في السنوات الأخيرة ظهرت أصوات تطالب بتعديل نظام الأمم المتحدة، وتوسيع مجلس الأمن، وذلك بإضافة دول آخرى مقترحة كاليابان وألمانيا والبرازيل، وأصوات أخرى اقترحت صوتًا لأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وهي دعاوى للتوسيع دون المساس بمبدأ (الفيتو)، وقد سمعت بعض الأصوات الداعية إلى إلغاء نظام التصويت بالفيتو نهائيًا، واعتماد نظام أكثر شفافية وديمقراطية وتوازن، ونرصد لكم أبرز المعلومات عن “الفيتو”.
كلمة فيتو أصلها لاتيني وتعني “أنا أعترض”، وشاع مدلولها أكثر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وقيام الأمم المتحدة عام 1945م، من القرن الماضي، وبموجب موازين القوى ومنطق الدول المنتصرة في الحرب منح خمسة من أعضاء مجلس الأمن الدولي الـ15 حق النقض (فيتو).
وكانت الدول المعنية هي الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبريطانيا وفرنسا وجمهورية الصين.
أبرز الاستخدامات
ومنذ تأسيس مجلس الأمم المتحدة عام 1945م، استخدم كل من الاتحاد السوفيتي وروسيا حق الفيتو123 مرة، أما الولايات المتحدة فاستخدمت حق الرفض 76 مرة، وبريطانيا 32، وفرنسا 18، بينما استخدمته الصين 8 مرات.
الولايات المتحدة الأمريكية
أمريكا واحدة من أكثر الدول التي استخدمت حق الفيتو للحفاظ على استمرار مصالحها مع “إسرائيل”، ورغم ما آلت إليه الأمور من ضياع القضية الفلسطينية، واستمرار الانتهاكات الإسرائيلية للفلسطينيين، لم تتوقف واشنطن عن دعم تل أبيب.
واستخدمت الولايات المتحدة حق الاعتراض “الفيتو” 80 مرة منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945م، ضد مشروعات قرارات قدمت لمجلس الأمن، 42 منها كانت ضد إدانة ممارسات إسرائيل في المنطقة العربية.
وتمكنت الولايات المتحدة من الوقوف حائط صد دائمًا أمام أي قرارات تخدم الفلسطينيين، وتوقف الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم، فقد استخدمت حق الرفض ضد مشروع إنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 76، وقرار يدين إسرائيل لاغتيالها مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، بالإضافة إلى قرار يطالب بوقف عمليات الاستيطان والانسحاب من قطاع غزة، ومشروع قرار يدين مجزرة بيت حانون بقطاع غزة، وغيرها من القرارات الخاصة بفلسطين.
كما استخدمت أمريكا الفيتو ضد هجمات “إسرائيل” على لبنان والمجازر التي ارتكبتها هناك، وضد فرض عقوبات بسبب الجولان السورية.
روسيا
منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، استخدمت روسيا حق الفيتو، 4 مرات فقط، كان آخرها ضد إصدار قرار يدين جماعة الحوثيين باليمن، والتي تقدمت به عدة دول من بينها دول الخليج، بإدانة الحوثيين وتحميلهم مسؤولية تدهور الأوضاع باليمن، والانفراد بالسلطة من خلال احتلال صنعاء بقوة السلاح.
أما فيما يخص المجازر التي يرتكبها الأسد في سوريا، والتي خلفت أكثر من 215 ألف شخص، وفر نحو أربعة ملايين شخص من سوريا، استخدمت روسيا حق الفيتو مرتين، خلال منع قرار إدانة الجرائم، التي يرتكبها النظام السوري ضد الثورة السورية.
كما استخدمت روسيا قرارها الأول لمنع قرار ينتقد قوات صرب البوسنة، لعدم سماحها للمفوض الأعلى للاجئين بزيارة بيهاك في البوسنة.
وبحسب المراقبون فإن الفيتو الروسي يحمي مصالحها في المنطقة، ففيما يخص الحوثيين تحافظ روسيا على علاقتها القوية بإيران، أحد أهم الداعمين للحوثيين في اليمن، وكذا للنظام السوري، والذي اتخذت روسيا لصالحه قراري فيتو.
