انتقد عدد من الخبراء الأمنيين والسياسيين، القالب الذي توضع به شخصية عسكري الأمن المركزي، مؤكدين أنه شخصية يتم تسخيرها لهدف محدد وهو الطاعة العمياء والسذاجة والجهل، لتكون على استعداد تام لتنفيذ الأوامر التي تجعل منه مجرد آلة حربية.
طاعة عمياء
قال اللواء فؤاد علام الخبير الأمني إن “قطاع الأمن المركزي هو القوة الضاربة لوزارة الداخلية، وهو بمثابة جنود الجيش في القوات المسلحة”، لافتا إلى أن عسكري الأمن المركزي لا بد أن يكون طائعا وليس مفكرا ودون ذلك سيزعزع من سيطرة القادة على قوات الأمن.
وأضاف علام في تصريح لـ”رصد” أن مجند الأمن المركزي يتم اختياره دون مؤهلات لعدة أسباب أبرزها أن فترة تجنيده 3 سنوات، وقطاع الأمن المركزي يحتاج إلى قوة على مدار اليوم ولذلك فإنه يتم اختيار من يجيدون القراءة فقط في هذا القطاع.
وأشار علام إلى أن أمين الشرطة في مصر قوة بشرية وطاقة لا متناهية في العمل الشاق، والأعمال الشرطية تحتاج لمثل هؤلاء لفترة طويلة لذلك فلا غنى عنهم.
مؤهل للعبودية
ويقول نقيب الشرطة عمر أحمد، إنه يتم اختيار عسكري الأمن المركزي بمواصفات معنية على رأسها “الأمية” فهو مهيأ لأعمال “الفواعلية” فقط والتكسير والحفر وما شابه، حينها سيكون هذا الفرد مستعدا لتنفيذ أي أمر دون تفكير، مهما كان هذا الأمر حتى لو وصل لأمره بضرب أخيه أو أبيه.
وفي حديث لـ”رصد” قال النقيب: “هناك تدريب في معسكرت الأمن المركزي على الطاعة العمياء وعلى سبيل المثال يتم إحضار صخرة ويأمر العسكري بضربها ويقول له هذا أبوك وليس صخرة فاضربه بقوه حتى ينكسر، وهكذا الحال مع كل المجندين إذ تختلف الأساليب ولكن الهدف واحد وهو تكوين شخصية لا تفكر بل تسمع وتنفذ فقط”.
ولفت إلى أن هناك بعض القطاعات تقوم بتوزيع أقراص “الترامادول” على قوات المعسكر من الأمن المركزي حتى يتمكنوا من التواصل في الخدمة لفترة أطول دون الشعور بالتعب، خاصة في حالات فض التظاهرات.
مغلوب على أمره
ويقول محمد سيف الدولة الباحث السياسي: “في ما مضى كنّا نتصور أن الطاعة العمياء لعساكر الأمن المركزي التي تدفعهم إلى تنفيذ التعليمات بضرب المتظاهرين، هي ظاهرة تقتصر على الأمن المركزي، إلا أن كشفت لنا أحداث السنوات الأخيرة أن هذه الطاعة العمياء تنطبق على قطاعات أخرى من الكتاب والصحفيين والإعلاميين والسياسيين، الذين ينفذون بلا تفكير تعليمات السلطة في شن حملات التشويه والشيطنة للمعارضة السياسية، ويفوضونها بالقتل ويباركون كل انتهاكاتها للحقوق والحريات التي ينص عليها الدستور والقانون”.
وأضاف سيف الدولة في تصريح لـ”رصد”: “لقد أصبح جميع أنصار السيسي والسلطة جنودا في أمن مركزي من نوع خاص، أمن مركزي سياسي وإعلامي وبرلماني وقضائي وهكذا”.
وتابع: “لقد أصبحنا نعيش في معسكر كبير للأمن المركزي، ليصبح السؤال الأجدر بالدراسة هو كيف يتمكن النظام من تجنيد كل هذا العدد من المواطنين المدنيين وسياقتهم في حملات بوليسية على الشعب المصري وقواه الوطنية”.
واختتم بقوله: “ربما يكون الفرق بينهما أن عسكري الأمن المركزي يستطيع أن يتحرر من هذه التبعية بعد انتهاء مدة خدمته التي تبلغ ثلاث سنوات، أما التابعون من المدنيين السابق ذكرهم، فإنهم يظلون طوال حياتهم عبيدا للسلطة وخداما لها، يهرولون ويتنافسون على إرضائها والاقتراب منها والفوز برضاها وعطاياها، إنهم أسوأ ألف مرة من عساكر الأمن المركزي الغلابة المغلوبين على أمرهم، لا يملكون من مصيرهم أو إرادتهم شيئا طوال فترة خدمتهم، فيختارون الخضوع إيثارا للسلامة سعيا لإنهاء خدمتهم دون عقاب مثل الحبس أو التمديد أو التقدير، وفي ذلك قد نجد لهم بعض العذر، أما الذين لا عذر لهم، فهم أولئك المنافقون والانتهازيون والمخبرون من المدنيين الذين اختاروا العبودية بإرادتهم الحرة”.
التخويف والتسخير
أكد الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن فرد الأمن المركزي يتم استخدامه مثل الآلة العسكرية، بمجرد سماع الأمر ينفذه مباشرة وبتوجيه مستمر دون أن يسأل أو يناقش.
وأضاف حسني في تصريح لـ”رصد”: “عسكري الأمن المركزي تتمحور شخصيته في الجهل نتيجة الفقر، والسذاجة والتغييب من خلال تكليفه بمهام استعبادية وتعامل الضباط له بطريقة مهينة وهي “السخرة”.
وأضاف حسني، النظام المصري منذ عشرات السنوات جعل عسكري الأمن المركزي بين شقي الطاعة العمياء والخوف، فهو يرغب في أن ينهي مدة خدمته بسلام.