حالة من الجدل والغموض السياسي تسيطر على المشهد المصري، وسط الحديث عن مصالحة بين النظام الحالي وجماعة الإخوان المسلمين، والحديث عن رغبة دولية في التخلص من عبد الفتاح السيسي وطرح بديل له قبل انفجار الشارع المصري.
وقد شهدت الأيام القليلة الماضية العديد من الأحداث المثيرة للجدل؛ كان آخرها الحكم بإخلاء سبيل قيادات تحالف دعم الشرعية، والحكم بعدم دستورية حل أحزاب الإسلام السياسي بدعوى أنها أحزاب دينية، ومن قبلهم المصالحة مع حركة حماس في غزة وزيارتهم إلى القاهرة.
العالم يبحث عن بديل السيسي
قال الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، إن صدور بعض الأحكام من القضاء بالإفراج عن قيادات دعم الشرعية، ليس له أي علاقة بمصالحة مع النظام السياسي الراهن، ولكنه صحوة من القضاء، ومحاولة لتصحيح مساره من قبل بعض القضاه، فالكثير من القضاة وضعوا مؤسسة القضاء في زاوية سيئة.
وأضاف “نور” في تصريح خاص لـ”رصد” أن القضاء المصري بدأ يدرك أن هذا المسار الذي يسير فيه السيسي معارض مع مصلحة مصر، ولا شك أن هناك حالة استياء من قبل القضاة، سواء من مؤيدي ومعارضي السيسي على حد سواء، وأنه من المتوقع أن تصدر الكثير من الأحكام المشابهة لهذا الحكم، وعلينا أن نطلب من القضاء أن يطهر نفسه ويتخلص من رموز شوهت صورته أمام الشعب.
وعن فكرة وجود تحضير لبدائل لعبد الفتاح السيسي من قبل المجتمع الدولي، قال “نور” إن المجتمع الإقليمي بدأ يري الصورة الحقيقية لعبد الفتاح السيسي وبدأ يشعر أن من كانوا معه في الداخل أصبحوا ضده، وأن المجتمع الدولي متشكك في إمكانية استمرار السيسي في منصبه، وأنه أصبح عبئًا عليهم، وأصبح هناك مناقشة لبديل له وشكل المرحلة المقبلة بدون السيسي.
وأكد “نور” أنه ليس من حق أحد أن يختار لمصر والشعب سيقول كلمته، ولكن القوى الإقليمية تعيد النظر طبقا لمصالحها والسيسي فشل في تحقيق مصالحهم.
لا يوجد بوادر مصالحة
ومن جانبه استبعد اسامة رشدي، المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية، أن يكون هناك أي بوادر للمصالحة في المرحلة الحالية، موضحا أن كل واقعة لها ضرورتها الخاصة، مشيرا إلى أن حكم الأحزاب الدينيه حكم مبنيٌّ إجراء شكلي، وهي طريقة إحالة القضية إلى المحكمة، مشيرا إلى أنه لا علاقة له بإلغاء الأحزاب.
وأضاف “رشدي”، في تصريح خاص لـ”رصد”، أن الشق الموضوعي في القضية أنه ليس هناك من الأساس أحزاب دينية في مصر، مؤكدا أن هذا وفق قانون الأحزاب بعد الثورة.
وأوضح “رشدي” أن حزب البناء والتنمية، على سبيل المثال، حصل على حكم قضائي بتأسيسه بعد أن رفضته لجنة شؤون الأحزاب؛ حيث إنه ووفق الدستور فإن الحزب الديني هو الذي يقتصر على دين معين، وهذا ليس موجودا في أي من الأحزاب التي يحاربها ويحظرها النظام.
ولفت إلى أنه فيما يتعلق بقضية حماس فالوضع الإقليمي هو الذي أجبر السيسي على الاتصال معها، فالضغوط السعودية على النظام المصري، كما أن إسرائيل لا توافق على اشتعال الصراع مرة أخرى وانفجار القطاع، في ظل الحصار الذي يفرضه النظام المصري على قطاع غزة.
