لم يختلف تعامل النظام الحالي مع أهلي النوبة عن تعامله مع أي ملف آخر يمثل معارضة لقراراته وسياساته، فعلى الفور استخدم نظام السيسي العنف ضد أهالي النوبة الذين اعترضوا على قرارة ببيع أراضيهم.
وكان عدد من النوبيين قد تم منعهم من قبل قوات وأجهزة الأمن للعبور من مدينة أسوان باتجاه منطقة توشكى جنوب أسوان بهدف الاحتجاج على طرح الحكومة لأراضي توشكى للاستثمار، وذلك بعد مطالبة النوبيين بتخصيص هذه الأراضي للنوبيين باعتبارها من الأراضى التاريخية لهم.
دعا النوبيون، السبت الماضي، إلى تنظيم هذه القافلة، للمرة الثانية متوجهين بها إلى منطقتي توشكى وخورقندي، التي يرفضون طرحها ضمن أراضي مشروع المليون ونصف المليون فدان، مؤكدين أحقيتهم بتلك الأراضي السياحية المميزة مرتفعة الثمن، حيث تقع على ضفاف بحيرة ناصر، لكن قوات الأمن اعترضت طريق القافلة، ومنعتها من التوجه إلى خورقندي وتوشكى، على الرغم من مشاركة المئات من أبناء النوبة فيها.
شكا عدد ممن منعتهم قوات الجيش من الانخراط في القافلة، والتوجه إلى أراضي توشكى، من إطلاق الرصاص العشوائي، عليهم من قبل قوات الجيش، ما أصاب عددا منهم بإصابات بالغة.
الأمن يطلق النار على أهالي النوبة
يقول أحد المصابين، يدعى شعبان عبدالباسط، إنه ذهب لمشاهدة مباراة الأهلي والإنتاج الحربي، لكنه فوجيء بإطلاق النار عليه من قبل القوات المسلحة والشرطة العسكرية، بدعوى أنهم نوبيون، وأن هناك عددا من النوبيين “عامل اعتصام”.
وتساءل شعبان: “يعني خلاص.. أي نوبي تضربوه في الشارع، هو إحنا كلاب، والا ايه.. أنا كنت أحب الجيش المصري بس بعد الموقف ده.. لا تعليق”.
وأضاف: “ضربونا بذخيرة حية زي ما بيضربوا أهالي سيناء، وزي ما بيعملوا في سيناء، بقتل الأطفال والنساء، برضه بيعملوا في النوبيين.. مش عارف ليه؟ القوات المسلحة المصرية تعمل فينا كده ليه؟”.
وقال مصاب ثان، يدعى محمد ربيع السيد علي: “كنا نازلين لمشاهدة المباراة سويا فتعرضنا لإطلاق نار عشوائي، فأصيب احد الاشخاص ، وعندما توجهت لإسعافه، أصبت أنا أيضا، فسارع صاحبنا محمد بنقلنا إلى مستشفى التأمين الصحي، الذي رفض استقبالنا.
عوض عبدالظاهر، ناشط نوبي وأحد القيادات النوبية، قال إن قوات الأمن أطلقت وابلاً من الرصاصات النارية على الشباب النوبي المعتصم بتوشكى، وأصابت ثلاثة منهم.
وأكد “عبدالظاهر” في تصريح صحفي، أن هؤلاء الشباب كانوا يمسكون الطبول ويغنون أغاني نوبية تتحدث عن الحضارة والأراضي النوبية. وأشار الناشط النوبي، إلى أن قوات الأمن ضخمت الأمر، والنوبيين كانوا لا ينتوون الاعتصام، وكان الغرض الأساسي وقفة سلمية بالطبول في أراضي النوبة الأصلية بتوشكى وأبو سمبل.
وأوضح أن الأمر بدأ بعد أن قام عدد من النوبيين بتأجير ثلاثة “ميكروباصات”، بها نساء وأطفال وشباب، لتوصلهم إلى توشكى لعمل وقفة ثقافية وسلمية بالطبول للمطالبة بحق النوبة في استرجاع أراضيها.
