أثار إقرار الحكومة المصرية بتبعية جزيرتي صنافير وتيران للسعودية غضب الشارع المصري، حيث أعلن البيان الصادر من مجلس الوزراء بإعلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وما يترتب عليه من نقل السيادة على صنافير وتيران للسعودية في ظل غياب الشفافية وتضارب آراء الخبراء والمختصين.
يأتي وسط شكوك حول أن تنال شبه جزيرة سيناء مصير جزيرتي صنافير وتيران حيث التنازل عنها في ترسيم حدودي جديد، وهناك 3 عوامل تجعل من سيناء الهدف الثاني بعد “صنافير وتيران” كأرض مصرية مؤهلة للتنازل عنها.
فقدان المواطنة
وتحدث عدد من المواطنين في سيناء لـ”رصد” عن معاناتهم لفقدان المواطنة والتهميش والاحتقار والمعاملة السيئة وفقد الخدمات، مع تواصل عمليات الترهيب لهم ولأسرهم أينما كانوا.
وقال عبيدة نصير أحد أبناء قبيلة السواركة في تصريحات لـ”رصد” إن المواطنة حق دستوري يحرم أبناء سيناء منه، فنحن في نظر الدولة مواطنون درجة تالتة، حتى وصفونا بأننا خونة وغدارين وتجار مخدرات.
وأضاف: لقد بدا ذلك واضحا في السينما والدراما المصرية، حيث صوّرت السيناوي على أنه تاجر مخدرات وسلاح ويحارب الشرطة والجيش من أجل المال، ويخون وطنه، كل ذلك همّش السيناوية عن وطنهم.
وأكد محمود المسلمي، أحد المواطنين السيناويين والذي يعمل في مزرعة الموالح، أن جهاز تنمية سيناء يرفض بيع الأرض لنا، فقط يسمح لنا بزراعتها، وإذا أردنا أن نبني عشة في الصحراء نحتاج لشهور لإصدار التصريح، وكأنه تأشيرة للعمل في الخارج وليس للعيش داخل بلدنا!
وعلق الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، بأن السيناوية عانوا الإهمال والتجاهل والتهميش، وازداد الأمر مؤخرا بعد تفشي الإرهاب في شمال سيناء، وأصبحت الحركة في هذه المنطقة محسوبة على كل فرد.
وطالب نافعة النظام بسرعة إنهاء الحرب في سيناء، والبدء في عملية تعمير شاملة، مؤكدًا أن سيناء باتت هدفا لكل إرهابيي العالم، وتعميرها سينهي ذلك.
ومؤخرا ألغت السلطات المصرية شرط إثبات الجنسية لأبناء سيناء، والذي كانت قد اشترطته لحصولهم على شقق وأراضٍ بجنوب سيناء، وأثار جدلا كبيرا وغضبا واسعا بين أهالي المحافظة.
وكان اللواء محمود عيسى، سكرتير عام محافظة جنوب سيناء أعلن أن مجلس الوزراء وافق على إلغاء شرط شهادة إثبات الجنسية للحصول على الوحدات السكنية؛ لتخفيف الأعباء عن مواطني المحافظة.
وكان الإعلان قد أثار غضب واستياء أهالي سيناء، وشكك في وطنيتهم، حيث طلب من الراغبين منهم في الحصول على قطع أراض أو شقق تقديم ما يفيد أنه مصري الجنسية من مصلحة الجوازات بمديرية أمن جنوب سيناء.
إهمال حكومي متعمد
تعاني سيناء من إرث تاريخي من الإهمال الحكومي المتعمد، منذ نجحت مصر في تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بالرغم من كثرة الوعود الحكومية التي تطلق مع كل حادث إرهابي وتتحدث عن الاهتمام بتنميتها.
وقال اللواء عادل سليمان الخبير العسكري إن مشكلة سيناء كما قلنا مرارا وتكرارا تحتاج لحل جذري تنموي ينقل السيناوية من حياة التصحر إلى المدن من خلال السماح بإقامة مشاريع صغيرة وكبرى، ومنها تعمير المناطق الصحراوية وزراعتها بما يدفع بسيناء أن تتحول من منطقة عسكرية إلى مدينة كبرى.
وأكد سليمان أن استمرار الوضع هكذا في سيناء قد يدفع العالم لأن ينظر إليها بطمع، من حيث احتلالها تحت مزاعم تأمين دولة الجوار وهي “إسرائيل” وبالتالي سنكون خسرنا سيناء بطريقة شيطانية.
وأوضح أن تبني الدولة للمشروعات الصغيرة في منطقة سيناء سيدفع عددًا من شباب سيناء إلى العمل بدلاً من الانضمام للتنظيمات الإرهابية كأنصار بيت المقدس”، مشيرًا إلى أن أحد عوامل عدم مشاركة أهالي سيناء لمقاومة الإرهاب هو شعورهم بالتهميش وتردي أوضاعهم الاقتصادية.
ممارسات الجيش ضد المدنيين
قال اللواء عادل سليمان إن ممارسات الجيش المصري في سيناء ضد المدنيين العزل، وتهجير السكان واعتقال الآلاف وتصفية المعتقلين.. كل هذه الأمور كانت وقودا لنتظيم “ولاية سيناء” لتجنيد عدد أكبر من المقاتلين.
وأشار سليمان في تصريح لـ”رصد” إلى أن سيناء تحولت إلى أرض خصبة للإرهاب؛ بسبب استمرار النظام بالتفكير في سيناء على أنها منطقة حرب فقط وليس لسكانها حق، حيث شنت القوات المسلحة هجمات أوسع بعد تحييد الغالبية العظمى من السكان بسبب ممارسات الجيش ضدهم، فبالتالي أصبح الجيش لديه نقص شديد في المعلومات الاستخبارية، وكذلك فقدانه للحاضنة الشعبية، كل هذه الأمور أدت إلى ما نراه اليوم من نقلة نوعية في الصراع؛ فالمسلحون اليوم باتوا أكثر عددا، فكان يقدر عددهم في بداية الحملة بالعشرات الآن نتحدث عن مئات من العناصر.
وأكد حازم حسني أستاذ العلوم السياسية أن ما حدث في سيناء هو نتاج لتراكمات سياسات استمرت إلى أكثر من 30 عاما، وما زالت نفس السياسات مستمرة إلى الآن، فعقب ثورة يناير وانهيار جهاز أمن الدولة الذي كان يدير الملف الأمني في سيناء شهدت سيناء عقبها تدخلات خارجية.
وأوضح أن أزمة سيناء لا تكمن في الانفلات الأمني، أو الاتهامات الكاذبة التى توجه للمواطنين المصريين المقيمين فيها، أو الشائعات الخاصة بحماس ودورها في سيناء، إنما فى حالة غياب مفهوم المواطنة في التعامل مع أهل سيناء، فمنذ تحرير سيناء وحتى قيام ثورة 2011 لم يبلغ ما تم تنفيذه في ما يخص تنمية سيناء %21 من الخطط الموضوعة.