أكد عبد الهادي علام، رئيس تحرير جريدة الأهرام، أنّه من الضروري التعامل مع قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، بجدية تامة، وتقديم مرتكبي الجريمة إلى العدالة، والإعلان بشفافية عما تم التوصل إليه من حقائق لا لبس فيها أو استقالة المقصرين من المسئولين مسئولية مباشرة في تلك الواقعة إنقاذا لسمعة مصر ومكانتها ومصداقيتها دوليا.
وقال رئيس تحرير جريدة الأهرام في مقاله “وماذا بعد” تحت عنوان “الدولة ولحظة الحقيقة في قضية ريجيني!” إن “الموقف جد لا يحتمل الخفة، والدولة مطالبة بوقفة حقيقية حتى نستعيد سمعة مهددة!”، مضيفًا: “هناك نذر مشكلة كبيرة في العلاقات بين البلدين تلوح في الأفق، ولن تجدي معها معاملات سقيمة أو مبالغات مفرطة من جانب بعض من لا يعي خطورة حوادث بعينها”.
وتابع: “بعد أيام قليلة تعقد اجتماعات أمنية على مستوى رفيع بين مصر وإيطاليا، ومن المنتظر أن يصدر الجانب الإيطالي بيانا بعد تلك اللقاءات التي تستهدف استجلاء الحقيقة في ملف مقتل الباحث جوليو ريجينى، والعثور على جثته في فبراير الماضي على مشارف القاهرة، ونأمل أن تنتهي الاجتماعات إلى ما يحفظ العلاقات المصرية ـ الإيطالية من أي سوء”.
وعن تحركات الجانب الإيطالي، قال عبدالهادي: “يتمسك المسؤولون الإيطاليون بضرورة أن تقدم مصر أدلة وحقائق متماسكة تتعلق بالقضية، فالروايات الساذجة عن مقتل ريجيني أساءت إلى مصر داخليا وخارجيًا، وقدمت للبعض مبررات للحكم على ما يجرى في البلاد بأن شيئًا لم يتغير وكأننا في مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير، وينسى المدافعون، عن مواقف متهافتة غير مقنعة في فرط حماسهم أن قضية مقتل خالد سعيد رغم ملابساتها لم تمر مثلما ظن البعض في حينه”.
وتحدث عبدالهادي عن الأداء الإعلامي المصري، قائلًا: “كما أن الحديث عن دور وسائل الإعلام في تضخيم القضية أو نشر معلومات غير دقيقة ليست الشماعة المناسبة لإقناع الجانب الإيطالي بما هو مطروح عليه، فالأداء الإعلامي السيئ الذي يشكو منه القارئ والمشاهد قبل المسئولين أنفسهم، المسئول الأول عن حالته الراهنة هو بعض أجهزة الدولة نفسها التي تركت الباب مفتوحا أمام فوضى إعلامية بعدم التعامل المحترف مع قضايا مفصلية في فترة تمر بها مصر بمنعطف تاريخي، لا يمكن التعاطي معه بضعف أو بشخوص لا ترقى إلى مستوى الأحداث”.
وأضاف: “لا يمكن أن ننكر وقفة إيطاليا الأصيلة مع مصر بعد ثورة الشعب في 30 يونيو، وهي وقفة لم تملها فقط المصالح المشتركة ولكنها بٌنيت على قناعة في الأوساط الرسمية وفي أوساط الرأي العام بأهمية الوقوف مع الشعب المصري لدحر قوى الظلام وإعادة المجتمع المصري إلى عافيته، وهو ما تمثل في مراحل لاحقة في وقفات رسمية صلبة دعما لمصر في المحافل الدولية”.
وتابع: “إن عدم فهم بعض المسئولين قيمة الحقيقة، ناهيك عن أولوية حقوق الإنسان في المجتمعات الأوروبية، يضع الدولة المصرية في حرج وفى مأزق بالغ الخطورة، كما أن الترويج لروايات جديدة مثل اتهام ريجيني بالضلوع في أنشطة تجسس دون تقديم أدلة قاطعة سيزيد الطين بلة، وهناك من يريد التغطية على أخطاء فردية بالتعامل “البارد” مع قضايا لا تحتمل الخفة أو التجاهل، وربما يكون مردود ما يجرى هو أننا بالفعل نعانى قلة الكفاءات وضعف المهنية”.
وأنهى عبدالهادي مقاله قائلًا: “فمن لا يقدرون خطورة الواقعة على العلاقات الثنائية مع إيطاليا، وحالة التحفز في روما يدفعون بالوضع إلى أبواب قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيطاليا ومصر في وقت تهدد القضية مستقبل الحكومة الإيطالية نفسها التي أصبحت فى مهب الريح بسبب قضية ريجيني التي يتهم الرأي العام والبرلمان الحكومة بالتخاذل بشأنها، والأمر الآخر فضيحة استقالة وزيرة الصناعة أمس الأول بعد اتهامات تتعلق بمزاعم استغلال النفوذ دفعت أحزاب المعارضة الرئيسية إلى التصريح بأنها سوف تطلب تصويتا على الثقة بحكومة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتزي”.