شهدت المملكة العربية السعودية، مؤخرًا، العديد من الاضطرابات والأزمات الاقتصادية؛ حيث أصبحت ساحة للأخبار السيئة في الآونة الأخيرة، بداية من حربها المروعة في اليمن، إلى التهديدات الفارغة بشراء الدين الأميركي، بحسب مجلة نيوزويك الأميركية.
وأشارت “نيوزويك” إلى أن تولي محمد بن سلمان، ولي ولي العهد وزير الدفاع، لمجلس الشؤون الاقتصادية ووضعه خطة جديدة توضح رؤية السعودية لإنهاء الاعتماد على النفط اقتصاديًا تبدو إيجابية في ظاهرها، لكن واقعها يقول إن مستقبلها غير واضح إلى حد ما؛ حيث إن جوهر خطة التنمية الاقتصادية التي طرحها بن سلمان يتضمن استخدام الثروات السيادية وبيع جزء صغير من شركة النفط السعودية العملاقة “أرامكو”، إضافة إلى تمويل تدريجي من عائدات النفط تتغير نسبته مع الوقت، وهو ما يمكن السعودية من امتلاك 10% من الاستثمارات العالمية.
ونقلت المجلة عن بن سلمان قوله: “الاستثمار سيصبح مصدر العائدات المالية للسعودية وليس النفط” الذي يمثل 80% من الميزانية السعودية، ورغم تفهم أسباب تلك الإستراتيجية الجديدة التي تعتمد على أن النفط لن يدوم للأبد، إلا أن هناك فرصًا لفشلها تاركة وضعًا فوضويًا آخر يجتاح منطقة الشرق الأوسط.
وأوضحت المجلة أن مصادر الثروة السيادية في السعودية هي ما يستهدف محمد بن سلمان في خطته، إضافة إلى خطة سياحية تستقطب الأغنياء في ظل تنمية سياحية تكون من مصادر الدخل في الإستراتيجية الجديدة، إضافة إلى انتاج الأسلحة بكميات هائلة وهي أمور قابلة الحدوث.
ووفقًا للخبير الاقتصادي، فخري الفقي -في تصريحات خاصة لـ”رصد”- فإن الأزمات الاقتصادية تحدث على مستوى عالمي وليس على مستوى السعودية فقط، مؤكدًا أن أزمة النفط كانت الشعلة الأولى لتلك الأزمات؛ حيث أدى تراجع أسعار النفط العالمية إلى تراجع موارد المملكة بصورة كبيرة، خاصة أنها تعتمد على تصدير النفط كمورد اقتصادي رئيسي، وتسبب الأمر في عجز بالموازنة العامة للسعودية أدت لاقتراضها مليار دولار للمرة الأولى في تاريخها.
وأشار إلى أنه يبدو أن الأزمات الداخلية في السعودية بدأت في التفاقم بصورة كبيرة مع ازدياد نسبة البطالة بين الشباب وفشل محاولات التوطين، وما يزيد من الأزمة هو أن كل محاولات الدولة للتوطين لم تكلل معظمها بالنجاح وسط رفض داخلي من الشباب لشغل وظائف يرونها متدنية، وإجبار وزارة العمل المؤسسات على توظيف سعوديين بنسب معينة خلق نوعًا من البطالة المقنعة، التي قد تكون برميل بارود متفجر لا يعالج أصل الأزمة.
يذكر أن آخر دراسة تم إجراؤها في هذا الشأن كشفت أن 50% من العمالة السعودية، التي تم تشغيلها بناءً على برامج التوطين الرسمية السعودية، ما هي إلا عبارة عن بطالة مقنعة، ويقوم أصحاب المؤسسات توظيف عمالة أجنبية تقوم بعمل الاثنين معا، ما أدى إلى تأثر تلك العمالة كثيرًا، وتعريضهم لظروف تشغيل صعبة.
ووفقًا لـ”نيوزويك”، فان ما يزيد من صعوبة تحقيق خطة الأمير محمد بن سلمان هو التشابكات والعلاقات داخل العائلة المالكة التي تتسم بطابع يمكن أن يكون حائلًا دون اعتماد سياسة اقتصادية تعتمد على المهنية والكفاءة؛ حيث يصل عدد أفرادها إلى عشرات الآلاف، في مقابل آخرين يمثلون نصف سكان المملكة ويعاملون بطريقة متدنية وهو ما يجعل خطة بن سلمان للإصلاح عرضت للاستهداف وبادئة حرب عدائية ضده.
وبالنسبة للوضع العالمي، فإنه يمثل أحد أبرز اللاعبين في خطة التنمية السعودية، فاتفاقية باريس التي تم التوقيع عليها مؤخرًا يمكن أن يتبعها اتفاق عالمي بخفض درجة حرارة العالم 2 درجة سليزيوس وهو ما يعني وجود سياسة عالمية تحكم كل ما يحدث حول العالم بصورة تجعل النفط السعودي أقل قيمة بمعدل أسرع من المخطط له.
وقالت “المجلة” إنه إذا فقدت السعودية عائدات النفط بصورة أسرع من المخطط لها فلن تكون قادرة على شراء وتنفيذ خطتها الطموحة للتحول لاقتصاد عصري، وستفقد أهم مصادر ثروتها؛ حيث إنه دون النفط لن تكون السعودية قادرة على البقاء متماسكة، والنتيجة دولة أخرى تتعرض لضغوط تحولها إلى دولة فاشلة، ومركز جديد للفوضى في الشرق الأوسط على غرار ليبيا والعراق وسوريا، لكن هذه المرة ستكون في الدولة التي توجد بها قبلة المسلمين.