يستمر النظام المصري في سياسة إلهاء الشعب عن طريق طرح قضايا مثيرة للجدل، هذا الأسلوب تستخدمه الدول حينما تواجه فشلا كبيرا في أحد الملفات، وتريد شغل الرأي العام.

وبقراءة بسيطة للأحداث منذ تولي السيسي السلطة، نلاحظ بين فترة وأخرى يتم طرح قضايا تافهة تثير الجدل وتشغل الرأي العام عن قضاياه المصيرية، منها معارك مرتضى منصور الوهمية التي لا تنتهي، حلقات ريهام سعيد وحكايتها عن الجن والعفاريت، ولا ننسى قضية ترشح الراقصة سما المصري للبرلمان، وتهديدها ووعيدها بكشف ملفات فساد الكبار، وانتهت الانتخابات وتم استبعادها، ولم نر ملفات فساد على مكتب النائب العام.

مرتضى منصور ورقة مبارك المحروقة

استعان النظام الحالي بنفس الورقة التي كان يستخدمها نظام المخلوع مبارك لشغل الرأي العام وهي ورقة مرتضى منصور، حيث كان يستعين نظام مبارك بهذه الورقة كثيرًا.

واليوم نرى “الخناقة “الشهيرة بين مرتضى منصور وعمرو أديب التي دخل على أطرافها توفيق عكاشة ليدافع عن منصور ويسب أديب ومن جانبه دخل مصطفى شردي ضد مرتضى منصور بجانب أديب.

وتدنى مستوى الحوار لدرجة اتهام مرتضى منصور لعمرو أديب بأنه كان يختبئ تحت السرير حينما كان يأتي الوزير السابق محمود محيي الدين لزيارة زوجته لميس الحديدي.

وقال مرتضى منصور في فيديو نشره على صفحته في “فيسبوك”، فجر الأربعاء: “انت يا عمرو امبارح اتجننت، واتهمتني إني كداب، انت قلت إن أحمد مرتضى جري وراك، يعني انت كده عنتر”.

وأضاف منصور: “مش أنا اللي كنت بستخبى تحت السرير، ده كنت انت اللي بتستخبى تحت السرير لما كان محمود محيي الدين بيجيلك البيت، ومش عايز أقولك ليه، مش أنا اللي أخاف يا عمرو، أنا تحديت وزير الداخلية الأسبق على قناة الحياة إنه ييجي يقبض عليّا”.

وتابع: “أنا يالا (يا…) واخد براءة من كل التهم اللي علي في قضية قتل المتظاهرين، ده انت تربية نجوى فؤاد يالا، وإخوانجي”.

يشار إلى أن أديب كان قد وصف منصور بـ”الكلب الجربان” دون أن يسميه صراحة، وطالب أديب الجهات الرسمية بإيقاف منصور عند حده.

ريهام سعيد

 ولم يكن مرتضى منصور وتوفيق عكاشة الورقة الوحيدة التي يلعب بها النظام لإلهاء الشعب، فقد استخدم هذا الأسلوب في الكثير من المواقف التي واجه فيها أزمات ومشاكل.

فقضية ريهام سعيد التي استخدمها النظام لإلهاء الشعب عن الكثير من الأزمات التي تواجهه، فتارة حلقات الجن والعفاريت، وتارة أخرى فتاة المول التي شغلت الرأي العام لفترة.

وعلق زيزو عبده، القيادي بحركة شباب 6 أبريل: “ريهام سعيد ترس جديد في منظومة “إلهاء الشعب” والشعب بيرحب كالعادة!

سما المصري

الراقصة سما المصري أيضًا ضمن أجندة النظام لإلهاء الشعب، حيث يستخدمها في الأوقات التي يحتاجها  فيها لتثير الرأي العام عن قضايا أخرى، مثل ما حدث في الانتخابات البرلمانية، حيث استخدمها النظام لتكون حديث الشارع بدلًا من قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر وتسهيل التزوير.

