اعتبر خبراء قانونيون ونشطاء سياسيون، أن إقرار البرلمان لقانون إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، جاء لإرهاب الأجهزة الرقابية، مؤكدين أن موافقة مجلس النواب على القانون مخالفة للدستور والقانون.
غير دستوري
تنص المادة رقم 216 من الدستور على “يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي قانون يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال، ويعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفي أي منهم من منصبه إلا في الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء”.
ينسف استقلالية الأجهزة الرقابية
يقول النائب خالد عبدالعزيز، عضو مجلس النواب، إن قانون إعفاء رؤساء وأعضاء الأجهزة الرقابية من مناصبهم غير قانوني ومخالف للدستور؛ حيث إن الدستور ينص على أن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يعين من قبل رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات ولا يجوز عزله.
وأضاف عبدالعزيز -خلال مداخلة هاتفية له ببرنامج “٩٠ دقيقة”، الذي يذاع على قناة “المحور”- أن هناك عبارات مطاطة في ما يخص قانون الأجهزة الرقابية والإدارية، ما يجعل القانون غير دستوري.
وأوضح عبدالعزيز، أن القانون لم يأخذ موافقة ثلثي المجلس.
قصف الحقوق والحريات
واوضح الدكتور، فؤاد عبدالنبي، أستاذ القانون الدستوري، إن الدستور حدد فصلًا كاملًا لمكافحة الفساد، بداية من المادة 215 وحتى 221، إلا أن القانون 89 لسنة 2015 الذي أصدره السيسي يمنحه حق عزل رؤساء الأجهزة الرقابية، في 4 حالات، منها فقد الثقة والاعتبار، والإخلال بواجبات الوظيفة، واصفًا الشروط بـ”مطاطة”، ويصعب تحديدها لأنها متروكة للسلطة الإدارية ما يؤدي في النهاية إلى قصف الحقوق والحريات.
وأضاف عبدالنبي، أن مشروع القانون الذي تمت الموافقة عليه، يجعل من رؤساء الأجهزة الرقابية يدورون في فلك رئيس الجمهورية وجودًا وعدمًا، فإذا نالوا رضاه فازوا، وإذا لم يحصلوا على ذلك، فقدوا صلاحيتهم.
عزل جنينة
وأكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، في تصريحات صحفية له، أن موافقة البرلمان على قانون إعفاء رؤساء الهيئات الرقابية والمستقلة من مناصبهم يتيح لرئيس الجمهورية عزل هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بعد تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأنه.
وأضاف أن القانون يحدد أحوال إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والرقابية من مناصبهم وإحدى هذه الحالات تنطبق على هشام جنينة؛ إذ أثبتت لجنة تقصي الحقائق أن تصريحاته حول الفساد في مصر أخلت بالأمن الوطني.
صراع الفساد بين السيسي وجنينة
ومن جانبه، نشر الباحث التاريخي، محمد إلهامي، عبر “فيس بوك”، وثيقة رسمية تظهر “الزلزال” الكبير الذي أحدثه الرئيس محمد مرسي، في عمل الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما يفسر الهجوم من جهة مؤسسات الانقلاب ضد المستشار هشام جنينة.
وتحت عنوان “إهداء إلى فصيلة الثائر البغل”، كتب إلهامي تعليقًا على الوثيقة، التي وقعها المستشار هشام بركات، الذي اغتالته أصابع السيسي: “مرسي أطلق يد الجهاز المركزي للمحاسبات للمراقبة على كل المؤسسات بما فيها الرئاسة والعسكر والمخابرات والشرطة”!.
وتابع: “هشام جنينة رئيس الجهاز رصد في عام 2014 فقط فسادًا بمبلغ 386 مليار جنيه في مؤسسات الدولة، وهذا المبلغ لا يشمل الفساد في مؤسسات الرئاسة والعسكر والمخابرات والشرطة؛ لأنهم لا يسمحون لمراقبي الجهاز بالتفتيش عليهم”.
وأضاف “انتبه!!.. فساد مؤسسات الدولة الإدارية الخاضعة للرقابة الاعتيادية بلغ في عام واحد فقط نحو 400 مليار جنيه.. فما بالك لو أضيف إلى المبلغ فساد المؤسسات التي لا تخضع لأي رقابة وهي التي تأكل البلد حرفيًا؟ ثم ما بالك بحصيلة هذا الفساد في عامين أو ثلاثة أو أربعة؟!!!!.. أرقام خيالية!!”.
وتابع “إلهامي” أن “هشام جنينة أرسل هذا التقرير إلى السيسي لكي يحنو على الشعب “نور عينيه”، فتجاهل السيسي تمامًا التقرير المرفوع إليه كأن لم يكن.. فاضطر جنينة إثباتًا للواقعة أن يرسلها إلى النائب العام الراحل هشام بركات”.