يعد محصول القمح من أكثر المحاصيل الإستراتيجية عالميًا؛ حيث يعتبر المادة الغذائية الأولى لنصف سكان الأرض، وتستخدمه الدول الكبرى كسلاح ضد الدول الفقيرة؛ مهددة إياها بالمجاعات حال عدم الالتزام بتنفيذ سياستها الاستعمارية، وبعد أن كنا في مصر نطعم أوروبا بـ80 ألف رغيف يوميًا، أصبحنا المستورد الأول للقمح عالميًا.
سلة غذاء العالم
وصفت مصر قديمًا بـ”سلة غذاء العالم”؛ ففي العصر الروماني كانت تصدر إلى روما وحدها 11 مليون إردب من القمح، كانت كافية لأن تطعم أوروبا بـ80 ألف رغيف يوميًا.
وفي عصر الخلافة الإسلامية، عندما حدث جفاف في الجزيرة العربية، أرسل عمرو بن العاص، حاكم مصر، إلى الجزيرة العربية قافلة غذائية أطعمت الجزيرة العربية وكفتها مؤونة المجاعة.
اليوم نستورد أكثر من ثلثي حاجتنا من القمح من دول العالم، وأرجع بعض الفلاحين قلة المساحة المزورعة بالقمح إلى تجاهل الحكومة لمتطلبات الفلاحين وعدم وضع الأسعار المناسبة لشراء محصول القمح، بالإضافة إلى أن هناك سياسات عالمية يتم تنفيذها في مصر لعدم الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القمح، بحسب تأكيد أحد الفلاحين.
الموردون
أكد رولان جيراجوسيان، مدير مكتب جمعية فرنسا لتصدير الحبوب في الشرق الأوسط، أن صادرات بلاده من القمح لمصر بلغت 500 ألف طن خلال 4 شهور، فقط خلال 2015، بما يمثل أكثر من 8 أضعاف ما استوردته مصر من فرنسا خلال العام المالي 2013-2014، والبالغ 60 ألف طن قمح..
وقالت صحيفة “كلارين” الإسبانية، إن بعد أكثر من 3 سنوات نجحت الأرجنتين في الحصول على المناقصات لتصدير القمح لمصر؛ حيث ستصدر 120 ألف طن خلال شهر يناير الجاري.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي تشتري فيها مصر القمح الأرجنتيني.
أسباب التراجع
يقول أحد الفلاحين: “في عهد وزارة الدكتور باسم عودة، أثناء حكم الإخوان، أخدت الحكومة منا القمح بالسعر العالمي، وبعد 30 يونيو تلاعبوا بنا وأخدوا منا المحصول برخص التراب وكل الناس عارفة إن محصول القمح مفيهوش مكسب كتير يعني بيجيب تكاليفه بالعافية عشان كده أغلب الفلاحين زرعوا محاصيل غير القمح كالبصل”.
ويضيف آخر “دلوقتي شيكارة الدقيق 50 كيلو بـ40 جنيه في التموين يعني أحسن لي أزرع في أرضي حاجة غير القمح أكسب منها واشتري من التموين الدقيق اللي أنا عايزه لأني لو زرعت القمح مش هلاقي اللي يشتريه، خاصة إن الحكومة رخصت سعره السنة اللي فاتت”.
ويعلق فلاح ثالث محذرًا: “دلوقتي روسيا صدرت قمح كتير لمصر عشان الفلاحين يتركوا زراعة القمح ويعتمدوا على الدقيق الجاهز من التموين والعام القادم لن نجد قمح محلي فنضطر لاستيراد أردأ أنواع القمح منها بأغلى الأسعار وبتنازلات سياسية وضغوط علينا وتحكم في دولتنا وبكره تشوفوا كلامي صح ولا غلط”.