وأشار إلى أن تلك الوقفة كان مقررًا لها 5 نوفمبر الماضي، لكن قوات الأمن طلبت تأجيلها، لحين الانتهاء من تظاهرات 11/11 “ثورة الغلابة”، لكنهم تفاجأوا باعتراض قوات الأمن لهم وقطعت عليهم الطريق ومنعتهم من الخروج، هذا الأمر دفعهم للاعتصام.
ولفت الناشط النوبي، إلى أن القافلة جاءت ردًا على قرار التخصيص الذي صدر مؤخرًا في إطار مشروع استصلاح المليون ونصف فدان؛ حيث أكدت خرائط التوزيع ضم منطقة “فرنقد” النوبية.
إعلام السيسي يحاول التهدئة
وفي المقابل حاول أعلام السيسي تهدئة أهالي النوبة والإشادة بهم والتأكيد على حقوقهم مع مطالبة الدولة بتنفيذ هذه الحقوق.
وأكد مقدم البرامج عمرو أديب دعمه لأهل النوبة، وحقهم في العودة إلى أراضيهم التي هجروا منها من أجل بناء السد العالي.
وأضاف أديب خلال تقديم برنامج “كل يوم” المذاع على قناة “ON E”: “آن الأوان أن تأتي إدارة مصرية ترد لهذه الناس حقهم وتعيدهم إلى أرضهم.
وتابع أديب: “الأراضي كثير، وشركة الريف المصري تاخد أي أرض أخرى، لكن أرض أهل النوبة ترجع لهم، دا احنا نلم فلوس ونشتريهالهم.
وعلق مقدم البرامج مصطفى بكري في مداخلة مع “أديب”: “الناس انتظرت كثيرا، لكن ما استفزهم هو الإعلان عن ضم منطقة معوفة وهي القرية المعروف انها حق لأهل النوبة، لمشروع المليون ونصف الذي أعلنت عنه شركة الريف المصري، ما استفز مشاعرهم”.
واضاف بكري : أهل النوبة متفاهمين ومقدرين أوضاع البلد لأبعد حد، ولم يهتفوا قط ضد الدولة أو ضد الرئيس، بل عندما ذهب اليهم برفقة مجموعة من النواب هتفوا لعبد الفتاح السيسي.
وأشار بكري إلى أنه ناشد رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال للتدخل وحل الأزمة، متابعا: أن أوضاع النوبة مزرية وأزماتها كثيرة وشبابها عاطل، ويجب التعامل معهم بكياسة، موضحا أن تصرف الدولة معهم غير رشيد.
واكد مقدم البرامج أحمد موسى، خلال تقديمه حلقة أمس من برنامج “علي مسئوليتي” المذاع علي فضائية “صدي البلد”، أن القضية النوبية، والمطالبة بحق العودة إلي أراضيهم عقب التهجير لا تحتمل اللعب فيها، ولابد من تقديم اي شيء حتي يرضي اهل النوبة.
وطالب المحافظ والقيادات الأمن، والمسئولين، التدخل ومصالحة أهل النوبة، لأن قطع الطريق والمظاهرات تؤثر علي السياحة
ومن جانبها نددت الإعلامية جميلة إسماعيل، باعتراض قوات الأمن للقافلة النوبية المتجهة إلى فورقندى توشكى، للاحتجاج على انضمام الأراضى النوبية إلى مشروع المليون ونصف المليون فدان.
وقالت عبر “فيس بوك”: “أين الحوار المجتمعي بين الدولة وساكني الأرض والذي يسبق صدور أي قرار مصيري مفاجيء مثل بيع أراضي النوبة لمستثمرين؟”.
وتابعت: “على ماذا تراهن الدولة؟ ما مرره الأجداد في الستينيات لن يمر بالضرورة بلا فهم وتفاهم وحوار مع الأحفاد، قافلة العودة النوبية”.