مازال هناك الكثير من الأسرار حول عملية التزاوج  في  عالم الحشرات ، فلكل فصيلة طريقة تزاوجها الخاصة ،ولكل حشرة وسيلتها المنفردة في إتمام عملية الإخصاب، وهذه العملية تتم على ثلاث مراحل: البحث عن الشريك ثم التعارف والمغازلة وأخيرا التزاوج إذا حدث القبول ،وكما للإنسان لغة للتخاطب والتعارف عن طريق الكلام أو السمع أو النظر  فان الحشرات أيضا لها لغاتها  الخاصة ، منها حاسة الشم أو اللمس أو الرؤية للتعرف على زوج المستقبل، فذكر إحدى الحشرات يغازل أنثاه برفرفة أجنحته لتهويتها على فترات منتظمة حتى تسمح له بالاقتراب منها لإتمام عملية التزاوج ، ونوع آخر تفرز أنثاه رائحة خاصة” فرمونات جنسية ” لجذب الذكور، ونوع ثالث يجذب أنثاه بالغناء لها كبداية للتعارف قبل اتمام عملية التزاوج ، وهناك العديد من الطرق الأخرى ، منها:

الأصوات العذبة

ذكورالنطاطات والصراصير تجذب إناثها بإحداث أصوات عذبة ،كما أن ذكر ذبابة العقرب يلقى بقطرة من إفراز لعابة أمام أنثاه وعند استدارة الأنثى لكي تلعق هذا اللعاب المقدم لها تتم عملية التزاوج وهو نوع من دهاء الذكر حتى لا تفترسه الأنثى، وفى رتبة غشائية الأجنحة يقوم الذكر باستدراج أنثاه بغزل خاص حيث يقترب منها ويقوم بتهويتها برفرفة أجنحته على فترات تكون منتظمة وهو يحوم حولها أو يقف أمامها ويقترب منها تدريجيا إلى أن تتم عملية التزاوج .

بعض انواع الفراشات تفرز أنثاها روائح خاصة (فرمونات جنسية) كي تجذب الذكر ا ليها بغرض التلقيح مثل بعض ، أما فراشة الشبح فهي تبحث عن  الذكر من خلال رائحته الخاصة ولونه الأبيض الجذاب .

وهناك انواع من الحشرات تكتفي بالتزاوج لمرة واحدة مثل ملكة نحل العسل ، حيث تختار أقوى ذكر في الخلية والذي يموت بعد الإخصاب بسبب انفصال أعضاؤه الذكرية داخل الجهاز التناسلي للملكة .

رقصات الهاموش

تتجمع ذكور بعض الأنواع من الهاموش في شكل أسراب حيث  تقوم برقصات خاصة و لكل نوع رقصة معينة تستطيع الأنثى من خلالها التعرف على الذكر ثم تنضم لهذه الأسراب لتتم عملية التزاوج، أما بالنسبة للحشرات الليلة فقد تستخدم الذكور إشارات ضوئية معينة عن طريق وجود خلايا خاصة في مؤخرة البطن تصدر موجات ضوئية بألوان و أطوال مختلفة كلا حسب نوعه، أما بالنسبة للحشرات الاجتماعية كالنحل ،فهناك ما يعرف بطيران الزفاف، ففي موسم التزاوج تخرج الملكة من الخلية يتبعها مئات من الذكور وتطير إلى مسافات بعيدة يسقط خلالها الكثير من الذكور من شدة التعب، و الذكر الذي يستطيع اللحاق بالملكة هو الذي يفوز بتلقيحها  ولكنه يموت بعد ذلك مباشرة و تعود الملكة الي الخلية لتبدأ رحلة وضع البيض أما باقي  الذكور فلا يسمح لها بالرجوع إلى الخلية مرة أخرى حيث تقتلها الشغالات لان دورها قد انتهى.

الخنافس المضيئة

بعض الحشرات تبدأ البحث عن شريك جنسي في معظم الأحيان من خلال الأشكال المغرية والألوان المحببة للجنس الأخر مثل بعض الفراشات و الذباب ، والرعاشات ، والخنافس المضيئة،  وفي بعض أنواع الفراشات ، تقضي الذكور الكثير من الوقت   في المكان الذي يوفر رؤية واضحة للمنطقة حتى يرى جنسه الآخر فيلحق خلفه بسرعة ويبدأ التزاوج ، وهناك حشرات تصدر إشارات ضوئية لجذب الجنس الآخر لبيان انه مستعد لعملية التزاوج،  واخرى ترسل  أضواء الفلاش الخاصة بهم للتعبير على أنهم وجدوا بعضهم البعض.

الغناء

 ذكور بعض الحشرات تصدح بالأغاني (أصوات مميزة) لجذب الجنس الآخر مثل بعض الحشرات النصفية والغمدية والمستقيمة الأجنحة، وفي بعض الأحيان تتجمع جوقة من العازفين    يقدر عددها  بمئات الآلاف من الذكور لإصدار أغنية حب جماعية لجذب الإناث لمكان التزاوج مثل حشرة السيكادا، ويستخدم العازفون أدوات خاصة بهم مثل حك الأجنحة ببعضها  أو بالأرجل، وبعضهم مثل صراصير الغيط يختار أماكن الغناء بعناية مثل بعض الأنفاق التي تعمل كمكبرات الصوت، وبعض الحشرات تقف على أوراق النبات وتدق عليه دقا ينتقل عبر النبات إلى الجنس الأخر الذي يقف محاولا التصنت على الصوت الصادر من المحبوب ليسارع للقائه،  كما تصدر بعض إناث الحشرات رائحة جنسية نفاذة تسمى الفرمونات ،وتستطيع الذكور بتراكيب خاصة على قرون استشعارها شم رائحة هذا” البارفان” من على بعد عدة أميال  ويسرع الذكور بتتبع الرائحة ويتكالبون بأعداد  كبيرة على مصدر الرائحة حتى يفوز أحدهم بمراده.

الأنثى تفترس الذكر

وهناك بعض السلوكيات الغريبة التي تنفرد بها بعض الحشرات ومنها حشرة فرس النبي و بعض العناكب حيث تقوم الأنثى بافتراس الذكر أثناء عملية التزاوج حيث تبدأ بتجريده من أسلحة الدفاع وهي أجزاء الفم القارضة حيث تتغذى على الرأس كلها ثم أرجل القنص الأمامية ثم باقي الجسم.