في ظروف اقتصادية غير مستقرة، شهد سوق المال في الأسبوعين الماضيين ارتفاعًا و مفاجئًا في سعر الدولار، فقد وصل إلى مستوى 18.5 جنيه للدولار خلال أكتوبر الماضي، مرتفعًا من 8.5 جنيه أمام الدولار، فى أكتوبر 2015م، إلا أن هبط مجدد ووصل إلى 15 جنيع بعد قرار تعويم الجنيه المصري، والذي نص على ترك أسواق الصرف تحدد قيمة سعر الدولار في مصر بدون رقابة، أي وفقًا لمبدأ العرض والطلب، وتراجع الدولار 7 جنيهات خلال الشهر الجاري.
فيما رأى خبراء اقتصاديون أن ارتفاع العملة الصعبة قادم مجددًا خاصة مع فقر المصادر الدولارية في مصر، مع توقعات باهدار مليارات صندوق النقد المرتقب استلامها في مشروعات غير مدرة.
وشهد اليوم سعر الدولار تراجعًا في أكبر 5 بنوك بالقاهرة، نحو 15 قرشًا مقارنة بالأسعار المسجلة أمس، ليسجل 16 جنيهًا للشراء وما بين 16.25 إلى 16.50 جنيه للبيع، ولهبوط الدولار أمام الجنيه عدة أسباب والتي منها.
البداية “مبادرة عدم الاستيراد”
تحالف أغلبية أعضاء اتحاد الغرف التجارية مع الحكومة، وأقروا وقف التعامل بالدولار وترشيد استيراد السلع الاستهلاكية المعمرة لمدة 3 أشهر، واقتصار الاستيراد على السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج فقط.
و من الأسباب أيضًا، أنباء إتمام صفقة تبادل للعملة بين مصر والصين، تقدر بـ2.7 مليار دولار، واقتراب الحكومة من الحصول على قرض الـ 12 مليار دولار، من صندوق النقد الدولي.
ويقول مصدر باتحاد الغرف التجارية – رفض ذكر إسمه – “إن رجال الأعمال تلقوا تهديدات تنذر بالخطر على تجارتهم وأموالهم في البنوك، وأجبروا على التوقف عن الاستيراد بشكل كامل”، لافتًا إلى أن الأمر اقتصر على 60 رجل أعمال من أباطرة الاستيراد.
غلق شركات الصرافة
أغلقت شركات الصرافة المصرية وتمت ملاحقة أصحابها، بعد التأكد من ممارسة نشاطهم خارج الإطار المكتبي المعلن، وتمت مصادرة أموال عشرات الشركات.
التعويم
و من أبرزالأسباب قرار البنك المركزي قرر فى 3 نوفمبر الجارى تحرير سعر الصرف، وإعطاء مرونة للبنوك العاملة فى مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية، وإنهاء تمامًا السوق الموازية للنقد الأجنبى، ويبدو الآن أننا بالفعل فى الطريق للقضاء تمامًا على السوق الموازي الذي يشهد تعاملات محدودة مقارنة بما كان يتم فى السابق.
قرض صندوق النقد
وأكد الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن مجرد موافقة صندوق النقد الدولي بمنح القروض لمصر هبط الدولار، وفور وصوله سيصل الدولار إلى 12 جنيه.
وقال “الفقي”، في تصريح خاص لـ”رصد” إنه من المقرر أن تبدأ الدولة بإقامة مشروعات استثمارية جديدة تغني عن سياسة الاستيراد التي من خلالها ستوفر ملايين الدولارات التي كانت تنفق على السلع الترفيهية.
وشدد الفقي، على ضرورة أن تعمل الدولة على إجراءات ضبط منظومة الدعم وإلغاء الدعم كاملا من غير المستحقين حتى يقل عدد من يحصلون على الدعم وتزداد قيمة الدعم الذي يحصلون عليه، مُشيرًا إلى أن الدعم سيصل إلى 35 جنيها للفرد في البطاقة التموينية بعد حذف غير المستحقين.
عاملان ينذران بعودة ارتفاع الدولار
وحدد الدكتور أحمد سعد أستاذ التمويل، عاملان ينذران بفشل إجراءات النظام المصري على الصمود كثيرا أمام الدولار.
إهداره الأموال في مشروعات فاشلة
وحذر سعد في تصريح لرصد، من تكرار تنفيذ مشروعات مكلفة وغير فعالة مثل ما حدث مع مشروع تفريعة قناة السويس الجديد التي كلفت الدولار نحو 10 مليار.
فقر المصادر الدولارية ينذر بعودة الارتفاع
وتوقع الدكتور أحمد سعد أستاذ التمويل في تصريح لرصد، عودة موجة ارتفاع الدولار بعد شهور قليلة خاصة وأن سياسة الحكومة الاقتصادية فقيرة الموارد الدولارية على حد قوله.
وأضاف سعد:” فقر المصادر الدولارية سيصد هذا الهبوط ولن تستطيع الإجراءات المؤقتة من وقف الاستيراد وغلق شركات الصرافة والتعويم الإبقاء على تلك الحالة كثيرة.
وتابع:” إن مصادر الدولار ذات فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، إلى جانب المساعدات والمنح والودائع من دول الخليج وكل هذة المصادر في حالة شلل خاصة قطاع السياحة الذي من المتوقع أن يستمر طويلا”.