لم تكن تصريحات المستشارة تهاني الجبالي بأن الجيش سلَّم الإخوان للشعب عشوائية أو توقعات منها، حيث إن تصريحاتها جاءت بناء على توجيه من المخابرات التي أكدت قيادات فيها تخطيط الجيش للإطاحة بالدكتور محمد مرسي من أول يوم تولى فيه الرئاسة، وأن أجهزة الدولة كانت تعمل على تأجيج الانقسام الشعبي؛ عن طريق الإعلام وافتعال الأزمات من أجل الإطاحة بمرسي.
المخابرات تحارب مرسي
وقال اللواء حسين فؤاد، وكيل جهاز المخابرات الأسبق: إن نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك انهار في 18 يومًا خلال اندلاع ثورة 25 يناير، ولكن الدولة المصرية لم تسقط معه.
وأشار إلى أن هناك أجهزة كبيرة في الدولة حافظت على نفسها كالقوات المسلحة، لافتًا إلى أن الأجهزة الأمنية تقوم بدورها على أحسن وجه، وأن وجود أخطاء أمر وارد.
وأضاف، في حواره مع الإعلامي أسامة كمال ببرنامج “القاهرة 360” على قناة “القاهرة والناس”: “السماح لجماعة لإخوان بتسلق السلطة عبر البرلمان والرئاسة كان جزءًا من مخطط الدولة، نظرًا لتعاطف عدد كبير من المصريين معهم، إلى أن تأتي اللحظة المناسبة للانقضاض عليهم”.
وأوضح أن مواجهة الإخوان عقب سقوط الرئيس المخلوع مبارك كان سيعرض مصر لحرب أهلية، وكان يمكن أن يحولنا إلى نفس مسار السيناريو السوري، حسب تعبيره.
وكان وكيل المخابرات العامة الأسبق اللواء ثروت جودة قد أكد أن الجهاز لم يمد الدكتور محمد مرسي بأي معلومة صحيحة طوال فترة حكمه، مضيفًا في حوار له مع صحيفة الوطن أنه طلب من اللواء رأفت شحاتة رئيس جهاز المخابرات الذي عيَّنه مرسي بأن ينسى القسَم الذي حلفه أمام الرئيس.
وقال اللواء “جودة” عن 30 يونيو: إن “تقارير الجيش التي خرجت يوم 20 يونيو أي قبل ثورة 30 يونيو مباشرة، قالت للسيسي صراحة: 95% من الجيش لو أنت ما أخدتش القرار هم هينزلوا ياخدوا القرار”.
الجيش والإطاحة بمرسي
ومن أبرز المواقف التي تؤكد خطة الجيش للإطاحة بمرسي تصريحات الكاتب الصحفي المقرب من الجيش مصطفي بكري، الذي أكد في كتابه “الجيش والإخوان.. أسرار خلف الستار” أنه عندما تسلم الدكتور مرسي السلطة التقى مصطفى بكري بالمشير طنطاوي وسأله معاتبًا: “لماذا سلمتم البلد إلى الإخوان؟ فأجابه طنطاوي إجابة أدهشته وقال له: “بل سلمنا الإخوان إلى البلد!”.
وكان مصطفى بكري قد قال في لقاء له على قناة الحياة: “في أعقاب الإعلان الدستوري ثار جانب من المواطنين أمام قصر الاتحادية الرئاسي، وصدرت من القيادة العامة للقوات المسلحة أوامر واضحة إلى التشكيلات المكلفة بحماية الشوارع المؤدية إلى القصر؛ مفادها: “أفسحوا الطريق أمام الأولاد”، وهو ما جعل قوات الحرس الجمهوري تترك المتظاهرين يتقدمون إلى سور القصر، ثم يلقون المولوتوف داخله ووصل الأمر بالقوات أن تركت بعضًا منهم يقتحم القصر بـ”ونش””، بحسبما قال.
وكشفت تصريحات وزير العدل السابق أحمد مكي، مع قناة الجزيرة مباشر مصر، أنه بعد أحداث محاكمة مذبحة استاد بورسعيد، وأحداث العنف المدبرة من جيش البلطجية التابع لحبيب العادلي في بورسعيد ومدن القناة؛ كان رأي الرئيس مرسي أن تتدخل الشرطة وتوقف أعمال العنف، لكن القيادة العامة للقوات المسلحة طالبت الرئيس بإعلان حظر التجول وأصرت على ذلك بإلحاح، وبعد أن انطلت الخدعة على مرسي، وأعلن حظر التجول أمر السيسي رجاله في المخابرات الحربية بتشجيع الناس على الخروج في مظاهرات ليلية للعصيان ضد حظر التجول، ثم أصدر الفريق صدقي صبحي، رئيس الأركان، قراره إلى عدد من التشكيلات العسكرية بأن تنظم مباريات كرة القدم، وأن تشارك فيها بالزي العسكري لإسقاط هيبة الرئيس تمامًا، ومن ثم يفقد اعتباره كرئيس مدني منتخب.