وأشار “رشدي” إلى أن النظام المصري يدرك جيدا أن حماس ليس لها أي علاقة بما يحدث في سيناء، وأن جميع اتهامات الداخلية المصرية ملفقة، أما بخصوص الإفراج عن قيادات دعم الشرعية، فقد أكد “رشدي” أن الحكم حتى الآن ليس نهائيًا، وأنه كان هناك حكم مشابه من 4 شهور وتم إلغاؤه، مستبعدا أن يكون هناك صراع بين القضاء والنظام، وأنه لا مبرر لاحتجاجات هذه القيادات حتى الآن، خصوصا أنه لا يوجد أي شيء يدينهم، وحتى لو تم الإفراج عنهم فهذا يعتبر نوعا من التصحيح ولا يعتبر مصالحة.
الحكم قانوني وليس له علاقة بالزند
واستبعد منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية، وجود أي بوادر للمصالحة في المرحلة الحالية، مشيرا إلى أن الحكم ليس جديدا بخصوص المتهمين من قيادات دعم الشرعية في تلك القضية، وصدر منذ 3 أشهر قرار مماثل من نفس الدائرة التي تنظر القضية، ولكن النيابة العامة طعنت على قرار المحكمة بالإفراج عن المتهمين.
وأكد “الزيات”، في تصريح صحفي، أن الحكم ليس سياسيا، ولكنه جاء في إطار قانوني، ومن الممكن أن تطعن النيابة عليه مرة أخرى، ولا يتم الإفراج عنهم، مشيرا إلى أنه سابق للأوان إصدار تحليلات وتفسيرات سياسية ليس لها ملامح على أرض الواقع.
وعن وجود معلومات عن احتمال عقد صفقات سياسية مع قيادات التيار الإسلامي بمصر، أكد الزيات أن الواقع على الأرض ومن يتابعه بشكل جيد يعلم أنه لا يوجد أي ملامح تغيير تحدث تعطي مؤشرا على ذلك، سواء بالأوضاع الإنسانية داخل السجون، والكثير من الانتهاكات التي تحدث بحق مَنْ بداخلها، التي لم يُستثن منها أحد، سواء من الشباب الصغير أو القيادات.
ونفى “الزيات” فكرة أن يكون حكم أمس له علاقة بصراع مؤسسات الدولة، وأنه ردا على إقالة وزير العدل المستشار أحمد الزند، مضيفا أن الزند لم يكن محبوبا بين القضاة بشكل عام، باستثناء المجموعة المقربة منه التي لا تمثل شيئا في جسد القضاة.
تجهيز بدائل للسيسي
وكشفت رئيسة المجلس الثوري المصري، الدكتورة مها عزام، عن أن القوى الإقليمية والولايات المتحدة الأميركية تحاول تأسيس قنوات اتصال بديلة وروابط؛ من أجل أن يكون لها تأثير وبديل جاهز في حالة وجود اضطراب سياسي “كبير”، أو في حال أن حليفها (السيسي) أصبح عبئا عليها ويهدد مصالحها.
وأضافت -في تصريحات نقلها موقع عربي 21- أن البدائل التي يسعون (القوى الإقليمية وأميركا) للوصول إليها، هي تلك التي سوف تستمر لخدمة مصالحهم، والتي تنتج نظاما لا يختلف جذريا عن ما يوجد الآن، مؤكدة أن “هذه البدائل المتشابهة ستستمر في إنتاج الاضطراب ذاته، وسوف يستمر رفضها من قبل الشعب المصري؛ لأنها ليست إلا وجوها مختلفة للمنظومة ذاتها”.
وحذرت “عزام” من ما وصفتها بمحاولات استيعاب ثورة يناير وتبريدها والالتفاف عليها؛ من خلال إجراء “صفقة” مع الجيش، وضمان بقاء الدور الريادي لأصحاب المصالح الخاصة والدولة العميقة، باسم تحالف عسكري/ رجال أعمال/ ليبرالي/ إسلامي “معتدل”، مشدّدة على رفض المجلس الثوري لهذه الرؤية.
وأكدت أن المجلس الثوري حقق تقدما كبيرا في تحركاته بالخارج، وأنه سيستمر في الضغط على صناع القرار السياسي وحقوق الإنسان ودوائر المجتمع المدني الدولي، مضيفة: “انتصار ثورتنا سيكون على الأرض وداخل بلادنا، ولكن علينا أن نقطع أواصر دعم النظام الانقلابي في الخارج، وألا نترك المساحة السياسية والدبلوماسية له، لكشف وفضح انتهاكاته وممارساته”.