برامج الكورة 

الصراعات الكروية هي أيضًا أحد أهم الأساليب التي يستخدمها النظام لإلهاء الشعب، فبرامج الكرة التي تستمر حتى الفجر لتناقش الخلافات بين الاعبين، وخلافات ميدو ومرتضى منصور، يستخدمها النظام حتى يشغل الشعب عن قضاياه ومشاكله الحقيقية.

طرد ملحد وتحضير أرواح

أما رانيا محمود ياسين على قناة العاصمة فقد قررت عمل ضجة بطردها للضيف الملحد وبأنها تدافع عن الله سبحانه وتعالى ولكنها قامت باستضافته بناء على رغبة فريق العمل في البرنامج، إلا أنها مؤخرا عادت لتستضيف أحد الأشخاص الذي عرف نفسه بأنه يحضر أرواح وقام بتحضير روح “الرئيس الراحل أنور السادات” .

الأنظمة تستخدم الإعلام لإلهاء الشعوب

يقول الخبير الإعلامي الدكتور صفوت العالم: إن أسلوب الإلهاء متبع في الإعلام منذ زمن بعيد، وأن الإعلام يتحكم فيه رجال الأعمال حسب مصالحهم مع الدولة.

وأكد صفوت العالم في تصريح خاص لـ”رصد” أن الإعلام يفتقد الالتزام بالمهنية والافتقاد إلى الدقة، والكل يتبادل قضايا قد لا يدرك تفاصيلها، وأصبحت الممارسة غير منضبطة بعد أن أصبح الإعلام مهنة لا مهنة له.

وقال العالم: “إن الأنظمة تستخدم الإعلام لإلهاء الشعوب عن قضاياهم الحقيقية وهذا متبع في الإعلام المصري منذ زمن بعيد”.

وأشار إلى أن “تحويل انتباه الرأي العام من المشاكل العامة والمتغيرات التي تقررها النخب السياسية والاقتصادية عبر وابل من المعلومات التافهة؛ لإلهاء العامة عن القضايا السياسية والاقتصادية الساخنة، والمحافظة على توجه الاهتمامات لمواضيع ليس لها أهمية”.

السلطة تسعى إلى صياغة العقليات

ويلفت المحلل والخبير النفسي أحمد عبد الله إلى أن السلطة تسعى في البداية إلى صياغة العقليات لتكون قابلة للإلهاء تماما.

ويقول المحلل النفسي في تصريح صحفي: إن الشعوب بشكل عام والعربية بشكل خاص لديها هذه القابلية، ويتجلى ذلك في بروز حدث بحملة كبيرة ثم ما يلبث أن يختفي، ويرى أن طريقة التعليم تجعل قابلية الطلاب للتشوش عالية، كما أن معرفة غالبية المصريين سطحية، وهو ما يظهر في النقاشات العامة، وبالتالي يصبح من السهل إلقاء أي معلومة بهدف الإلهاء.

واعتبر أن بث الخوف بين المواطنين يجعلهم في حالة من التوتر الشديد تسهل وقوعهم في فخ الإلهاء، مؤكدا أن “مصادر الناس في المعلومات أصبحت هي البرامج التليفزيونية التافهة”.

لا يوجد إعلام حر

وقال الإعلامي جمال عنايت إنه للأسف لا يوجد إعلام حر بنسبة 100%؛ حيث يحكمه أمران؛ الأول: هو تحكم أصحاب المحطات من رجال أعمال وخلافه، أما الأمر الثاني: فهي الشركات الإعلانية، والاثنان لا يهمهم إلا الربح.

وأضاف في تصريح صحفي أن الإعلام أصبح بيزنس من الدرجة الأولى، وأصبح الشغل الشاغل للكثيرين هو الإلهاء وليس الإنماء، لذلك أرى أنه من الضروري أن يتفق الجميع على أسلوب للعمل، بحيث نسهم فى تنمية البلد مع الالتزام بميثاق شرف إعلامي يحترمه كل العاملين بالإعلام.