شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أختي جو وأختهم إسرائيل

أختي جو وأختهم إسرائيل
امرأة ناصعة الضمير، مدافعةٌ عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، تطرق على ضمير أوروبا والعالم من أجل موقفٍ أكثر إنسانيةً وتحضراً من مأساة الشتات السوري. لماذا لا أعتبرها أختاً لي، وبكل فخر؟

امرأة ناصعة الضمير، مدافعةٌ عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، تطرق على ضمير أوروبا والعالم من أجل موقفٍ أكثر إنسانيةً وتحضراً من مأساة الشتات السوري. لماذا لا أعتبرها أختاً لي، وبكل فخر؟

أم لطفلتين صغيرتين، لقيت حتفها على يد يميني عنصري متطرف، قتلها رمياً بالرصاص، وطعناً بالسكين، في حادثةٍ إرهابية، أبشع كثيراً من حادث الهجوم على مقر “شارلي إيبدو”، ماذا يضير لو اعتبرتها شهيدة للإنسانية وللعدالة وللحق، وتمنيت أن يكافئها الله، بعد موتها، لانحيازها للإنسان، ورفضها الظلم وانتصارها للمظلومين؟

جو كوكس نائبة حزب العمال البريطاني التي سفك دمها ذلك اليميني المهووس، المسكون بالتطرّف، اشتهرت بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، فهي عضو مجموعة أصدقاء فلسطين في البرلمان البريطاني عن حزب العمال. وهي المناهضة للدكتاتوريات العربية التي تسفك دماء شعوبها، تستحق، عن جدارةٍ، أن تكون أختاً في إنسانيتنا، تماماً كما أن والدة جوليو ريجيني جديرة بأن تكون في مكانة الأم للمعتقلين والمعذبين والمختفين قسرياً، والشهداء، من ضحايا ماكينة القتل والاستبداد والقمع التي تعمل بأقصى طاقتها في مصر.

تستحق جو كوكس، بل تشرّفنا أخوّتها، فقد كانت قطعةً من ضمير يتذكّر فلسطيننا المحتلة، وتناهض السطو الصهيوني على الأرض والتاريخ، أو هي رجع صوت السياسي والإعلامي البريطاني الراحل، جوزيف جيفريز، مؤلف السفر الضخم “فلسطين .. إليكم الحقيقة”، والذي وثّق فيه جريمة اغتصاب فلسطين وسرقتها من أهلها الشرعيين، بعد أن زارها بين عامي 1915 و1922 للوقوف على الحقيقة، والنضال من أجلها حتى الممات في بريطانيا.

جو أقرب لنا من “الليكوديين العرب” الذين يحكموننا بالحديد والنار، ولا يدّخرون جهداً في النضال من أجل مصالح محتلٍّ غاصب، لا يتورّع عن فضحهم، كلما انحنوا أمامه أكثر، كما جرى، أخيراً، في الأمم المتحدة.

لم يتأخر الصهاينة كثيراً في كشف المستور، وفضح المفضوح، ولم يكتفوا بالإفصاح عن الدول العربية الأربع التي منحت أصواتها لليكودي المتطرّف داني دانون، ليرأس اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، المعنية بمحاربة الإرهاب، بل سخروا وضحكوا طويلاً من هذا الرباعي، الليكودي أكثر من نتنياهو شخصيا.

مصر والأردن والإمارات والمغرب، هذه هي الدول العربية التي فضحها الإعلام الصهيوني، وأنهى جدل التخمينات، وكما قلت لك، قبل خمسة أيام، “لن تنتظر طويلا، حتى يخرج عليك ساسة الكيان الصهيوني بما يروي ظمأك لمعرفة العواصم العربية الأربع التي تسللت في جوف الليل، ووضعت أصواتها لصالح مرشح الاحتلال الإسرائيلي”.

لا مفاجأة على الإطلاق فيما يخص تقدّم مصر والأردن والإمارات صفوف النضال الرسمي العربي، الداعم للكيان الصهيوني، فالقاهرة وعمان متعودتان، منذ زمن، على هذا الصنف المبتذل من غراميات التطبيع، وانضمت إليهما أبوظبي، وعبّرت عن تجربتها العاطفية الأولى مع العدو الصهيوني، خلال التصويت على تولي إسرائيل رئاسة لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي في العام الماضي، ولثلاثتهم أسباب مشتركة، كون الأطراف الثلاثة تجمعها بالكيان الصهيوني كراهية عميقة للربيع العربي ومشروع المقاومة الفلسطينية.

الجديد والمفاجئ، هنا، انضمام المغرب لمثلث كارهي الربيع العربي، بقيمه الديمقراطية والإنسانية. والسؤال هنا: هل يستقيم أن تكون مع فلسطين وإسرائيل في الوقت نفسه؟ هل يمكن أن تكون صديقاً للشيء ونقيضه؟ أليس الاصطفاف من أجل مصلحةٍ صهيونيةٍ هو بالضرورة تمترس ضد مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه؟

وبصيغة أخرى: هل يمكن أن تكون قاهرة عبد الفتاح السيسي جديرةً، أو أمينةً على ملف المصالحة الفلسطينية/ الفلسطينية، وهي لا تترك مناسبةً تمر من دون أن تجدّد انحيازها التام للكيان الصهيوني، وبالضرورة، ضد مشروع التحرّر الفلسطيني؟

كل الاعتبارات الأخلاقية، وحتى البراغماتية، تقول: لا.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023