قتل واعتقال ورشاوى، هذا هو حال الأمن المصري مع الشعب المصري، قبل ثورة يناير وبعد الثالث من يوليو، إلا أن هذه المرة الامر مختلف تمامًا، حيث وصل الأمن إلى الحدود المصرية بعيدًا عن المواطن المصري.
وشهدت حدود وموانئ ومطارات مصر العديد من الانتهاكات من قبل ضباط الشرطة، وحتى المسؤولين الحكوميين، لينتقل الوضع الداخلي لمصر إلى حدود البلاد، ليصيب الشعوب المحيطة بمصر ما أصاب الشعب المصري، من انتهاكات فرضها الأمن تمثلت في العديد من الرشاوى، تم كشف بعضها والبعض الآخر طي الكتمان.
معبر رفح
قرابة 2 مليون دولار دفعت رشاوى لضباط مصريين لتسهيل سفر عدد من أهالي غزة عبر معبر رفح والتي يتم ترتيبها بين ضباط مصريين ومتعاونين معهم في قطاع غزة، حيث يتقاسم الضابط المصري والمنسق الفلسطيني مقابل تسهيل سفر عبر المعبر.
وحسب معلومات وصلت إلى “رصد” بلغ عدد كشف التنسيقات المصرية 600 شخص خلال ثلاثة أيام، ويصل متوسط ما يدفعه المسافر الواحد 3 آلاف دولار، فيما يدفع البعض مبلغا مضاعفا ليضمن سفره في الساعات الأولى لفتحه، ما يعني أنه تم دفع قرابة 1.8 مليون دولار كحد أدنى لتسهيل سفر الفلسطينيين على المعبر.
ويكون سفر هؤلاء على حساب عشرات الآلاف من الحالات المرضية والطارئة التي تتنظر على قائمة السفر، حيث يلجأ الفلسطيني المقتدر إلى هذه الطريقة لضمان سفره لارتباطاته الخارجية بمصالح خاصة مثل العلاج والتعليم وزواج بناتهم في الخارج.
ولا يسمح الضابط المصري بسفر أي حافلة تقل مسافرين عاديين إلا بتسهيل سفر هؤلاء من الجانب الفلسطيني، كما حدث في مرات عديدة في فترات فتح المعبر الاستثنائية أن ينادي الضابط المصري بالاسم على بعض المسافرين.
وتغلق السلطات المصري معبر رفح، المنفذ الخارجي الوحيد للفلسطينيين ولا تفتحه إلا بشكل استثنائي لأيام معدودة منذ انقلاب 3 يوليو 2013، بشكل أسوأ مما كان عليه قبل ثورة 25 يناير والاطاحة بنظام مبارك.
وفي عام 2015 الماضي ، فتحت السلطات المعبر فقط 26 يوما وفق احصائية أعدتها “رصد”.
لواء سابق
رشاوي الأمن المصري لم تنتهي عند العاملين بوزارة الداخلية، حيث طالت لواءات سابقة تولت مناصب آخرى ، وهذه المرة في ميناء بورسعيد.
وقضت محكمة جنايات القاهرة المصرية، بمعاقبة المستشار الهندسي لهيئة موانئ بورسعيد، محمد أحمد أبو العينين، بالسجن المشدد 10 سنوات، وتغريمه المبالغ المحصّلة التي تقاضاها كرشوة، في القضية الشهيرة إعلاميا بـ”رشوة ميناء بورسعيد”.
وقضت المحكمة ذاتها بمعاقبة كل من رئيس هيئة موانئ بورسعيد السابق ، اللواء أحمد نجيب شرف إبراهيم، ومدير الإدارة الهندسية بالهيئة، محمد التابعي قوطة، بالسجن المشدد 5 سنوات وتغريمهما المبالغ المحصّلة التي تقاضياها كرشوة في القضية.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا أحالت المتهمين للمحاكمة الجنائية، وأمرت بإخلاء سبيل مالك الشركة الهندسية بكفالة 200 ألف جنيه ، وتبيّن من التحقيقات أن الرشاوى التي حصل عليها مسؤولو الهيئة تمثّلت في سيارات فارهة، وآلاف الدولارات.
وتحمّل مقدمو الرشاوى نفقات سفرهم للخارج في رحلات ترفيهية، بالإضافة إلى تقديم عملات ذهبية مقابل تهريب بضائع وتعاملات تجارية مخالفة للقانون، وفقاً لتحقيقات النيابة العامة.
مطار شرم الشيخ
صحيفة “الإندبندنت” نشرت تقريرا مصورا أكدت من خلاله أنه لشرطي مصري بمطار شرم الشيخ يتقاضى رشوة، نظير تسهيل إجراءات مرور السائحين.
