اختلف سياسيون مؤيدون لعبدالفتاح السيسي حول تدشين عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين للمؤسسة المصرية لحماية الدستور، في ظل الخلاف حول تعديل الدستور وتوسيع صلاحيات السيسي.
وأعلن عدد من أعضاء لجنة الخمسين وشخصيات حزبية، تدشين المؤسسة المصرية لحماية الدستور وفقا للقانون رقم 84 لسنة 2002، خلال مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء بنقابة الصحفيين.
بيان عمرو موسي لحماية الدستور
وأوضح عمرو موسي، في بيانه الذي ألقاه اليوم، أن ثورة يناير- يونيو اقترنت بالكفاح من أجل دستور يؤسس لدولة القانون المدنية الحديثة، ويكفل الحقوق والحريات للمواطنات والمواطنين، ويضع الضمانات الأساسية لاحترامها.
وأضاف أن مؤسسات الدولة في ممارسة السلطات الممنوحة لها وكيل عن الشعب، تتقيد بقواعد محددة لممارسة هذه السلطات، والقواعد لا تعني عرقلة مؤسسات الدولة عن القيام بوظائفها، وإنما تعمل على ضمان ممارسة الشعب لسلطاته الأصيلة مباشرة أو عن طريق ممثليه.
وأكد أنه على الرغم من أن الدستور لم تطبق أغلب أحكامه بعد، ظهرت أصوات تدعو إلى تعديله، بدعوى أن بعض نصوصه قد تعطل السلطة التنفيذية عن القيام بوظائفها الدستورية، موضحا أن أي قراءة للدستور تكشف عن أنه احتفظ لرئيس الجمهورية، باعتباره رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، بصلاحيات واسعة في إطار توازن دقيق بين السلطات تمكنه تماما من القيام بمسؤولياته بفعاليةً.
واعتبر أن تلك الدعوات تتجاهل الإرادة الشعبية وتعطل مسيرة الدولة نحو التقدم الذي لا يمكن أن يتحقق، إلا بالاستقرار الدستورى، خاصة أنه نال موافقة 98% من الشعب، على حد زعمه.
وأشار إلى أن المؤسسة تسعى لتفعيل الدستور وإنفاذ أحكامه للحفاظ على استقرار الوطن والمضي به على طريق الديمقراطية والتقدم، من خلال عدد من المهام وهي: التوعية بمبادئ الدستور وأحكامه وضرورته والدعوة إلى احترامها، واقتراح سبل تفعيلها، رصد التشريعات واللوائح والممارسات المخالفة لأحكام الدستور وإعداد الدراسات والمقترحات المتعلقة بتعديل النصوص المخالفة، وكذا بمشروعات القوانين المكملة أو المنفذة للدستور وتقديمها للجهات المختصة، عقد الندوات والمؤتمرات وإدارة حوار مجتمعي وتوفير المعلومات والدراسات حول الدستور والتواصل مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإصدار نشرات غير دورية فيما يخص إنقاذ مواد الدستور.
الدستور أعطى الرئيس صلاحيات واسعة
ومن جانبه قال حافظ أبو سعدة، الناشط الحقوقي: إن المطالبة بتعديل دستور 2014 تحت ادعاء أن صلاحيات الرئيس أقل من البرلمان ما هي إلا نفاق للرئيس.
وأضاف -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن صلاحيات الرئيس كما هي، ما عدا أن المادة الخاصة بسحب الثقة من الوزراء انتقلت للبرلمان، وأن رئيس الحكومة إذا قرر تغيير الحكومة يجب أن يحصل على موافقه مجلس النواب، وهذا إجراء معمول به في معظم دول العالم، وغير متوقع دخول البرلمان في صدام مع الرئيس.
وأكد “أبو سعدة” أرفضه تعديل المادة الخاصة بمدة الرئاسة، مشيرًا إلى أن دستور 2014 ووافق عليه أغلبية الشعب المصري بنسبة 98% ولا يجب التراجع عنه، بما فيها مدة تولي الرئيس للحكم، والدستور أتاح للرئيس فترة رئاسية أخرى يستطيع خلالها استكمال مشروعاته وخططه إذا ما طلبه الشعب مرة أخرى؛ وذلك لتحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة.
السيسي يخشى الرقابة والمحاسبة
وقال الدكتور جمال حشمت، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين: إن السيسي يخاف من الدستور الحالي؛ لأنه لا يعمل وفق مؤسسات ولا رقابة ولا محاسبة.
وأضاف “حشمت” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن الدستور الحالي رغم الصلاحيات الواسعة التي أعطاها للجيش، ورغم أن السيسي هو من أشرف علي تمريره، لكنه يمنح الصلاحيات لرئيس الوزراء أكثر من رئيس الجمهورية، وهناك مادة تحصن وزير الدفاع، بينما لا يوجد ذلك في حق الرئيس الذي يمكن مساءلته أمام البرلمان.
