بعدما تعالت أصواتهم في الميادين وكانوا نجوم برامج “التوك شو”، وابتكروا شعار “الثورة مستمرة”، تخلى الليبراليون بعد فترة اختفاء كاملة عن الفقراء، إذ أعلن عددٌ منهم رفض المشاركة في مظاهرات 11 نوفمبر المرتقبة، والتي أطلق عليها “ثورة الغلابة”، بالتزامن مع دعوات البرادعي لتوحيد الصف.
وقالت الناشطة السياسية أسماء محفوظ، في تدوينة عبر حسابها بـ”فيس بوك”: “النظام فاضله شوية وياخد الناس من البيوت وينزلهم 11/11 بنفسه، وهيشتم اللي ضد المشاركة في اليوم” .. مضيفة: “حوارتكم فكسانة أوي يعني”.
وعلق الدكتور مصطفى النجار قائلًا: “الداعي الأساسي ليوم ١١/١١ المزعوم هو النظام وأبواقه الإعلامية .. الصورة واضحة والأهداف أيضًا معروفة .. فليفكر من يراد لهم إكمال مشهد عبثي ألا يقعوا فى الأفخاخ المنصوبة لهم، هذا مرادهم وهذا يومهم … نقطة ومن أول السطر” حسب تعبيره.
فيما رفض تامر وجيه – الباحث والقيادي الاشتراكي – تلك المظاهرات قائلًا: “اللي ينفع يدعو لمظاهرات واسعة النطاق (في البلد كلها)، أو لإضراب عام، أو لفاعلية شبيهة في مستوى الحجم والتأثير، لازم يكون شخص/قوة سياسية/تحالف قوى سياسية ذو تأثير جماهيري واسع جدًا: شخص مثلًا زي غاندي أو مانديلا، أو قوة/تحالف زي حزب الوفد أيام عزه قبل 52 أو المؤتمر الوطني الأفريقي قبل سقوط حكومة الفصل العنصري في مطلع التسعينات، لكن لما حد أو قوة بلا وزن معروف (أو بلا وزن أصلاً) تعمل دعوة زي دي، فده في رأيي استهتار سياسي، خصوصًا لما يكون غير مصحوب بأي شرح أو تحليل للآثار المحتملة للحدث أو لما هو المطلوب فعله غير (وبعد) الاحتجاج غير المنظم.
والتعامل المناسب مع دعوات من مثل هذا النوع في رأيي ليس تأييدها، ولا حتى رفضها باعتبارها دعوة مسئولة يناقش القائمين عليها بموضوعية، وإنما تحليل أسباب انتشارها، ومواصلة العمل الجاد اللي المفروض يركز على التعامل الجاد مع النقص الأول والأكبر وسط كل المحسوبين على الثورة، وهو النقص في التماسك السياسي والترابط التنظيمي، يعني بتعبير آخر: محاولة تعويض نقص البديل السياسي الناضج” حسب رأيه.
غنيم : لا أعرف شيئًا
وفي منشور للناشط السياسي وائل غنيم على حسابه الشخصي حول هذا الأمر، قال “فيه كمية ترويج إعلامي غريب لموضوع 11 نوفمبر، بشكل شخصي معرفش أي حد بيحشد للنزول لليوم ده غير الأذرع الإعلامية اللي بتتهمني أنا ومجموعة منها عمرو حمزاوي والبرادعي وباسم يوسف وغيرهم بإننا ورا الدعوة لليوم برغم إن ده مالوش أي أساس من الصحة. والوضيع أحمد موسى نشر تويتة مفبركة منسوبة للبرادعي إنه بيدعو “أحرار مصر” لحمل السلاح ضد الدولة!”.
وأضاف قائلاً: “التفسير الوحيد المنطقي بالنسبة لي إن بعض الأجهزة عايزة يوم 11 نوفمبر يظهر وكأنه يوم بيتحشد له لتنفيذ مؤامرة على مصر، ولما اليوم يعدي عادي وميحصلش حاجة يقولوا فشلت المؤامرة، (وده حصل قبل كده) ويحتفلوا بده كأي نجاح وهمي بيحتفلوا بيه، بس مش فاهم هما إزاي مش واخدين بالهم إن البالونة اللي عمالين ينفخوها دي ممكن في النهاية تفرقع في وشهم”.
محاولات سابقة فاشلة
وفشل الليبراليون خلال “2014م”، في توحيد أنفسهم سواء في تظاهرات معارضة ينظمها الشباب، أو في قوائم انتخابية فعليه من خلالها يسيطروا على البرلمان خاصة بعد غياب الإسلاميين في المعتقلات، وخاصة بعد سيطرة الإسلاميون على البرلمان في الانتخابات البرلمانية النزيهة التى قامت بعد ثورة يناير.
اعترافات ومراجعات
وبعد سيطرة العسكري على مصر قدم العديد من الليبراليون المراجعات وتغيرت مواقفهم، على رأسهم الدكتور عمرو حمزاوي في لقاء له على شاشة التليفزيون، وأعلن بصراحة أن ما حدث كان انقلابًا عسكريًا متكامل الأركان، وأن رابعة كانت مذبحة تسببت فيها النخب الليبرالية إن لم يكن بالتأييد فبالصمت عنها، واعترف بمرسي كرئيس منتخب ديمقراطيًا وأنهم كنخبة استغلوا للإطاحة به.
وأدلى عصام حجى هو الآخر باعترافاته التي عكست فكر النخبة العلمانية التي مهدت للانقلاب وشاركت فيه، إذ ذكر أنه خلال فترة تواجده في الرئاسة لم يكن من يعملون حوله مقتنعين أو محترمين لثورة يناير، والغريب أنه لم يعترض في بداية الأمر وهو من أنصار الدولة المدنية،.
دعوة لتوحيد الصف
ووسط كل هذا الأداء الليبرالي، خرج الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس المعين عدلي منصور السابق للشؤون الخارجية، يطالب بتوحيد الصف على حد تعبيره، بما يجسد أهداف الثورة، لافتًا إلى أن النوايا الحسنة والمجهود لا يصنعان المستقبل.
جاء ذلك في تغريدة للبرادعي الذي شغل منصب المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، حيث قال: “يا شباب: النوايا الحسنة والمجهود الفردي فقط لا يصنعان مستقبل. توحيد الصف في عمل سياسي منظم يجسد أهداف الثورة مازال هو الطريق. مستقبلكم بأيديكم.”
وكان البرادعي قد نشر تغريدة سابقة بتاريخ 18 من أكتوبرالجاري، قال فيها: “فى الأنظمة الفاشية: بقدر ما يهبط الأفاكون إلى القاع، بقدر ما يعلو أصحاب الضّمائر بقيمهم ومبادئهم، وسيبقى الحق فوق القوة.”
يذكر أن البرادعي، قد أثار جدلاً بتغريدة سابقة حول قتلى الجنود المصريين في سيناء منتصف الشهر الجاري، حيث حذر فيها من “حريق لا يبقى ولا يذر”، الأمر الذي أثار حفيظة وسائل إعلام مصرية قالت إن البرادعي لا يفرق بين ما وصفته “القتيل والشهيد.”