استنكر عدد من الحقوقين، بيان المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أصدره، الأربعاء الماضي، عن سجن العقرب، والذي زعم فيه أن إدارة سجن العقرب تطبق لائحة السجون كما هي، مستبعدًا وجود حالات تعذيب داخله.
وفي تصريحات لـ”رصد”، أكد هيثم أبو خليل، الناشط الحقوقي، أن البيان الذي صدر من المجلس، بعد الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها وفد من المجلس لسجن العقرب، أول أمس، وخلا من أي حديث عن اتهامات وجهتها أسر المعتقلين لإدارة السجن تتصل بالتعذيب والاعتداء الجنسي على النزلاء، فإن المجلس القومي بهذا الأمر يحاول أن يظهر إدارة سجن العقرب وكأنهم ملائكة للرحمة.
وفي تصريح لـ”رصد”، قال أبو خليل: إن المجلس القومي لحقوق الإنسان يتعاون مع إدارة السجن لتجميلها، فلم تسمح إدارة السجن للعائلات بزيارة ذويهم ولم تسمح لهم بإدخال ملابش شتوية؛ حيث إن البذلة الزرقاء التي يرتديها المعتقلون لا تتناسب مع برودة الجو ولا يرتدون تحتها ملابس كافية.
وأضاف “حتى الطعام الذي يتم السماح بإدخاله لا يكفي عصفورًا، وبالطبع لا يكفي وجبة واحدة ولا يوم واحد؛ حيث يتم أخذ ملعقتين من الأرز وملعقة خضراوات وقطعة لحم واحدة في كيس يُكتب عليه اسم المسجون، فتصبح الوجبة التي نحضرها له وجبة لا تليق بآدمي على الإطلاق. حتى التريض غير مسموح به”.
وأثارت زيارة المجلس القومي لحقوق الإنسان الجدل؛ بعد رفض إدارة سجن العقرب السماح للمحامية الحقوقية وعضوة المجلس، راجية عمران، بالدخول؛ بدعوى عدم وجود اسمها بكشف الزيارة.
وأفادت “عمران”، في اتصال هاتفي مع “مدى مصر”، أمس، أنها سلمت وفد المجلس قائمة من شكاوى عائلات المعتقلين، “أخطرها شكاوى تعذيب واعتداء جنسي على المسجون محمد حسن سليمان”.
وحول الأوضاع داخل السجن، قالت المحامية الحقوقية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن الشكاوى التي وصلتها تفيد أن “التعذيب طال خمسة سجناء آخرين في العنبر نفسه H4W1، بخلاف منع العلاج عن اثنين من السجناء فقدا البصر داخل السجن؛ بسبب الإهمال الطبي منذ تعرضهم للإصابة، وهما “عبدالعزيز محمد عبدالسلام” و”محمد يحيى الشحات”، وأضافت “القائمة تطول طبعًا لتضم شكاوى بشأن تدهور الأوضاع بشدة في عنبر الإعدام H4W2“.
كما رصدت تلك الشكاوى، بحسب “عمران”، اعتداء سلطات السجن بالضرب على سجين مصاب بشلل الأطفال يدعى مسعد أبو زيد، “ومحاولة إلصاق تهمة التعدي على الضباط به في محضر شرطة، لكن النيابة أثبتت لاحقًا إصابته بشلل الأطفال، ما يشكك في رواية الشرطة”.
وقالت “عمران” -في تصريحات صحفية-: “إن البيان الذي لم ينشر حمل إدانة لمنعها من دخول السجن، وهو ما لم يذكره البيان الصادر عن المجلس اليوم. وأضافت المحامية الحقوقية أن البيان الصادر بالفعل حمل معلومتين وصفتهما بالكاذبتين، شارحةً: “لم يرفض المعتقلون ذوو الحالات الصحية الحرجة مقابلة الدكتور صلاح سلام، بل إن إدارة السجن هي من رفضت السماح له بمناظرتهم، كما أن إدارة السجن ادّعَت رفض المعتقلين رؤية أعضاء المجلس، ومن ثم لم يتمكنوا من زيارة الزنازين وهذا ليس صحيحًا. المسجون خالد سحلوب والذي ورد اسمه في الشكاوى التي سلمتها لم يرفض مقابلة الوفد، حسب ما أكده محاميه”.