وأفردت الصحيفة البريطانية مساحة كبيرة للتقرير، وأكدت أن الصور اتلي بثتها التقطها وائل حسين مراسل بي بي سي في مصر.
تهريب الأفارقة
تغاضت الدولة عن تهريب الأفارقة والسجائر والمخدرات من بعض المهربين في سيناء إلى إسرئيل، وكان هناك بعض اللواءات في وزارة الداخلية وبعض ضباط الاستخبارات العسكرية لهم حصص مالية من عمليات التهريب مع إسرائيل وأيضًا مع غزة؛ “حسب ما وثقته شبكة “رصد” في حوار لها مع أحد المهربين”.
أنفاق غزة
يقول “عدنان” اسم مستعار، وهو من إحدى العائلات التي تم تهجيرها في رفح: “كان لدي نفق في منطقة البراهمة في رفح، وكان لي شريك في هذا النفق يعمل في تهريب المواد الغذائية والبترولية؛ وفي أحد الأيام تفاجأت بحملة أمنية من المخابرات تهاجم المنطقة الموجود بها النفق، حتى تمكنوا من إغلاقه بواسطة الجنود والضباط بالحجارة، ثم قاموا باعتقالي واقتيادي لمكتب المخابرات برفح”.
ويتابع “عدنان” -في تصريحات خاصة لـ”رصد”-: “حدث هذا في عام 2010، ثم عرض عليّ أحد الضباط أن يشاركني بحصة مالية في النفق، فوافقت مضطرًا حتى لا يتم اعتقالي ومحاكمتي، وأيضًا حتى لا يتم إغلاق مصدر رزقي الوحيد، فأنا لا أعمل في أي شيء”.
شريك ضابط
ويروي “مصطفى”، اسم مستعار، من أهالي رفح المهجّرين أيضًا -في تصريحات خاصة لـ”رصد”-: كان لدي نفق في منطقة الشلالفة قرب معبر رفح، وكنت أشارك أحد الضباط في هذا النفق؛ حيث تم الاتفاق بيني وبين الضابط أن يحصل على نسبة 25% له من صافي ربح النفق، وهذا الضابط معروف جدًا؛ إذ إنه يشارك أشخاصًا آخرين حتى من قبل ثورة يناير”.
رشوة ومخدرات
قررت نيابة النزهة، برئاسة المستشار محمد سلامة ، إحالة أمين شرطة يعمل بإدارة مكافحة المخدرات بمطار القاهرة، وتاجر كان مسافرًا لأحد البلاد العربية إلى محكمة الجنايات، بتهمة الرشوة.
كانت تحقيقات النيابة العامة قد كشفت أن المتهم الأول أمين شرطة بإدارة مكافحة المخدرات، ويعمل فى مطار القاهرة ، واتفق معه مسافر مصرى يعمل فى دولة خليجية على تسهيل تهريب مليون ونصف مليون ريال من المطار مقابل حصوله على 3 آلاف جنيه رشوة.
وتبين من التحريات والتحقيقات أن أمين الشرطة وضع الأموال المتفق على تهريبها فى ظرف بحقيبة المسافر، وتمكن من تفويتها على التفتيش، ثم سرق الأموال التى بداخلها قبل إقلاع الطائرة، وظن المتهم الثانى أن العملية نجحت، والأموال تم تهريبها، ولكن عقب وصوله إلى الدولة الخليجية قام بتفتيش الحقيبة فلم يجد بها الأموال، فعاد إلى القاهرة واتهم أمين الشرطة فتم القبض عليهما وإحالتهما للنيابة.
تزوير تأشيرات
واقعة أخرى للأمن المصري بدأت بتحقيق نيابة النزهة برئاسة المستشار هيثم مشهور، مدير النيابة، مع ضابط شرطة بجوازات مطار القاهرة ؛ لاتهامه بتلقى رشوة مالية مقابل تزوير في التأشيرات.
تلقت الرقابة الإدارية بلاغًا يفيد قيام ضابط بجوازات مطار القاهرة بالتلاعب في التأشيرات وتزويرها مقابل تلقي رشوة مالية، ودلت التحريات على صحة المعلومات، وعقب تقنين الإجراءات تمضبط المتهم.
وتبين أن ضابط شرطة اتفق مع عدد من الشباب على تسهيل مرورهم إلى دولة السودان ومن ثم تهريبهم إلى ليبيا ، وذلك بتأشيرات مزورة.
طالع أيضًا:
بالأسماء.. ارتفاع رواتب ضباط الشرطة.. والولي لـ”رصد”: زيادة 2.5 مليار