الصين
تسعى الصين هي الأخرى لحماية مصالحها في المنطقة، واستخدمت حق الفيتو 8 مرات، لإعاقة عضوية منغوليا في الأمم المتحدة، ولإعاقة عضوية بنغلادش، ومرة أخرى مع الاتحاد السوفيتي حول الوضع في الشرق الأوسط.
كما استخدم حق الفيتو عام لإعاقة تمديد تفويض قوات الأمم المتحدة الوقائية في مقدونيا، ولرفض إرسال 155 مراقبًا من مراقبي الأمم المتحدة إلى غواتيمالا.
كما استخدمته أيضاً لمرتين من أجل إعاقة تمرير قرارين يتعلق بإدانة الجرائم التي يرتكبها النظام السوري إثر الثورة السورية.
بريطانيا
اعتمدت بريطانيا هي الأخرى في استخدام حق الفيتو، على مصالحها والتي تقابلت في أوقات كثيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، إذ من بين مشاريع قراراتها الـ 32، لم تستخدم بريطانيا القرار منفردا سوى 7 مرات، كان أخرها قرار يتعلق بجنوب روديسيا.
وكان الـ 23 مشروع قرار صوت إلى جانبها الولايات المتحدة، و14 صوتت ضدها فرنسا أيضا، وكان آخر فيتو استخدمته بريطانيا عندما صوتت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضد مشروع قرار ينتقد التدخل العسكري الأمريكي في بنما .
فرنسا
أما فرنسا فاستخدمت حق الفيتو18 مرة، من بينها 13 مرة ضد مشاريع قرارات صوتت ضدها كل من بريطانيا والولايات المتحدة أيضا.
صوتت إلى جانب بريطانيا مرتين أثناء أزمة السويس عام 1956، وهناك مشروعا قرارين صوتت ضدهما فرنسا فقط، أحدهما عام 1976 حول خلاف بين فرنسا وجزر القمر، والآخر حول إندونيسيا عام 1947م.
وفي عام 1946م، صوت كل من الاتحاد السوفيتي وفرنسا حول الحرب الأهلية الأسبانية.
واقترحت فرنسا على الأمم المتحدة منع استخدام حق النقض في مجلس الأمن في حالات “جرائم القتل الجماعي”، وهي مبادرة لا تلقى تأييدا واسعا لدى بقية شركائها في المجلس.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، لدى افتتاحه اجتماعا خصص للبحث في هذه المبادرة، في سبتمبر من العام الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: “لدينا حسابات نقدمها أمام الرأي العام. شعوبنا لا تفهم آلية عمل مجلس الأمن” الذي يقف مشلولا أمام جرائم القتل الجماعي.
ووافقه الرأي نظيره المكسيكي ميادي كوريبرينا الذي شارك في تنظيم هذا الاجتماع، مؤكدا أن “حق الفيتو ليس امتيازا بل هو مسؤولية”.
ويرمي الاقتراح الفرنسي للحصول على تعهد من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بعدم استخدام هذا الفيتو عندما يتعلق الأمر بجرائم قتل جماعي “إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
ويرى مراقبون أن التوازنات التي يتطلبها صدور القرارات في مجلس الأمن تحت ظل الفيتو، تضعف من النزاهة والموضوعية لتلك القرارات، وإضعاف نزاهة الأمم المتحدة.
“فيتو” الدول الخمس
أما عن أسباب اقتصار حق الفيتو على كل من روسيا والصين وبريطانيا وأمريكا وفرنسا فيعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، حيث كانت هذه الدول الخمس قد تعهدت بمواصلة القتال ضد ألمانيا ودول المحور من خلال تدشين ما يسمى بـ “ميثاق الأمم المتحدة” وتأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1945م، وبوصف هذه الدول هى القوى المهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية، مُنحت كل من الاتحاد السوفياتي والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة وجمهورية الصين، وفرنسا مقاعد دائمة في مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة الذى تم إقراره في مؤتمر يالتا فى فبراير سنة 1945.