توجد الآن أزمة حقيقية فى إتخاذ القرار داخل الجماعة بعد الضربة الغادرة التى وجهها العسكر لها وهذا لا ينسينا التقصير والأخطاء( إن لم تكن الخطايا ) من جانب قياداتهافى عدم القدرة على تفاديها والذى ترتب عليها :
1 – غياب متخذى القرار الحقيقيين والذين لا يتعدى عددهم عدد أصابع اليد الواحدة فالأكثرية فى السجن ومن هو بخارجه مطارد ومختفى ، وهذا يعكس أن هذه الأزمة ليست جديدة بل هى ممتدة إلى زمن ما قبل الإنقلاب ولكنها تعاظمت وتعقدت بعد الإنقلاب مما أوجد فراغا لا يستطيع القيادة الموجودة على رأس الجماعة الآن ملؤه .
2 – حالة عدم الثقة فى القيادة بدرجات متفاوتة عند جموع الإخوان والتى قد تصل عند بعض الأفراد لإنعدامها والتى أحدثتها الضربة المباغتة والشرسة التى تلقتها الجماعة من قبل العسكر الإنقلابيين وعاونهم من القوى والأحزاب والهيئات .
3- حالة التشتت بين الداخل والخارج وصعوبات التواصل نتيجة الإستهداف الإجرامى والتضييق الأمنى الذى يقوم به الإنقلاب مستنفراً كل أجهزة البطش فى مواجهة أفرادها .
4- حالة الإنقسام العرضى التى حدثت داخل الجماعة بين من هم بداخل مصر وخارجها وعدم وضوح أدوار كل فريق.
أيهم متخذ القرار ؟ ومن يرأس من ؟!
– هل من هم بالداخل هم الأصل والخارج لهم تبع لأن الداخل هى أرض المعركة وهم أدرى بالواقع الداخلى رغم أنهم مطاردون و معرضون للإغتيال أو الخطف أو السجن ؟
– أم يولى القيادة من بالخارج الذين تعتبر أوضاعهم أكثر إستقراراً وإطلاعهم على المتغيرات الدولية والمحلية أيسر وأوضح ؟
وهنا يتوجب على الإخوان وضع لائحة مؤقتة تحدد إختصاص كل منهما وطبيعة العلاقة بينهما لأن هذا أمر طارئ على الجماعة لم تتناوله اللوائح من قبل.
5 – وأخيراً وليس آخرا حالة الإنقسام الطولى فى الجماعة إلى فريقين مهما بلغ حجم كل منهما بالنسبة للآ خر .
٠ فهذا الإنقسام يصرف الجماعة عن دورها العام ليستنفذ قواها فى صراعاتها الداخلية
• يحدث حالة من الإرباك والتردد فى إتخاذ أى قرار بإسم الجماعة .
• كما يٌصّعِب على من يريد التفاهم والتعاون مع الجماعة أن يثق فى أنه يضع يده فى يد من عنده القدرة على اتخاذ القرار .
• ويوفر جو من المزايدة لكلا الفريقين على الآخر فى حال إتخاذ أى قرار توافقى مع رفقاء الثورة الرافضين للإنقلاب .
• ويجعل كلا طرفى الجماعة عاجز عن المشاركة فى أى تحالف ثورى اكتفاءاً بالمواقف العنترية من التخوين ورمى الآخرين بالتفريط فى الشرعية .
وهذا يذكرنا بقمة الخرطوم و هو مؤتمر القمة الرابع الخاص بجامعة الدولة العربية، فقد عقدت القمة في العاصمة السودانية الخرطوم في 29 أغسطس 1967 على خلفية هزيمة الدول العربية فى مواجهة الكيان الصهيونى وضياع سيناء والضفة الغربية والجولان عام 1967 أو ما عرف بالنكسة.
وقد عرفت القمة بإسم قمة اللاءات الثلاث حيث خرجت القمة بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة: لا صلح ولا إعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه. ثم قام السادات بعد حرب أكتوبر 1973 بتحويل هذه اللاءات الثلاث إلى نَعَمَات ، وألقى بكل ما قررته دول مؤتمر الخرطوم فى مزبلة التاريخ .
• أتمنى على الإخوان البداية السريعة بالإعتراف بالتنوع والتعدد داخلها وإدارة حوار جدى لجمع قيادات الفريقين فى قيادة واحدة ولا يتصور فريق أنه قادر على سحق فريق مهما صغر حجمه ، وحسم المعركة فى الزمن المنظور خاصة وأنه ليس بين الفريقين دماء ولا ثأر ، بل هى مجرد قرارات إدارية يمكن الرجوع عنها ، ومناوشات إعلامية وبيانات يمكن التسامح فيها .
وأن لا يستهين أى الفريقين بضرورة التوحد مع الفريق الآخر مهما تصور قلة إمكانياته ، فكما يقول المثل القديم النواة تسند الزير ، من أجل السير بالمركب إلى بر الأمان حتى يأذن الله بزوال الغمة ويعود إلى الجماعة قياداتها المتفق عليها من الفريقين لعل الله أن ييسر على يديها الخير .
• وهذا التوحد القيادى بإمكانه القضاء على كل ما ذكرناه من سلبيات ، ويعود بالجماعة إلى وحدة إتخاذ القرارات التى تجعل منه عنصراً فاعلا وسط الصف الثورى ، وبغيره سوف تصبح الجماعة من أكبر عناصر التعويق والإفشال للتقدم ولو بخطوة واحدة فى طريق التنسيق والتعاون بين أبناء الثورة المصرية المعارضين للإنقلاب .
إلا إذا كانت الجماعة ترى فى نفسها أنها قادرة وحدها على إنقاذ مصر من الإنقلاب والدمار الذى حل بها والمشاكل التى تعصف بها فى كل المجالات فنسأل الله لها التوفيق .
أو أنها ترى أن دورها الآن هو الحفاظ على الصف وأفراد الجماعة كما يقول البعض انتظاراً للفرج .