاي” المقرر الخاص لحق التجمع السلمي بالأمم المتحدة: “إن القانون ينتهك قوانين المجتمع الدولي، ويتعارض مع الدستور المصري”.