(1) المحطة الاولى
تبدأ رحلتنا فى سنة 1929 عندما وقعت مصر مع بريطانيا بصفتها المستعمرة لعدد من دول حوض النيل على اتفاقية لتقاسم مياه النهر وأعطت فيها بريطانيا لمصر نصيب الأسد من مياهه ؛ وليس ذلك فحسب بل منحتها حق الفيتو أو الرفض لأى مشاريع تتم فى أعالى النهر يمكنها التأثير على حصتها من المياه ؛ وذلك كله فى مقابل القطن المصرى.
(2) المحطة الثانية
فى العام 1959 وفى عهد الرئيس جمال عبد الناصر حدث تطور مهم للغاية ولا يمكن اهماله أو تغافله ألا وهو اعلان الكنيسة الاثيوبية انفصالها عن الكنيسة المصرية ؛ وذلك بعد قرون طويلة لطالما كانت الكنيسة الاثيوبية تتصدى خلالها لأى مشاريع تتم على النهر خوفاً من فقدان علاقتهم الروحية بالكنيسة المصرية ؛ الأمر الذى أعطى الاثيوبيين مزيدا من الحرية للتفكير فى استغلال موارد بلادهم المائية خاصة وأنها لا تستفيد من النهر بالشكل الذى تستفيد به مصر.
(3) المحطة الثالثة
فى فترة الثمانينيات ومع بداية حكم المخلوع مبارك حدثت مجاعة فى اثيوبيا استمرت لفترة طويلة ؛ نجحت بعض الدول استغلالها فى خلق نفوذ لها فى منطقة هى الأخطر على الأمن القومى المصرى وكان فى مقدمة هذه الدول اسرائيل.
فى هذه الفترة ظهرت أصوات عاقلة فى مصر تنادى بضرورة القضاء على نفوذ اسرائيل فى حوض النيل وكان على رأس هذه الشخصيات المشير عبد الحليم أبو غزالة الذى أعلن فى أحد المحاضرات بأن من أهم أهدافه كقائد للقوات المسلحة تقليص النفوذ الاسرائيلى فى دول حوض النيل والقضاء عليه وقال نصاً لأن هذا أمن مصر.
لكن الغريب بل والمثير للدهشة أنه صدر قرار بعد فترة باقالة المشير أبو غزالة مما أثار تساؤلات عديدة وقتها ؛ لكن الغريب أن استراتيجية القوات المسلحة تجاه النفوذ الاسرائيلى فى افريقيا تغيرت بعد أبو غزالة بشكل يوحى بوجود خيانة ؛ لكنه ليس الوقت المناسب كى نفتش عن الخائن فنحن اليوم أمام أمر واقع يهدد مستقبل مصر بأكملها.
(4) المحطة الرابعة
وتمثل هذه المحطة نقطة تحول رئيسية حيث بدأت اثيوبيا بالفعل انشاء أول سد لها على نهر النيل فى بداية الألفية الجديدة ؛ وهو سد “تيكيزى” وقد طلبت اثيوبيا دعما حينها من البنك الدولى لكنه رفض التمويل خوفا من رد فعل المصريين.
وفى العام 2002 أعلنت الصين دعمها لمشروع السد الاثيوبى.
فى نوفمبر من عام 2009 تم افتتاح سد “تيكيزى” رسميا والذى يعتبر أعلى سد خرسانى فى قارة افريقيا.
تم الافتتاح فى غياب الاعلام المصرى ودون أدنى اهتمام من الحكومة المصرية آنذاك برئاسة أحمد نظيف.
(5) المحطة الخامسة
فى مايو 2010 ومع غياب رد الفعل المصرى فى عهد المخلوع مبارك تجرأت اثيوبيا أكثر فأكثر وقامت بدعوة دول حوض النيل الى اجتماع فى مدينة “عنتيبى” التى تقع على بحيرة فيكتوريا ؛ ويهدف الاجتماع الى وضع اتفاقية اطارية جديدة لتقاسم مياه نهر النيل.
وبالفعل تمكنوا من الخروج باتفاقية “عنتيبى” فى غياب مصر والسودان.
(6) المحطة السادسة
فى هذه المحطة أدرك المخلوع مبارك وجهاز مخابراته برئاسة عمر سليمان أن الأمر خطير وبدأ الاعلام المصرى يتحدث باستحياء عن الأزمة.
قام مبارك وقتها بزيارة ايطاليا حيث ان الشركة التى تقوم ببناء سد هى شركة ايطالية ؛ لكن لم يتم اعلان نتائج الزيارة.
وفى نفس الوقت كان عمر سليمان يصول ويجول فى أدغال افريقيا بحثا عن حل ؛ لكن دون جدوى ؛ فيبدو والله أعلم أن الوقت قد نفذ.
(7) المحطة السابعة
بعد ثورة 25 يناير 2011 أيقن المصريون بخطورة المشكلة وتوجه وفد شعبى مصرى يضم كل التيارات الفكرية والسياسية لمحاولة تلطيف الأجواء.
وتم بعد ذلك تشكيل لجان فنية محايدة لدراسة تأثير السد على حصة مصر من مياه النيل.
(8) المحطة الثامنة
بعد فترة من حكم الرئيس مرسى فى 2013 أعلنت اثيوبيا رسميا تحويل مسار نهر النيل تمهيداً لبدء انشاء السد ووقتها لمح الرئيس مرسى بشكل مباشر الى استخدام القوة.
ومن الحقائق الواجب الاشارة اليها ان فى هذا الوقت ارسلت بعض الدول الخليجية تطمئن اثيوبيا من رد الفعل المصرى وسارع البعض منهم بتقديم الدعم المالى لاثيوبيا للمضى قدما فى انشاء السد.
(9) المحطة التاسعة
بعد انقلاب 3 يوليو بدت مرحلة غير واضحة المعالم من السياسة الخارجية تمثلت فى تصريح رئيس الوزراء “الببلاوى” ان سد النهضة خير لمصر وانه سيجلب لمصر الرخاء والتقدم.
(10) المحطة العاشرة
فى مارس 2015 وقع قائد الانقلاب على وثيقة اعلان مبادئ سد النهضة ؛ تلك الوثيقة التى وصفها محللون بالكارثة لأنها تعتبر اعتراف ضمنى من مصر بحق اثيوبيا فى بناء السد وتصعب المسألة على مصر فى أى مفاوضات قادمة.
(11) المحطة الحادية عشرة
فى نوفمبر2015 صرح وزير الخارجية الاثيوبى بأن مصر أضعف من أن تقوم بتوجيه ضربة عسكرية لسد النهضة ؛ ولم يرد عليه أحد من المسئولين المصريين.
(12) المحطة الثانية عشرة
فى ديسمبر 2015 اجتمعت الدول الثلاثة للتفاوض فى الخرطوم لتحقق مصر خلالها واحدة من أهم انتصاراتها التاريخية فى موقعة الميكروفون.
ويتفاجأ الاعلام المصرى بفشل المفاوضات والسبب هو اعلان المبادئ المجهول اللى وقع عليه السيسى فى مارس 2015.
وفى نفس اليوم أعلنت اثيوبيا انتهاءها من تنفيذ 50% من السد.