رغم تصاعد الأزمة الاقتصادية التي ترتب عنها ارتفاع معدل الفقر بين المصريين، تدرس وزارة المالية غدًا السبت، مع لجنتي “الدفاع والأمن القومي” و”الخطة والموازنة” في البرلمان، مقترح زيادة بند الأجور بالباب الأول لموازنة وزارة الداخلية في العام المالي 2016/2017، بمبلغ قدره مليار و556 مليونًا و200 ألف.
وجاء هذا المقترح قبل مناقشة العامة للدولة والمقررة، بعد غدٍ 26 يوليو القادم؛ حيث تشير التقديرات إلى أن عجز الموزانة 350 مليارًا بجانب أقساط الديون التي تصل إلى 250 مليارًا بما يصل لـ600 مليار.
وزاد بند الأجور لموازنة العام الجديد، عن العام الماضي، بمبلغ 10 مليارات جنيه ليصبح بند الأجور 218 مليار جنيه، وبلغ عجز الموازنة 319 مليارًا للموازنة الجديدة، وعلى الرغم من ذلك فإن وزير المالية واللجان المتخصصة سيجتمعون اليوم لمناقشة المقترح، وفقًا لما أوصت به لجنة الدفاع والأمن القومي.
وأوضحت اللجنة أن تلك الزيادة للتغلب على الحظر الوارد بمقتضى حكم المادة 15 من قرار رئيس الجمهورية، بالقانون رقم 32 بربط الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2015/2016، التي تقضي بأن تحسب جميع الحوافز والمكافآت على الأساسي المقرر للأجور في 30/6/2015.
وأوصت اللجنة بزيادة مخصصات التدريب والرعاية الاجتماعية للأفراد، وتحديث وسائل النقل والتسليح لتوفير تدريب فني متطور ومتقدم يناسب التهديدات الأمنية التي يواجهها أفراد الشرطة، وزيادة الرواتب والمعاشات لأفراد الشرطة، قياسًا على القوات المسلحة والقضاء، مع الأخذ في الاعتبار معدلات التضخم.
ونرصد أبرز ملامح الأزمة الاقتصادية
ارتفاع عجز الموازنة لـ273 مليار جنيه خلال 10 أشهر
ارتفع عجز الموازنة العامة للدولة، خلال الفترة من يوليو إلى أبريل 2015 / 2016 إلى 273 مليار جنيه؛ أي ما يعادل 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 231 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها من العام المالي السابق عليه.
وكانت وزارة المالية قد أوضحت أن إجمالي الإيرادات زاد بنسبة 2%؛ ليسجل 5. 327 مليار جنيه، مقابل 1. 321 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، وذلك لزيادة الإيرادات الضريبية بنحو 2 %؛ لتسجل 8. 243 مليار جنيه خلال فترة الدراسة، فضلًا عن ارتفاع الإيرادات غير الضريبية بنحو 2.1 % لتصل إلى 7. 83 مليار جنيه خلال فترة الدراسة.
ربع المصريين تحت خط الفقر
وكان آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أوضح أن نسبة المصريين تحت خط الفقر بالنسبة للعام الحالي، كانت 26.3% من السكان؛ ما يعني أن أكثر من ربع المصريين دون خط الفقر؛ الأمر الذي يوضح المعاناة والمأساة التي يعيشها المواطن البسيط في حياته اليومية.
وأظهر تقرير “بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك”، الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، استمرار ارتفاع نسبة الفقر بمصر كل عام عن سابقه؛ حيث تمثل نسبة 26.3% في التقرير الأخير عام 2012م – 2013م، يزيادة 1.1% عن العام السابق، بينما بلغت نسبة “الفقر المدقع” 4.4% من السكان.
وكشف اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أنه طبقًا لبيانات آخر بحث أجراه الجهاز وأعلن نتائجه، فإن نسبة الفقر العامة فى مصر تقدر بـ26.3%، لافتًا إلى أن إقليم الصعيد يعد الأكثر فقرًا داخل الدولة؛ حيث تتراوح نسب الفقر به 50%.
وجاءت محافظة أسيوط الأكثر فقرًا داخل الجمهورية على الإطلاق، حيث تعدت نسبة الفقر بداخلها 60%، وذلك وفق البحث الأخير الذى أخرجه جهاز التعبئة والإحصاء، يليها سوهاج وقنا والمنيا وأسوان، مشيرًا إلى أن المحافظات الحضرية هي الأقل في نسبة الفقر نظرًا لعدم وجود ريف بداخلها، حيث تقل فيها الفقر عن 17%.
