شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

جمهورية “أمناء الشرطة”

جمهورية “أمناء الشرطة”
لا يكاد يمر يوم في مصر، من دون أن نسمع عن حادثةٍ مشينةٍ، يتورط فيها أفراد من وزارة الداخلية، سواء في التحرش بمواطنين عاديين في الشارع، أو تعذيبهم في أقسام الشرطة، أو الاعتداء على موظفين رسميين في أثناء تأديتهم عملهم.

لا يكاد يمر يوم في مصر، من دون أن نسمع عن حادثةٍ مشينةٍ، يتورط فيها أفراد من وزارة الداخلية، سواء في التحرش بمواطنين عاديين في الشارع، أو تعذيبهم في أقسام الشرطة، أو الاعتداء على موظفين رسميين في أثناء تأديتهم عملهم، وذلك على غرار ما حدث، قبل فترة، في مستشفى المطرية، حين اعتدى بعض أمناء الشرطة على أطباء في أثناء تأديتهم الخدمة، وهو ما أدى إلى انتفاضة “الأطباء” الحالية، والتي انعقدت جمعيتهم العمومية الطارئة قبل أسبوع، وحضرها ما يقرب من 10 آلاف شخص.

ولا ينفي كذب وزارة الداخلية في مصر، وقد بات أمراً معتاداً، حالة التوحش التي وصل إليها أفرادها، خصوصاً من فئة أمناء الشرطة، في التعاطي مع قطاعات واسعة من الشعب. 

فئة “أمناء الشرطة”، كموظفين رسميين، هم تجسيد لالتقاء عدد من التقاطعات المهنية والاجتماعية والاقتصادية، التي تعكس الحالة الذهنية والسلوكية لهؤلاء، وإن كانت لا تبرّرها. فمهنياً، هم يقعون في منطقة وسط بين فئة الضباط، الذين يتمتعون بكل المزايا الاجتماعية والمهنية والمالية منذ تخرجهم وحتى بعد وفاتهم، حيث يتمتع أبناؤهم وأهلهم بمعاش ومزايا اجتماعية، وأحياناً تعليمية، من جهة، وفئة الجنود “العساكر” الذين يخدمون، في الغالب، فترة قصيرة كجزء من تأدية خدمتهم العسكرية، ضمن قطاع “الأمن المركزي”.

وبالتالي، هم لا يتمتعون بمزايا الضباط، وفي الوقت نفسه، يقضون عمرهم في الخدمة حتى الخروج منها. أما اجتماعياً، فكثير من الذين يلتحقون بمعهد “أمناء الشرطة” الذي تم تأسيسه عام 1967 هم من أبناء الطبقتين، الوسطى والدنيا. وبالتالي، هم على عكس فئة الضباط، لا ينتمون للطبقة العليا أو الشريحة العليا من الطبقة الوسطى. وفي الغالب، يكون انضمامهم لهذا المعهد ليس بهدف الترقي الاجتماعي فحسب، وإنما أيضاً بهدف الحصول على قدر من النفوذ، الذي قد يترجم لاحقاً مادياً واقتصادياً. لذا، فإن كثيرين من “أمناء الشرطة” يمارسون، إلى جانب وظيفتهم، أنشطة تجارية واقتصادية، يستخدمون فيها نفوذهم، من أجل تحقيق مكاسب مادية.

وفي الأغلب، فإن كثيراً من أنشطتهم تتم من خلال أساليب السمسرة والبلطجة وفرض الأتاوات، خصوصاً على أبناء الطبقات الدنيا. ويعتمد الضباط على “أمناء الشرطة” في القيام بالمهام القذرة، التي لا يريدون التورط فيها بشكل مباشر، مثل تعذيب المعتقلين، أو تكديرهم أو التعدي على المواطنين، لأسباب سياسية أو أمنية. 

وخلال عهد وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، ازداد نفوذ ونشاط “أمناء الشرطة”، وتجاوز، في بعض الأحيان، نفوذ الضباط. لذا، لم يكن غريباً أن يتورط بعضهم في فضيحة الكسب غير المشروع، التي ظهرت ملفاتها أخيراً، وحصل اثنان منهم على حوالى 31 مليون جنيه، بل وصل نفوذ بعض أمناء الشرطة إلى حد الضغط على وزير الداخلية نفسه، وهو ما حدث من خلال الإضرابات والاعتصامات التي نفذوها، احتجاجاً على أوضاعهم المهنية ورواتبهم، مثلما حدث في قسم الزقازيق في محافظة الشرقية قبل فترة. وقد تضخم عدد أمناء الشرطة، حتى وصل إلى حوالى 400 ألف فرد، وهو أضعاف عدد الضباط. 

لم تعد مصر جمهورية للضباط، كما أسماها يزيد صايغ، فحسب، وإنما أصبحت، أيضاً، جمهورية “أمناء الشرطة”، خصوصاً بعد أن توحش هؤلاء، وأصبحوا أكثر نفوذاً وتأثيراً. ولكن، يبدو أن ممارسات هؤلاء سوف تكون المسمار الذي سوف يُدق فى نعش النظام الحالي، الذي لا يبدو قادراً على لجمهم، أو وقف انتهاكاتهم وبلطجتهم على المواطنين. 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023