مر أسبوع على مفاوضات جنيف، تباينت خلالها مواقف المعارضة والنظام بشأن مصير الرئيس بشار الأسد، وهو أمر بالغ الإزعاج بالنسبة لوفد النظام السوري ويبذلون كل ما في وسعهم لتجنب الخوض فيه.
وكان كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية محمد علوش، قال -في تصريحات للصحفيين عقب وصول وفد المعارضة برئاسة أسعد الزعبي إلى جنيف- إن المعارضة جاءت إلى المفاوضات من أجل أن “تعيد السلطة للشعب السوري، وأن تخلصه من الاستبداد والديكتاتورية التي مارسها النظام السوري طيلة أربعين عاما”، على حد قوله، وذلك ردًا على ما قاله وزير الخارجية السوري وليد المعلم في وقت سابق من أن النظام السوري خط أحمر.
وكان “المعلم”، قد قال في مؤتمر صحفي بالعاصمة دمشق: “لن نحاور أحدًا يتحدث عن مقام الرئاسة، وبشار الأسد خط أحمر، وهو ملك للشعب السوري، وإذا استمروا في هذا النهج فلا داعي لقدومهم إلى جنيف”.
وبعد محادثات استمرت أسبوعا في جنيف أشاد مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا بعمق الأفكار التي تطرحها المعارضة وانتقد الدبلوماسيين المخضرمين على الجانب الحكومي لانغماسهم في المفاهيم النظرية.
وقام ممثل النظام السوري بشار الجعفري بتقديم وثيقة لـ”دي ميستورا” تحمل عنوان “العناصر الأساسية لحل سياسي”؛ حيث قال “الجعفري” يوم الجمعة في بيان مقتضب بعد أطول جلسة في المحادثات حتى الآن: “الموافقة على هذه المبادئ ستفتح حوارا جادا بقيادة سورية وبدون تدخل أجنبي وبدون شروط مسبقة”.
لكن مسؤولين ودبلوماسيين شاركوا في المباحثات وصفوا هذه الوثيقة بأنها “هزيلة للغاية” و”غير مشجعة” “وبعيدة عن الموضوع”؛ حيث تسرد الوثيقة نقاطًا، بينها الحفاظ على دولة علمانية وسلامة الأراضي السورية وأهمية مكافحة الإرهاب، لكنها لم تأت على ذكر الانتقال السياسي.
سيناريوهات لمصير سوريا
تصر المعارضة الرئيسية إلى جانب الولايات المتحدة ودول غربية أخرى منذ فترة طويلة على أن أي اتفاق سلام يتعين أن يتضمن رحيل الأسد عن السلطة، في حين تقول الحكومة السورية وروسيا إن الاتفاقات الدولية التي تضمن عملية السلام لا تتضمن أي عبارة تشير إلى ذلك.
1- انتخابات برلمانية وبقاء الأسد
دعا وفد الحكومة السورية في المفاوضات إلى تأخير الجولة المقبلة من مفاوضات السلام في جنيف، من أجل إجراء انتخابات برلمانية في سوريا، وهو ما رفضته المعارضة.
واعتبر يحيى قضماني، نائب المنسق العام لهيئة المفاوضات العليا السورية المعارضة في محادثات جنيف، أن الانتخابات التي أعلنت عنها الحكومة السورية “غير شرعية”، في حين قال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات للصحفيين في جنيف اليوم: “لن نقبل تأجيلًا من أجل إجراء انتخابات غير شرعية، لم نتلق شيئًا من السيد ستيفان دي ميستورا يفيد بالدعوة للتأجيل”.
وفي الشهر الماضي، كان بشار الأسد قد دعا إلى إجراء انتخابات برلمانية، في مؤشر على اكتسابه الثقة عقب إحرازه تقدمًا في ميدان المعركة.
2- حكومة وحدة وطنية وبقاء الأسد
يتحدث النظام عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم أطيافًا من المعارضة، مع عدم الحديث عن بقاء الأسد أو عدمه، وذلك بسبب وصفهم ذلك الأمر منذ البداية بـ”الخط الأحمر”، فيما تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية دون أن يكون للأسد أي دور فيها.
3- رفض الفيدرالية السورية
تبقى نقطة اللقاء الوحيدة بين النظام والمعارضة هي الرفض الكامل لمشروع الفيدرالية، الذي يفضله الأكراد الذين عانوا سنوات طويلة من التهميش في سوريا.
وكان ممثلو الحكومة السورية وفصائل المعارضة قد أعلنوا رفضهم، لإعلان أكراد تأسيس “نظام فيدرالي” في مناطق سيطرتهم شمالي البلاد.
وقال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية: إن “تحديد شكل الدولة -سواء أكانت مركزية أو فيدرالية- ليس من اختصاص فصيل بمفرده”.
كما قالت الحكومة السورية: إن أي إعلان في هذا الاتجاه “لا قيمة قانونية له ولن يكون له أي أثر سياسي.. طالما أنه لا يعبر عن إرادة كامل الشعب”، بحسب الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” عن مصدر في وزارة الخارجية.
ويرى دكتور جهاد عودة، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، أن أجندة مفاوضات جنيف 3، لم تتضمن الحديث عن مصير بشار الأسد.
وأضاف عودة في تصريحات خاصة لشبكة “رصد”: “مصير الأسد لم ولن يطرح في مفاوضات جنيف الحالية، ولكن المحادثات ستتركز حول الحكومة الانتقالية، وإجراء انتخابات برلمانية، ووضع دستور جديد للبلاد”.
وشدد عودة على أن وفد المعارضة اتفق على الأجندة التي لم يذكر فيها “مصير الأسد” قبل الذهاب إلى جنيف، مشيرًا إلى أن مصير الأسد يمكن أن يطرح عقب الانتهاء من عناصر الأجندة الثلاث.