بداية هذا المقال ليس دفاعا عن أمناء الشرطة , ولكنه قراءة واقعية للحدث ليس إلا . فالسيسى ينتوى عمل مذبحة للداخلية فى صورة أمناء الشرطة تشبه مذبحة القلعة التى صنعها محمد على للمماليك بعدما أعانوه على حكم مصر وإحكام السيطرة عليها .
والاسباب متعددة , فمن ناحية فالجيش لا يريد أن تكون هناك قوة فى المجتمع أكبر منه أو أكثر سطوة منه على المواطنيين كما كان الحال فى أواخر زمن مبارك . ومن ثم ينفرد هو بالسيطرة والسطوة كما انفرد بالسلطة والثروة . ومن ناحية أخرى يؤكد لضباط الجيش وجنوده أن الجميع فى قبضة العسكر وأن الداخلية نفسها سوف تكون خادم مطيع لهم ولن تسبب لها أى مضايقات كما كان يحدث فى الماضى .
ومن ناحية ثالثة فالخيانة طبع غالب فى صاحبه , فالسيسى ومجلسه العسكرى خونة بامتياز . حيث خانوا الشعب , وخانوا دستور البلاد , وخانوا رئيس الدولة المنتخب , ثم خانوا أعوانهم ممن أشترك معهم فى الانقلاب من القوى المدنية والحركات الثورية , ثم خانوا الخليج صاحب الرز وخذلوه فى أكثر من موضع , ثم خانوا وزير الداخلية السابق بل خانوا بعض قيادات المجلس العسكرى نفسه , وخانوا مبارك ورجاله وخاصة رجال الأعمال الذين دفعوا ثمن الإنقلاب على الرئيس مرسى . ثم جاء الدور على الداخلية وأمناء الشرطة .
أما من ناحية الأدلة على صدق ما أقول فهى أيضا متعددة . فالدليل الأول أن السيسى الخائن القاتل هو الذى ورّط الداخلية فى دماء المصريين من أجل أن يحقق حلم الرئاسة , وهو الذى ذهب فى آخر لقاء معهم ليدفهم فى نفس الاتجاه حتى يجد بعد ذلك مبررا للخلاص منهم حينما قال لهم ( أنا جاى أشكركم مش جاى أتكلم عن التجاوزات ) .
والدليل الثانى أنه بعد مقتل شاب الدرب الأحمر , أعلن السيسى مباشرة عن ضرورة وجود تشريع جديد للحد من تجاوزات الشرطة , بينما كان الأولى أن يتكلم أن تنفيذ القانون وليس تشريع جديد . وهذا يؤكد أن السيسى يجهّز مذبحة للداخلية فى هيئة أمناء الشرطة .
الدليل الثالث أن اعلان السيسى هذا لم يأت بعد غضبة الألتراس القوية للحد من تجاوزات المجلس العسكرى والجيش بينما أتى بمجرد غضبة أهالى الدرب الأحمر ضد الداخلية . وبالمقارنة بين رد السيسى فى كلا الأمرين تستطيع أن تتبين نية السيسى القادمة .
وأخيرا أتحدث عن استراتيجية تنفيذ المذبحة فأقول أنها بدأت بشكر السيسى للداخلية لدفعهم لمزيد من التهور فى معاملة الشعب . ثم تسليط الضوء على تجاوزات الشرطة دون غيرها من المؤسسات التى تعج بالتجاوزات فى حق الوطن والمواطن . ثم يبدأ الفريق الإعلامى للعسكر فى تبنى القضية وتضخيمها حتى يصنع تعاطف شعبى لقرارات السيسى وتشريعاته الجديدة ضد الداخلية . ثم ينزل ترزية القوانين فى مجلس الشعب بالموافقة على تشريعات السيسى الجديدة . ثم يبدأ فى التنفيذ وسط تهليل اعلامى وشعبى كبير للقرارات الجريئة التى تحمى المواطن الغلبان .
فى نهاية المقال لابد أن أقول أن هذه أكبر فرقعة اعلامية صنعها العسكر للتغطية على الانهيار الإقتصادى للدولة وعلى الفشل فى مشروع سد النهضة وهو كفيل بالقضاء على مصر برمتها . كما أقول مذبحة أمناء الشرطة كما لم تكن الأولى فلن تكون الأخيرة ولكن يا ترى الدور على مين ؟