وختم “حشمت”: “في النهاية يريد حكمًا بلا محاسبة ومسؤولية بلا شفافية وسلطة بلا رادع”.
تطبيق الدستور أولا
وقال هيثم الحريري، عضو مجلس النواب عن دائرة محرم بك بالإسكندرية: إنه ليس مؤيدًا ولا معارضًا لفكرة تعديل الدستور، لكن التفكير في تعديل الدستور قبل البدء في تطبيق مواده هو فكر خاطئ تمامًا، وبالتالي فإن الشعب يحتاج ثلاث أو أربع سنوات حتى يتعرف على المواد التي ينبغي تعديلها، وكيفية تعديلها، مؤكدًا أن الدستور ليس قرآنًا لا يمكن تعديله.
وأضاف “الحريري”، في تصريح صحفي، أن الدستور يجب أن يتوافق مع فكر وتوجهات المجتمع، فإذا حدث تطور في فكر أو توجه للمجتمع فيصبح من حقه أن يطالب بتعديل مادة أو أكثر من الدستور.
وطالب الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء الأسبق، الجميع بتطبيق مواد الدستور أولاً قبل الدعوة إلى تعديله، مضيفًا أن هناك محاولات داخل تحالف “دعم مصر” لتشكيل حكومة جديدة، مشيرًا إلى أن هناك التباسا بشأن تفسير المادة 149 من جانب أعضاء مجلس النواب.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في ندوة نظمتها مؤسسة قضايا المرأة بعنوان “التمتع بحياة دستورية تحقق العدالة للجميع”.
الهجوم على مبادرة عمرو موسى
وفي المقابل استنكر المستشار يحيى قدري، المنسق العام لتيار التنوير، إقدام عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين، على تدشين مؤسسة لحماية الدستور وتفعيل مواده والمقرر الإعلان عنها بشكل رسمي خلال مؤتمر صحفي غدا بنقابة الصحفيين بحضور عدد من الشخصيات العامة وأعضاء الجنة.
وقال “قدري”، في تصريحات صحفية: إنه لا يوجد ما يسمى تشكيل مؤسسة لحماية الدستور؛ لأن الشعب لمصري لو أراد أن يعدل الدستور فلن يستطيع أحد الوقوف أمامه ومنعه من تعديله.
وأضاف المنسق العام لتيار التنوير ونائب رئيس حزب الحركة الوطنية الأسبق أن مجلس لنواب يمثل الشعب المصري وإذا وافق أعضاء البرلمان على تعديل الدستور فإن هذا يعد موافقة من الشعب على تعديله، وما كان يجب على عمرو موسى الإقدام على تشكيل تلك المؤسسة.
توسيع صلاحيات الرئيس
وقال السيد محمود الشريف، وكيل مجلس النواب: “أنا مع تعديل الدستور، وتوسيع صلاحيات الرئيس؛ لأن هناك العديد من التحديات التي تواجه الدولة؛ الأمر الذي يتطلب صلاحيات أوسع للرئيس، تمكنه من الحفاظ على مقدرات البلد”.
وأضاف “الشريف”، في تصريح صحفي: “ليس معنى زيادة صلاحيات الرئيس أن يحول إلى ديكتاتور”، نافيا أن تكون صلاحياته في الدستور المعمول به محدودة، وإنما الظرف الحالي الذي تعيشه البلاد يستوجب صلاحيات أوسع، مؤكدا أنها لن تحد من صلاحيات البرلمان.
ورفض النائب حسين أبوالوفا الشاذلي، عضو مجلس النواب، عن دائرة دشنا والوقف، تدشين المؤسسة المصرية لحماية الدستور التي أعلن عنها عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق ورئيس لجنة الخمسين، مشيرًا إلى أنها تهدف للوقوف أمام أي تعديل لمواد الدستور.
وأضاف “أبو الوفا”، في تصريح صحفي، أن هناك بعض المواد بالدستور الحالي تحتاج إلى تعديل من بينها المواد الخاصة برئيس الجمهورية، مطالبًا بضرورة زيادة مدة فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات.
وقالت النائبة آمنة نصير، عضو مجلس النواب: “إن الدستور الحالي من إعداد البشر وليس قرآنًا، مضيفة أنه في حالة وجود مواد مخالفة أو ضعيفة أو مواد تتعارض مع الصالح العام للدولة المصرية، سوف تكون أول من يطالب بتعديلها رغم مشاركتها في لجنة الخمسين التي أعدت الدستور الحالي، موضحة أن قيام عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بتدشين المؤسسة المصرية لحماية الدستور؛ بسبب كثرة الهجوم على الدستور الحالي”.
وأضافت “نصير” أن عمرو موسى بذل جهدًا كبيرًا في إعداد الدستور الحالي ومن حقه أن يطلق المؤسسة المصرية لحماية الدستور، موضحة أنه في حالة تطبيق مواد الدستور على أرض الواقع سوف تحل جميع المشاكل التي تعاني منها الدولة والشعب المصري.