وقالت “عمران” إن وفد المجلس أشار لعدم معرفة المسجونين وذويهم بلائحة السجن، وقالت إدارة السجن إن اللائحة موجودة في مكتبة السجن، “وحينما ذهبت عضوة المجلس للمكتبة اكتشفت عدم وجود اللائحة وورد هذا في بيان الأمس ولم يذكر في بيان اليوم”.
فيما علقت “عمران” على منعها من الدخول قائلة: “الورق ورقهم والدفاتر دفاترهم، ولو كانوا عايزين يدخلوني كانوا هيدخلوني”.
كان وفد من القومي لحقوق الإنسان، يرأسه حافظ أبو سعدة، قد زار السجن نفسه في أغسطس الماضي، وهي الزيارة التي أثارت وقتها مشكلات داخل المجلس نفسه؛ حيث عقد المجلس اجتماعًا تاليًا على الزيارة انسحب منه الأعضاء كمال عباس ومحمد عبدالقدوس وراجية عمران، وأصدروا بيانًا -وقع عليه معهم جورج إسحاق- لتوضيح اﻷسباب التي دعتهم إلى الانسحاب، جاء فيه أن الزيارة تم الترتيب لها دون علم عدد من الأعضاء، وأنه تم السماح بتصوير الزيارة بالمخالفة للائحة التي أصدرها المجلس نفسه بخصوص تنظيم عمل الزيارات. وأن عددًا من أعضاء المجلس “فوجئوا بعقد مؤتمر صحفي لإعلان نتائج الزيارة، وهي سابقة لم تحدث في أية زيارة من زيارات المجلس السابقة للسجون. وقد تم إخطار أعضاء المجلس بموعد المؤتمر الصحفي قبل انعقاده بساعات” بحسب البيان.
وقال بيان المجلس الصادر:”إن إدارة سجن العقرب شديد الحراسة بليمان طره تحرص على تطبيق لائحة السجون فيما يخص تسهيل إجراءات عقد الامتحانات وتوفير الكتب، بالإضافة إلى توفير العلاج للحالات المرضية بالسجن ونقل ذوي الحالات الحرجة لمستشفى المنيل الجامعي أو مستشفى ليمان طره في حال رفض قبول بعض هذه الحالات في المستشفيات الخارجية.
وذكر البيان أن إدارة السجن رفضت طلبًا لعضو المجلس الدكتور صلاح سلام بمناظرة خمس حالات مرضية من المعتقلين، إلا أن إدارة السجن أفادت برفض الحالات أنفسهم مقابلة أعضاء المجلس، وحينما طلب مناظرة هؤلاء بصفته عضو نقابة الأطباء رفضت الإدارة؛ مدعية عدم توافق طلبه مع لائحة السجون.
ورفضت إدارة المجلس أيضًا طلبًا من الوفد بزيارة الزنازين بحجة أن المسجونين أنفسهم رفضوا مقابلة أعضاء المجلس. وأفاد البيان أن أربعة سجناء قد حضروا لمقابلة الوفد وهم إبراهيم أبو عوف، حسن القباني، صفوت حجازي وعصام سلطان.
وقابل وفد المجلس عائلتين من أهالي المسجونين، أكدت إحداهما أن مدة الزيارة مناسبة، بينما قالت العائلة الأخرى إن مدة الزيارة خمس دقائق فقط وتتم من خلال حائط زجاجي. ووردت شكوى أخرى أثناء الزيارة من وجود تعسف في إيصال الكتب الدراسية لأحد المسجونين.
واختتم المجلس بيانه بتوصية شدد فيها على أهمية الالتزام بلائحة السجون فيما يتعلق بالمدة المقررة للزيارة، معربًا عن تقديره لتعاون مصلحة السجون مع المجلس في الاستجابة لملاحظاته السابقة فيما يتعلق بإنشاء مظلة لمنطقة استقبال الزائرين أمام السجن، وتوفير الأَسِرَّة والمراتب والبطاطين والأدوية. وطالب المجلس بالاستمرار في النهوض بأوضاع السجناء بما يتوافق والقانون واللوائح.