على غرار موقفها من المشاركة في عملية “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين في اليمن، وسلوك طريق بعيدا عن دول الخليج، ومع إعلان العديد من البلاد العربية تخفيض مستوى تمثيلها الدبلوماسي مع ايران، اتخذت سلطنة عمان موقفًا مغايرًا تجاه طهران.
وأدى قرار سلطنة عام بتسمية الخليج العربى بـ”الخليج الفارسى” إلى نشوب أزمة سياسية مع دول مجلس التعاون الخليجى.
وظهرت تسمية الخليج الفارسى بدلاً من “العربى” على طائرات الخطوط الجوية العمانية من طراز “بوينج 737 الجديدة، والطائرات طراز “بوينج 787″ المستأجرة من الخطوط الجوية الكينية، وهو ما أغضب عدد كبير من المسافرين على متن الخطوط الجوية العمانية بسبب تسمية الخليج العربى بـ”الفارسي”.
وتروج إيران لتسمية الخليج الفارسى بدلاً من “العربى” فى المنطقة التى تتواجد بها دول مجلس التعاون الخليجى، وتحظى سلطنة عمان بعلاقات منفتحة مع إيران بعكس دول الخليج العربى وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التى قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران عقب مهاجمة مقار دبلوماسية تابعة للمملكة في إيران.
بداية الأزمة
وأثيرت القضية بدايةً، إثر نشر أحد المسافرين على متن الطيران العماني، شريطًا مصورًا قصيرًا عبر مواقع التواصل، يظهر الخريطة الملاحية وقد كتب فيها بالعربية “الخليج الفارسي”، ويقول المسافر “شوفوا (انظروا) كتابة الخليج الفارسي على خارطة الطيران العماني”.
ويشكل موضوع تسمية الخليج بين “الفارسي” و”العربي” نقطة خلاف اساسية بين الدول العربية وايران.
تهديد فارسي قديم
وفي العام 2010م، حذرت طهران شركات الطيران التي تستخدم تسمية “الخليج العربي”، من أنها لن تسمح لها باستخدام مجالها الجوي.
وتحظى سلطنة عمان بالعلاقات الأفضل بين دول الخليج مع إيران، أما العلاقة بين الجمهورية الإسلامية والدول الخليجية الأخرى، فتشهد منذ أشهر توترًا حادًا، إثر قطع الرياض علاقاتها مع طهران بعيد مهاجمة محتجين مقار دبلوماسية سعودية في ايران.
وسعت سلطنة عمان لانتهاج الحياد في الصراع على النفوذ بين الجمهورية الإيرانية الإسلامية الشيعية والمملكة العربية السعودية اللتين يؤيد كل منهما أطرافًا مختلفة في الحروب الأهلية التي تشهدها المنطقة.
علاقة قديمة
امتداد العلاقة بين عمان وإيران جاء في مقامه الأول سياسيًا؛ ففي عهد الشاه الإيراني دعمت إيران حكومة السلطان القابوس ضد ثوار ظفار الشيوعيين عام 1970م، وهو ما يعد بداية علاقة لم تكن عادية لبلد عربي وخليجي مع دولة إيران، فقد كان القابوس سعيد أول حاكم عربي يزور طهران بعد تولي الرئيس الإيراني روحاني الرئاسة في 2013م، وكانت عمان كذلك هي الدولة الأولى في مستهل زيارات روحاني الخارجية.
خدمة لإيران
واعتبر عارف الصرمي المحلل السياسي اليمني في تصريح لـ”رصد” أن تلك الواقعة معتمدة وموقف عماني جاء من أجل إيران، خاصة وأن علاقة بين البلدين وطيدة، إذ إن أغلب الشعب العماني يتنمي إلى الإباضية أحد المذاهب الإسلامية المنفصلة عن السنة”.
وأشار الصرمي إلى أنه سبق وأمدت إيران السلطان قابوس بالدعم العسكري لمواجهة موجة ثورية في ظفار، في الوقت الذي لم تتدخل فيه دول الخليج.
وأكد وزير الخارجية العماني “أن عمان تربطها بإيران علاقات جيدة، وأنها تتسم بحسن الجوار”، في إشارة إلى حياد عمان في قضية تهديدات إيران لدول الخليج، ثم إن إشراف كل من عمان وإيران على مضيق هرمز الاستراتيجي قد أضفى على العلاقات مزيداً من التعاون، مع النأي عن خلق أي تهديد يضر بمصالح البلدين المرتبطة بالمضيق.
استثمارات ايرانية في عمان
أما الوجه الاقتصادي للعلاقة بين عمان وإيران فلا يبدو أنه أقل أهمية من البعد السياسي، ففي دراسة الاستراتيجية الإيرانية في الخليج العربي التي أعدها مركز صناعة الفكر، بدا أن التعاون في مجال الطاقة هو الأهم في علاقات البلدين الاقتصادية، إذ وقَّع البلدان اتفاقاً يقضي بمد خط أنابيب لتصدير الغاز الإيراني إلى عمان، حيث سيصل حجم الصادرات منه إلى قرابة 10 مليارات متر مكعب سنوياً، وفي جانب التبادل التجاري بين البلدين بلغ حجمه سنوياً مليار دولار تقريباً.
في حين أشار وزير التجارة والصناعة العماني إلى أن هناك 259 شركة إيرانية تعمل في عمان، وهو ما يؤكد الأنباء حول اتفاق الجانبين على إنشاء غرفة تجارية مشتركة لتعزيز التنسيق والتبادل التجاري، كما أعلن عن ذلك في 2014، وقد نقلت صحيفة تفاهم الإيرانية، بتاريخ 9 سبتمبر من العام 2015، وهي مقربة من الرئيس روحاني، تصريح حميد جيت جيان، وزير الطاقة الإيرانية، بعد لقائه أحمد بن محمد الشهي وزير شؤون البلديات والمجاري المائية بعمان، بأن إيران لا ترى أي حدود أو شروط مسبقة لمساعدة عمان في بناء السدود وحل مشكلات الري هناك.