أكد رئيس الوزراء شريف إسماعيل، أمس الخميس، إن مصر تسلمت وديعة بملياري دولار من السعودية في سبتمبر، مما يعني أن مصر تسلمت الأموال قبل الأزمة، وهو ما يعني أن السعودية لم ترسل أي أموال لمصر بعد الأزمة بينهما بسبب التصويت في مجلس الأمن، الاعلان عن وصول هذه الوديعة وتوقيته أثار العديد من علامات الاستفهام، لماذا لم يتم الاعلان عنها في وقتها؟..لماذا لم ينخفض سعر الدولار عقب الاعلان عنها؟..ماهي الاسباب الكامنة وراء عدم الافصاح عنها؟..
يقول الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام : عقب الإعلان عن وصول ملياري السعودية تصورنا أن المسؤولين المصريين سارعوا بإعلان الخبر حتى يبعثوا برسالتين للداخل والخارج، الأولى رئيسية وملخصها عدم وجود خلاف مصري سعودي، وأن هذه الخلافات موجودة فقط في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والدليل أن المملكة تواصل دعم مصر في ذروة الحديث عن خلافات عميقة.
الرسالة الثانية فرعية وموجهة بشكل أساسي للمضاربين وتجار العملة ومكتنزي الدولار والمراهنين على استمرار تهاوي العملة المحلية، وهي أن هؤلاء سيتكبدون خسائر فادحة مع الهبوط المحتمل في سعر الدولار مع وصول وديعة السعودية، وأن سعر الجنيه المصري سيتحسن مع زيادة الاحتياطي الأجنبي واستمرار وصول مساعدات المملكة، وبالتالي فإن على هؤلاء التخلص مما في حوزتهم من نقد أجنبي.
ويضيف عبدالسلام في مقاله بجريدة العربي الجديد : أثار توقيت الإعلان عن الوديعة السعودية تشكك في الأمر، وخاصة أن الكل كان يتابع الهجوم الإعلامي المصري الشرس على المملكة، والهجوم المضاد، كما أن الإعلان عن الوديعة لم ينعكس إيجابيا على سوق الصرف وسعر الدولار الذي واصل ارتفاعه.
وتابع :”تساءلت مع نفسي: هل من المعقول أن تحول المملكة ملياري دولار لمصر في ذروة هذا الخلاف وقطع المساعدات البترولية وهي الأهم لمصر في هذا التوقيت؟ ولماذا لم يتراجع سعر الدولار بشدة طالما أن البنك المركزي تلقى أمس ملياري دولار من السعودية؟.. بات الأمر بالنسبة لي غامضا حتى صباح الخميس، حيث خرج علينا رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، ليعلن أن مصر تسلمت بالفعل وديعة بملياري دولار من السعودية في سبتمبر الماضي، وليس في هذه الأيام.
وتساءل عبد السلام، طالما أن الملياري دولار وصلا في شهر سبتمبر، لماذا لم يتم الإعلان عنهما من قبل الحكومة سوى يوم الخميس 13 اكتوبر، وفي ذروة تصاعد الخلاف المصري السعودي؟
ولماذا تأخر الإعلان عن الوديعة السعودية لمدة شهر كامل؟ هل كان هناك اتفاق بين الطرفين المصري والسعودي على عدم الإعلان عن هذه الوديعة خاصة مع الإجراءات التقشفية التي تقوم بها المملكة هذه الأيام من خفض رواتب وحوافز الموظفين وترشيد الانفاق العام، والأهم اللجوء للخارج لاقتراض 10 مليارات دولار؟، أم أن الحكومة المصرية اكتفت بإعلان البنك المركزي عن زيادة احتياطي النقد الأجنبي 3 مليارات دولار في سبتمبر دون الإشارة لمصدر هذه الأموال؟.
تفجّرت الخلافات بين النظام المصري والسعودية، بعد تصويت مصر لصالح مشروعي قرارين متناقضين بشأن الأحداث الدامية في مدينة حلب السورية؛ أحدهما تبنته فرنسا وإسبانيا، وحظي بقبول السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، والثاني تبنته روسيا، وعارضته جميع الدول المذكورة.
وعلقت السعودية إمداداتها البترولية المتعاقد عليها لمصر لشهر أكتوبر الجاري، وعزت مصادر سعودية ذلك القرار إلى توجيهات سياسية عليا، مما اضطر مصر إلى التباحث مع دول أخرى، كالكويت والإمارات والجزائر، لتوفير احتياجاتها البترولية.
ولم تفصح مصر أو السعودية قبل اليوم، عن وصول هذه الوديعة للبنك المركزي المصري، ما يثير تساؤلات حول سبب هذا الغموض.
وتأتي الوديعة السعودية لمصر، في وقت تسعى المملكة لتسويق أول سندات من المقرر أن تطرحها في الأسواق الدولية، خلال الفترة المقبلة، بهدف اقتراض 10 مليارات دولار.