شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

في ذكرى 25 يناير.. تعرف على أهم الثورات المضادة في العالم وكيف انتهت

في ذكرى 25 يناير.. تعرف على أهم الثورات المضادة في العالم وكيف انتهت
يؤكد التاريخ أن لكل ثورة، ثورة مضادة، وهي تمتلك بشكل عام من القدرات المؤسساتية أضعاف ما تمتلكه الثورة، ولذلك يكون لها غالبًا اليد العليا في هذا الصراع في حال لم تتمكن الثورة من الاستيلاء على هذه المؤسسات أو تحييدها أو تدميرها

يؤكد التاريخ أن لكل ثورة ثورة مضادة، وهي تمتلك بشكل عام من القدرات المؤسساتية أضعاف ما تمتلكه الثورة، ولذلك يكون لها غالبًا اليد العليا في هذا الصراع في حال لم تتمكن الثورة من الاستيلاء على هذه المؤسسات أو تحييدها أو تدميرها، أو إن لم تتمكن من إنشاء مؤسسات موازية قوية. 

وتشمل المؤسسات التي توظفها الثورة المضادة لصالحها القوى الأمنية وأجهزة الدولة القوية الأخرى والإعلام والقضاء، ويمكن أن يضاف الى ذلك شبكات رجال الأعمال الكبار.

 ولكن الجانب المؤسسي لا يكفي لانتصار الثورة المضادة؛ لأن هذه المؤسسات كانت دائمًا موجودة، ولم يستطع وجودها أن يمنع قيام الثورة، لذا يرى محللون أن الثورة المضادة تحتاج إذن إلى القضاء على روح الثورة، وبدون هذا الإنجاز تستشعر الثورة المضادة خطرًا دائمًا، يهددها من ناحية لم تحتلها بعد، ألا وهي نفسية الإنسان الذي أنتج الثورة. 

وفي الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، رصدت شبكة “رصد” أهم الثورات المضادة التي حاربت أهم الثورات العالمية :

الثورة الفرنسية

يري محللون أن تجربة الثورة والثورة المضادة في فرنسا خلال الأعوام 1789-1794، من أثمن التجارب التي تحتاج إلى استخلاص العبرة والخبرة منها اليوم.

فقد كان تخلف الدولة عن المجتمع في فرنسا في النصف الثاني من القرن الـ18 يتجسد في استبداد وفساد الملك لويس السادس عشر، واحتكار طبقة النبلاء الإقطاعيين ورجال الكنيسة للمال والجاه مقابل تهميش عامة الشعب وممثليهم في البرلمان الذين أطلق عليهم ازدراء لقب “الطبقة الثالثة”، وهو ما أدى لقيام ثوره شعبيه بدأت فى فرنسا سنة 1789 وكان له أثر كبير على العالم كله , وتعتبر أول ثورة ليبرالية فى التاريخ.

وحين نجح الثوار في الإمساك بزمام الأمور، وقرر البرلمان الفرنسي اعتبار نفسه مجلسًا تأسيسيًا، وبدأ بكتابة دستور جديد للبلاد صيغ هذا الدستور ليكون أساسًا قانونيًا لملكية دستورية في فرنسا، لا لإلغاء الملكية. 

وصبر الثوار الفرنسيون كثيرًا على جهالات الملك لويس وخياناته المتكررة وغدره بالثورة وتحالفه مع أعداء فرنسا، فلم يمقت الشعب الملك لطيشه واستغاثته بالأجنبي إلا بالتدريج، ولم يفكر المجلس الاشتراعي الأول “برلمان الثورة” في إقامة الجمهورية، وكل ما كان يحلم به هو أن تحل ملكية دستورية مكان الملكية المطلقة، ولذلك لم يلغ الثوار الفرنسيون الملكية إلا يوم 21 سبتمبر 1792 أي بعد ثلاثة أعوام من الملكية الدستورية.

وحولت الثورة المضادة الثورة الفرنسية من مطالب إصلاحية تخدم الحاكم والمحكوم إلى حرب وجودية عنيفة، فقد قاوم الملك الإصلاحات الدستورية رغم تظاهره بالموافقة عليها، وخادع الثوار وهو يتظاهر بتلبية مطالبهم، ثم حاول الهرب من البلاد من أجل الاستظهار بالقوى الأجنبية ضد الثورة، كما قاوم النبلاء ورجال الكنيسة مبادئ “الحرية والمساواة والإخاء” التي اتخذتها الثورة شعارًا لها، ولم يتنازلوا عن امتيازاتهم إلا بعد فوات الأوان.

ثم توسعت ظاهرة الثورة المضادة الفرنسية، فالتحقت بها الملكيات الأوروبية التي أرعبتها شعارات الثورة الفرنسية، فتدخلت لصالح الملكية في فرنسا، وتشبه الثورة المضادة الفرنسية الثورة المضادة العربية التي نعيشها هذه الأيام في بنيتها وأدائها.

