بات نظام السيسي في أزمة كبيرة ناتجة عن إعلان عدد من الدول العربية والأجنبية حظر استيراد المحاصيل والمنتجات الغذائية المصرية، ما أدى إلى زيادة معاناة الصادرات المصرية، التي تعد واحدة من أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد.
وتشكل القوة العاملة التي تعمل بالزراعة والصناعات الغذائية المرتبطة بها 30.2%، من إجمالي القوة العاملة في البلاد، وبالرغم من هذه الأهمية إلا أن هذا القطاع يعاني من مشكلات كثيرة يتمثل أهمها في ضعف البنية الأساسية المتوفرة لهذه الصناعة وشدة المنافسة الخارجية وضعف تنافسيتها في الأسواق الخارجية.
الانتشار في السوق المصري
وأعرب خبراء زراعة عن تخوفهم الشديد من هذه القرارات، خاصة وأن هذه ستنتشر في الأسواق المصرية وتناول المواطنين لها، الأمر الذي يُعرضهم لمخاطر صحية عديدة.
وقال النائب البرلماني إيهاب مبروك عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن “البرلمان لن يسمح بدخول منتجات غير صالحة للاستهلاك الأسواق وتناول المواطنين لها”، مشددًا على أن لجنة الزراعة مهتمة بمتابعة رفض الدول للمنتجات المصرية.
وأكد النائب ضرورة تواجد تقارير بشأن سلامة تلك المنتجات، لافتًا إلى أن تلك التقارير لابد وأن تبين بها أسباب المنع من جانب الدول المستوردة، متابعًا: “ولابد أن تُجرى أيضًا فحوصات من جانب إدارة الحجر الزراعي والصحي على المنتجات قبل دخولها الأسواق وشراء المواطنين لها”.
وقال نقيب الفلاحين نصر فريد واصل، إن رفض المنتجات الزراعية في الخارج “رد فعل طبيعي على رفض مصر دخول شحنات مصابة بقمح الإرجوت السام”، مؤكدًا أن الفراولة هي السبب في إثارة هذا الموضوع بهذا الشكل.
وأشار إلى أن لدى مصر 180 ملحقًا تجاريًا في السفارات المصرية في الخارج، ولابد أن يقوموا بدورهم وألا يتركوا الموضوع بهذا الشكل، وطالبهم بالقيام بدورهم في تسويق المحاصيل الزراعية التي رفضتها الدول العربية والأجنبية.
وفيما يخص ري المنتجات الزراعية بمياه الصرف الصحي، أكد نقيب الفلاحين أن جميع المحاصيل التي تُصدر للخارج باستثناء البطاطس تُزرع في الصحراء فكيف تصل إليها مياه الصرف الصحي؟، مضيفًا: “لا يوجد محصول يروى بمياه الصرف الصحي”.
وقد أشارت الهيئة المصرية للرقابة على الصادرات في تقرير لها إلى أن تراجع صادرات المنتجات الزراعية، مثل البطاطس والبصل والطماطم والفاصوليا والبرتقال والمانجو، يعود إلى رفض الصادرات المصرية من هذه المواد من قبل الدول الأوربية، بسبب عدم وجود مشاريع محلية لمكافحة الآفات والحشرات.
وأعلنت عدد من الدول رفضها استيراد منتجات مصر الغذائية بسبب عدم مطابقتها للمواصفات العالمية، فمنذ أيام أشار تقرير من إدارة الأغذية والأدوية الأميركية، إلى اتخاذ إجراءات صارمة بشأن الفراولة المصرية، التي تسببت بالإصابة بفيروس الكبد الوبائي “إيه” في ولاية فرجينيا الأميركية.
وأرجعت أمريكا قرارها بمنع استيراد الفواكه المصرية، إلي أن تلك الفواكه يتم ريها بمياه المجاري؛ مما جعل الولايات المتحدة تضع شروطًا جديدة صارمة بشأن غسيل الخضار المجمد الذي يصل إلى أمريكا من مصر، ووجوب غسله بمياه نقية مفلترة.