كما أوضح رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن نسب الفقر داخل محافظة سيناء في ظل ما يجرى فيها الآن، تدور في المتوسط العام حول أكثر من 20%، مشيرًا إلى وجود دخل في جنوب سيناء من خلال السياحة، وفي شمال سيناء لوجود التعدين والمصانع الكبرى المقامة هناك.
ارتفاع معدل التضخم
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن قفز إلى 10.3% في أبريل من 9% في مارس، وكان البنك المركزي قد خفض سعر صرف الجنيه في مارس بحوالي 13% ثم رفع الفائدة حوالي 150 نقطة أساس في الشهر ذاته للحد من الضغوط التضخمية.
والتضخم هو المعدل الإجمالي لزيادة سعر السلع والخدمات في اقتصاد ما خلال فترة معينة من الزمن، وهو مقياس لتخفيض قيمة عملة بلد ما، وذلك ما حدث بين الجنيه والدولار.
وعانى المصريون من غلاء الأسعار خاصة في شهر رمضان؛ حيث إن أغلب المنتجات مستوردة وتضاعف سعرها عن العام الماضي، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الفقراء الذين أصبحوا يبحثون عن موائد الرحمن ليفطروا فيها، بعد أن عجزوا عن إفطار أنفسهم، كما انعكس ارتفاع الأسعار على الكثير ممن يقومون بتنظيم موائد الرحمن في هذا الشهر الكريم؛ حيث أصبح الأمر مكلفًا بشكل كبير، وتناقصت موائد الرحمن عن الأعوام السابقة بسبب ارتفاع الأسعار.
ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه
وشهدت مصر منذ، يوليو الماضي طفرة في انخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار، وتوالت الزيادات خلال 6 أشهر، حتى أصبح الدولار يساوي 11 جنيه، في وقت أكده خبراء المالية والاقتصاد أن الدولة المصرية انهزمت أمام العملة الخضراء.
سجل سعر الدولار بالسوق السوداء بين 10.80 جنيه و10.85 جنيه للشراء، و 10.95 جنيه و 11.05 جنيه للبيع، حسب مكان البيع، بعد أن تراجع وارتفع خلال الأسبوع الماضي بقيمة 30 قرشًا.
البطالة وهروب الشباب
تجاوز معدل البطالة في مصر لتتجاوز مستوى 25%، في حين تقدره الحكومة بنسبة 13% فقط، كما عادت ظاهرة حصد أرواح الشباب المصري المهاجرين بطريقة غير شرعية من خلال قوارب إلى بلاد أوروبا مجددًا، في العام الذي وصفه عبد الفتاح السيسي بأنه “عام الشباب”، ولجأ الشباب المصري للهروب من الفقر عبر الهجرة غير الشرعية.
وتعرض مركب كان يستقله 25 شابًا مصريًا للغرق، الشهر الماضي، بمياه البحر المتوسط أثناء رحلة هجرة غير شرعية إلى أوروبا، بحسب مصادر أمنية بمحافظة الشرقية، وأغلب الغارقين يقيمون بمركز بلبيس في محافظة الشرقية.
وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي: إن ذلك الأجراء يندرج تحت” التوزيع الظالم للثروة”، وهو أهم أسباب الفقر، والمتحكم في ذلك هو النظام الذي يضع سياسة وإدارة مؤسسات الدولة، هكذا قال الخبير الاقتصادي رضا عامر.
وقال الولي، في تصريح لـ”رصد”، إن الثروات في مصر انحصرت على فئات معينة، هم الموظفين والداخلية والجيش وكبار الموظفين، بالإضافة إلى كبار رجال الأعمال الذين يتحكمون في حركة التجارة والاستيراد والتصدير؛ حيث إدخال السلع وصناعتها وتوزيعها وتحديد سعرها ويخضع تحت رحمتهم ملايين المواطنين.
وأكد الخبير الاقتصادي أن مصر احتلت المركز الثاني عالميًا بعد الصين في نسبة صعود اللامساواة في توزيع الثروات بين الأثرياء والفقراء، خلال الفترة بين 2000م-2014م ، وفقًا لتصنيف أصدرته شركة “كريديت سويس” السويسرية، والذي شمل 45 دولة متقدمة وناشئة، ولم يشمل الدول النامية.