الثورة البلشفية في روسيا

تعتبر الثورة البلشفية من أهم الثورات التي تركت أثرًا على مسار التاريخ لعقود طويلة، لما لها من دور فى تنبيه الشعوب والطبقات الكادحة منها فى الدخول بالنشاط السياسى، والمطالبة بحقوقهم وتحقيق كرامتهم الإنسانية فى العيش والحرية، وشملت الثورة بلدانا واسعة فى وسط آسيا وشرقها، وضمتها فى منظومة سميت بجمهوريات الاتحاد السوفيتى.

وبدأت الثورة التى قام بها البلاشفة عام 1917 بقيادة فلاديمير لينين، الثورى الروسى الماركسى قائد الحزب البلشفى، ورئيس مجلس السوفيت الأعلى فى الفترة من 1917 حتى 1924م، لإقامة دولة شيوعية وإسقاط الحكومة المؤقتة، وتمثل البداية لأول حكومة شيوعية فى روسيا، تشكل بعدها الاتحاد السوفيتى وظل موجودًا حتى تفككه فى عام 1991.

وفى 7 نوفمبر 1917، تمكنت قوات البلاشفة من الاستيلاء على المرافق الحكومية الرئيسية، بعد مقاومة غير فعالة من قبل “ألكسندر كيرينسكى”، رئيس وزراء الحكومة المؤقتة وقتها، وفى 26 أكتوبر شنت هجوما على القصر الشتوى للقيصر، الذى كان يحرسه القوزاق وكتيبة من النساء، وسيطروا عليه دون مقاومة تذكر، تصاعدت الأحداث حتى انتهت بالحرب الأهلية الروسية ثم إنشاء الاتحاد السوفيتى فى 1922.

ومن جانب آخر بدأت القيادات القديمة للجيش القيصري، وبدعم من الدول الإمبريالية، في تنظيم حملة عسكرية ضد الدولة العمالية في 1918 وكانت هذه هي بداية الثورة المضادة التي أدت للحرب الأهلية.

في ظل هذه الظروف الصعبة وقفت الدولة العمالية معزولة بدون نصير، فالسلطة العمالية محاطة بريف متخلف ومعاد للثورة وحصار من القوى الامبريالية وحرب أهلية عنيفة.

وكان لينين قد أعلن في يناير 1918 أنه: “بدون ثورة في ألمانيا سيكون مصيرنا الحتمي هو الفشل”، وعلى هذا الأساس أنشأ البلاشفة الأممية الشيوعية في مارس 1919 بهدف نشر الثورة العمالية في البلدان الرأسمالية الأكثر تقدمًا.

وبالفعل انتشرت الثورة بالفعل وقامت السوفيتيات “مجالس مندوبي العمال” في ألمانيا والمجر والنمسا، وأحتل العمال المصانع في إيطاليا، وقام عمال بريطانيا بأكبر إضرابات جماهيرية في تاريخهم ولكن هذه الموجة الثورية التي اجتاحت أوروبا “1918 – 1923” لم يكتب لها النجاح وتم حصارها وهزيمتها، وبهذا انعزلت الدولة العمالية في روسيا.

الربيع العربي

يرى خبراء أن احتمال نجاح أو فشل الثورات المضادّة، يعتمد بالدرجة الأولى على عاملين إثنين: مدى قدرة أصحاب الثورة على الدفاع عن ثورتهم من خلال تحصينها بالدّعم الشعبي الكامل لها ، وتوافر أو لا الظروف الخارجية الملائمة لنجاح الثورة. 

وعند تحليل ثورات الربيع العربي نجِد أنها فقدت العاملين الأول والثاني، ففي مصر مازال الشعب يحاول إنجاح ثورته في الوقت الذي قفز الجيش عليها ليفشلها، بمساعدة قِوى النظام القديم الذي تعيد تنظيم نفسها لتمكين ثورتها المضادّة من الفوز.

وتكرّر الأمر نفسه في سوريا، التي فشلت ثورتها في مرحلتها الأولى في طرح برنامج تغييري شامل، يمكن أن يستقطب الأقليات والمذاهِب وحتى سكّان المدن السُنّة، ما سهَّل على الثورة المضادّة التي شنّها النظام، أن تحوِّل الثورة إلى حرب أهلية مدمِّرة وأن تطلق العِنان للأصوليين المتطرِّفين الذين يشكِّلون غِطاء ممتازاً لطبعة النظام الخاصة من الديكتاتورية.

 في ليبيا، كان الأمر أسوأ حين تحلّلت الثورة إلى فِرق ميليشيات وعِصابات، ما أفقدها كل مضامينها التحرُرية وفتح الأبواب والنوافذ على مِصراعيها أمام احتمال نجاح الثورة المضادّة. وقد تكرّر الأمر نفسه في اليمن، فيما نجت الثورة التونسية “في اللّحظة الأخيرة” من هذا المصير.

 وعلى الصعيد الخارجي، صبّت الظروف الموضوعية، العربية والدولية، في غير صالح هذه الثورات، وسهّلت إلى حدٍّ كبير صعود الثورات المضادة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023