ولحقت السعودية بأمريكا، حيث كشف مستوردون سعوديون عن إيقاف الهيئة العامة للغذاء والدواء لبعض الخضراوات والفواكه المستوردة من مصر؛ بعد أن أثبتت التحاليل عدم ملاءمتها للاستخدام الآدمي في وقت سابق من العام الجاري.
كما أعلنت أيضًا الهيئة المعنية بمراقبة سلامة الغذاء في روسيا، فرض حظر على استيراد بعض الواردات الزراعية من مصر التي “تنطوي على مخاطر عالية مرتبطة بالصحة النباتية”، ولم تكشف الهيئة عن قائمة المنتجات التي قد تحظرها، مكتفية بالقول إن مخاوفها ثارت بسبب “المخالفة الممنهجة للمتطلبات الدولية والمتعلقة بالصحة النباتية من جانب القاهرة”.
ويأتي القرار الروسي قبل بدء موسم تصدير الموالح إلى روسيا التي استوردت 400 ألف طن، خلال الموسم الماضي، وهو ما يمثل نحو 30% من إجمالي الصادرات المصرية من البرتقال بقيمة 150 مليون دولار، بما يعادل حوالي 13% من إجمالي واردات روسيا من الموالح، كما بلغ حجم الصادرات المصرية إلى السوق الروسى 600 ألف طن كحاصلات زراعية متنوعة تقدر بـ 270 مليون دولار.
وقال طارق قابيل وزير التجارة إن مصر ستوفد بعثة فنية إلى روسيا في نهاية سبتمبر الجاري لمناقشة القيود التي فرضتها موسكو أخيراً، على بعض صادرات الحاصلات الزراعية المصرية، وعقد قابيل، أمس السبت، اجتماعاً مع السفير الروسي بالقاهرة، سيرغى كيربتشينكو، بحثا خلاله تداعيات القرار الروسي على صادرات مصر من الحاصلات الزراعية.
كانت الهيئة الفدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية الروسية قالت، أول أمس الجمعة، إن موسكو ستوقف مؤقتاً واردات الفاكهة والخضراوات من مصر اعتباراً من 22 سبتمبر.
مراحل الانخفاض منذ 2011
و شهدت الصادرات المصرية انخفاضًا متتاليًا خلال الفترة (2011 – 2015) حيث كانت في عام 2011 حوالي 31.574 مليار دولار، تراجعت لتصل إلى 29.339 مليار دولار في عام 2012، ثم استمر الانخفاض لتصل الصادرات إلي 28.735 مليار دولار في عام 2013، ثم 26.771 مليار دولار في عام 2014.
كما انخفض إجمالي الصادرات في النصف الأول من عام 2015 ليصل إلي 11.225 مليار دولار مقارنة بـ 14.148 مليار دولار في النصف الأول من العام 2014م، بمعدل انخفاض وصل إلى 23%.
كما انخفض إجمالي الصادرات في الربع الرابع من عام 2015م، ليصل إلى 1.429 مليار دولار بعد أن كان 5.060 مليار دولار في الربع الرابع من العام 2014م، بمعدل انخفاض وصل إلى 72% عن نفس الفترة من العام السابق.
ويعاني الاقتصاد المصري من مشكلات عدة منها تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، وما نتج عن ذلك من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وعجز الشركات والمصانع عن استيراد احتياجاتها من المواد الخام، خاصة الصناعات التي تعتمد في إنتاجها اعتمادا كليا على المواد الخام المستوردة من الخارج، وتوقف عدد كبير من المصانع بسبب نقص إمدادات الطاقة والاضطرابات الأمنية، خاصة بعد أحداث 30 يونيو 2013م، ما أدى إلى تراجع الإنتاج، وبالتالي الصادرات، إضافة إلى ضعف تنافسية المنتجات المصرية.