أكد الكاتب والمفكر فهمي هويدي، على حاجتنا الدائمة للتذكير ببعض البديهيات حول الإعلام في مصر، بعد الجدل القائم حول قانون الإعلام الموحد وميثاق الشرف الصحفي وهيكلة المؤسسات الإعلامية، التي يرى أنها مجرد أمور فرعية، في ظل تلك البيئة السياسية المحيطة بنا.
وأضاف “هويدي”، في مقال له بصحيفة “الشروق”، أن “القضية المفتاح فيما أدعيه تتمثل في البيئة السياسية المحيطة ومناخ الحريات العامة المتاح فيها. ذلك أنني منذ سنوات أدعو إلى النظر في حالة الديمقراطية في المجتمع قبل محاكمة الإعلام واتهامه، رغم اقتناعي بأن فيه الكثير الذي يستحق المؤاخذة؛ إذ لم يعد سرًا أن فنون الاستبداد تطورت بحيث لم يعد يمارس فقط من خلال مؤسسات القمع وهراوة الأمن وإنما صار الإعلام أحد أذرعه القوية”.
وأوضح أنه لا وجود لإعلام قوي وحر في مجتمع هش وناقص الحرية أو معدومها؛ إذ في الدول الديمقراطية يصبح الإعلام صوت المجتمع وعينه، كما أنه منصة التعبير عن أشواق ناسه، أما حين يتغير شمس الديمقراطية فإن الإعلام يصبح صوت السلطة وسوطها وأداتها للعبث بالوعي وتزييفه.
وأكد أن العوج في الإعلام لا يصلحه ميثاق الشرف الصحفي، خاصة بعد وصف صحفيي الموالاة ونظرائهم من الأمنجية باعتبارهم الصحفيين الشرفاء ورموز الصحافة الإيجابية المعنية بالتصفيق والتهليل، بل يحتاج إلى مجموعة من القيم والتقاليد التي تحرسها النقابة وقد يكون إلى جوارها مجلس مستقل يمثل فيه شيوخ المهنة وبعض العقول الكبيرة.
وأشار إلى أن البديهية الثالثة الفهم الخاطئ أن مهمة الإعلام تتمثل في رفع الروح المعنوية، رغم أن الإعلام دوره مختلف؛ إذ يفترض أنه في الدول الديمقراطية مستقل عن السلطة وليس تابعًا لها، وهو مرآة المجتمع الذي يعكس واقعه، ويعبر عن آراء مختلف توجهاته. ثم إنه عين المجتمع أيضًا في مراقبة السلطة.
واختتم قائلًا: “الإعلام في هذه الحالة يعيد إلى الأذهان ذكريات مرحلة تأميم الصحف المصرية الذي وصف تأدبًا بأنه “تنظيم” لها، وهي الحيلة ذاتها التي تم بها الالتفات على الهزيمة في يونيو عام 1967، ووصفها مجرد نكسة، إن أزمة الصحافة جزء من أزمة الوطن وفرع عنه. ولن ينصلح حال الفرع إلا إذا استعاد الوطن عافيته وخرج من أزمته. ليتنا ننشغل بالأصل قبل الفرع”.