حذر خبراء اقتصاديون من انتشار ظاهرة التعامل بين المواطنين المصريين بالدولار، الأمر الذي يهدد سوق العملة، ويفقد الثقة في الجنيه المصري، ويمثل ضربة قوية له، ويجهض كل محاولات استعادته لعافيته.
ففي الآونة الأخيرة تم رصد ظاهرة مقلقة تعكس عدم ثقة المواطنين في عملتهم المحلية، وتتمثل في تعامل بعض المواطنيين بالدولار خلال معاملاتهم المالية، خاصة في الأحياء الراقية وتحديدًا في حي الزمالك؛ حيث اتجه كثير من المواطنين والأهالي العاملين في مجال العقارات إلى تحصيل الأقساط والبيع والشراء في الوحدات السكنية والأراضي والسيارات بالدولار الأميركي بدلاً من الجنيه المصري.
والأمر نفسه في المنتجعات التى يملكها رجال أعمال، مثل منتجعات أرابيلا المملوكة لصهر جمال عبد الناصر “أشرف مروان”، والجولف المملوكة لصهر حسنى مبارك، وغيرهما في القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد والمدن الجديدة، تقوم بتحصيل إيجاراتها بالدولار.
تهديد للجنيه
وفي تعليقه على هذه الظاهرة قال أستاذ الاقتصاد د. عبد المطلب عبد الحميد – الرئيس السابق لأكاديمية السادات – إن هذا التعامل يمثل تهديدًا للجنيه المصري والعملة المحلية، ويجب منعه فورًا، خاصة وأن تشريعات البنك المركزي تمنع ذلك، كما أن الجنيه – بحسب رأيه – لم يصل بعد للانهيار وإنما بدأ يتعافي، وسوف يحتاج إلى بعض الوقت لاستعادته عافيته.
وأضاف عبد المطلب – في تصريحات خاصة لـ”رصد” – أن هذا الامر ربما يكون مقبولا بعض الشيء، لو أن هناك غير المصريين الذين يتعاملون بالدولار داخل مصر، سواء كانوا عربًا أو أجانب؛ لأن هذا يعد موردًا جديدًا للدولار، أما أن يتعامل به المصريون فيما بينهم فهذا مرفوض بالطبع؛ لانه يعطي انطباعًا بعدم الثقة وخاصة بعد تعويم الجنيه مؤخرًا، وإن كان هذا التعامل موجودًا قبل التعويم إلا أنه ازداد بعض الشئ في الفترة الأخيرة.
تراجع الثقة
ومن جهته أكد الخبير الاقتصادي أحمد خزيم أن هذا التعامل يعكس مؤشرًا خطيرًا وهو عدم ثقة المصريين في عملتهم الوطنية، خاصة بعد تراجع الجنيه أمام الدولار إلى معدلات غير مسبوقة، وهذا مرده إلى السياسات الاقتصادية الفاشلة، وعدم وجود رؤية اقتصادية واضحة واستراتيجية وذات أهداف على مدى زمني محدد، فضلاً عن انتشار الفساد وسيطرة رأس المال ورجال الأعمال على الاقتصاد المصري.
وتابع خزيم – في تصريحات خاصة لـ”رصد” – أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يلجا المواطن إلى التعامل بغير عملة بلده إلا إذا اضطر إلى ذلك، ولو كانت هذه العملة لها قيمتها ومحتفظة بكيانها أمام العملات الأخرى ما لجا إلى التعامل بالدولار وغيره.
وأكد أن تعويم الجنيه هو السبب وراء انتشار هذا الأمر؛ فقد كانت التوقعات تقول باستعادة الجنيه لعافيته عقب التعويم نظرًا لاختفاء السوق الموازية، إلا أن ذلك لم يحدث؛ بل إن الجنيه بعدما استقر عدة أيام عند سعر 16 و17 جنيهًا أمام الدولار إذا به يقفز مرة أخرى، وبالتالي عادت السوق الموازية، وكل هذا يؤثر – حتمًا – على الثقة في الجنيه وقيمته.