تقع منطقة “تل العقارب” على بعد أمتار قليلة من محطة مترو السيدة زينب، في قلب المنطقة الأثرية القديمة، وتعد من أكثر مناطق القاهرة عشوائية واكتظاظًا بالسكان، فهي تأوي آلاف السكان الذين يصفون حالهم: “بأنهم أحياء أذلاء، آوتهم عشش وخرابات لا ترقى إلى وصفها بمقابر”.
تجولت عدسة “رصد ” داخل منطقة “تل العقارب”، ووجدت أن المياه والصرف الصحي ومنافذ التهوية تعد “كماليات” لا وجود لها في معظم المنازل المُقيم بها أهل المنطقة.
رصدنا ما يُقاسيه أهالي المنطقة من معاناة، وكيف يعيشون حياتهم في ظل تلك الظروف غير الآدمية، ولماذا ظلت “تل العقارب” طوال هذه السنوات خارج أجندة المسؤولين.
عيش في ذل
تقول أم محمد، ربة منزل: “نحن نعيش كالحيوانات، بلا مياه، وبلا صرف صحي، وبلا منافذ تهوية، أو حتى أبواب تقينا برد الشتاء، حياتنا بائسة ولا نعلم لماذا ظللنا طوال هذه السنوات خارج حسابات المسؤولين، نحيا حياة ذليلة الموت أكرم منها”.
وتُشير أسماء، طفلة في الرابعة عشرة من عمرها، إلى مكان مظلم ذي باب خشبي عتيق يُغلق بالكاد، وتطل منه رائحة بشعة قائلة: “هذا هو الحمام، صوره لو سمحت”، وتشرح الفتاة أن هذا الحمام “مشترك” بين عدد من المنازل ولا يوجد به مياه أو صرف صحي، ولهذا فإن رائحته باستمرار على هذا الوضع.
بدأ عم سيد حديثه معنا: “لا بد من بديل”، بعد أن خرج من منزله الذي يهبط عن الأرض بثلاث درجات، وسط كم لا بأس به من القمامة والأوساخ فوق السطوح وأمام المنزل.
وأضاف: “الحكومة تطلب منا الرحيل من تلك “المزبلة” وهتزيل المنطقة بالكامل، ويجب عليهم قبل الإزالة أو تهجيرنا من المكان أن يقوموا بتوفير بدائل نعيش فيها مع أولادنا وأسرنا التي لا مأوى لها إلا “تل العقارب”، ولو أن لنا بديلا ما ظللنا فيها ساعة واحدة”.
وذكر الأهالي أنهم يحصلون على المياه من خلال صنبور عمومي في مدخل المنطقة يملؤون منه احتياجاتهم المختلفة من المياه، وهذا هو السبيل الوحيد الذي يحصل منه السكان على مياه نظيفة.
وقال الدكتور جلال عامر، محافظ القاهرة، إنه تمت محاولة إزالة تل العقارب وتطويرها العديد من المرات، على مدار أكثر من عشر سنوات، لكنها كانت تبوء جميعها بالفشل، أمام تمسك الأهالي بالمنطقة وعدم وجود بدائل كافية.
وأضاف المحافظ “نحن الآن بصدد محاولة جادة لإزالة المنطقة بالكامل وتطوير تل العقارب بعد توفير بدائل مناسبة للسكان والتعاقد مع شركة مقاولات لتنفيذ المشروع”.