الداخلية لعبت الدور الأكبر في إسقاط مرسي
ونشرت وكالة رويترز للأنباء (تحقيقًا خاصًّا) قامت فيه باستقصاء آراء مصادر مختلفة من الشرطة والمخابرات حول الانقلاب؛ أكدت فيه -وفقا لما حصلت عليه الوكالة من معلومات- أن الشرطة لم تنس ثأرها مع الإخوان منذ 28 يناير 2011؛ لأنهم هم من أنجحوا الثورة بحشودهم، ولهذا لعبت دورًا كبيرًا في إسقاط مرسي للثأر من الإخوان.
وقالت الوكالة في تقريرها إن ضباط الداخلية قالوا في اجتماع رسمي: “لا يمكن أن نخدم رئيسًا إرهابيًّا”، وطلبت قيادتهم منهم انتظار اللحظة المناسبة للانقلاب عليه!!”.
وأضاف التقرير أن ضباطًا في المخابرات اجتمعوا مع شباب حملة “تمرد” ونصحوهم بالنزول للشارع ضد مرسي، مشيرًا إلى أن قيادات الداخلية وعدت الضباط بالإطاحة بمرسي في الوقت المناسب وأن لقاءات على الغداء والعشاء في نوادي الجيش الفخمة اتفق فيها على عزل الرئيس مرسي بدعوى أنه خطر على الأمن القومي.
وكشف التقرير أن وزارة الداخلية كانت تقول صراحة -في هذه الاجتماعات- إن جماعة الإخوان المسلمين تشكل تهديدًا للأمن القومي، وأن على الدكتور مرسي أن ينتحى وفقًا لأحد كبار ضباط الأمن، وأن الجيش أصبح أكثر اقتناعًا أن هؤلاء الناس (الإخوان) عليهم ترك السلطة بشكل أو بآخر.
وتزايد ضغط وزارة الداخلية على السيسي والجيش -بحسب رويترز- وساعد على ذلك ظهور حركة تمرد ومشاركة ضباط الشرطة في جمع توقيعات للحركة والانضمام إلى الاحتجاجات.
وعقد 3000 ضابط اجتماعًا في 15 يونيو 2013 بينهم جنرالات وضباط أمن دولة، في نادي ضباط مدينة نصر أمام مقر الأمن الوطني حاليًّا لمناقشة وفاة ضابط شرطة على أيدي مسلحين في سيناء وألقوا باللوم على “عناصر إرهابية” قالوا إن الرئيس مرسي هو الذي أفرج عنها ويرعاها، وبدأ ضباط الشرطة يهتفون “يسقط حكم المرشد”، كما روى ضابط أمن دولة للوكالة.
وفي يوم 30 يونيو انضم ضباط وزارة الداخلية لأعضاء حركة تمرد والمصريين في التحرير للمطالبة باستقالة الدكتور مرسي ليخرج السيسى بعدها بثلاثة أيام ليعلن تنحية مرسي واحتجازه في مكان عسكري ويعلن استيلاء الجيش على السلطة.
البلتاجي يكشف خطة الجيش للقضاء على شعبية الإخوان
وكشف الدكتور محمد البتاجي خطة الجيش للتخلص من شعبية الإخوان والقضاء على ثورة يناير مبكرًا قبل ترشيح مرسي للرئاسة؛ حيث حذر من هذة الخطوة.
وكان الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، قد صرح وقت ترشح الرئيس محمد مرسي للرئاسة بأنه يرفض دخول الإخوان في الانتخابات الرئاسية؛ لأنه يعتقد أنه فخ من الدولة للقضاء علي المشروع الإسلامي، عبر التخلص من شعبية الإخوان المسلمين بتوريطهم في الرئاسة المصرية.
وأكد “البلتاجي” في حسابه على فيسبوك تأييده الكامل لما كتبه الكاتب فهمي هويدي بمقاله الذي حمل عنوان “وقعوا في الفخ” في تعليقه على قرار الإخوان بالدفع المهندس خيرت الشاطر وترشيحه بانتخابات رئاسة الجمهورية.
وقال في صفحته الشخصية على “فيس بوك”: “الإخوان “وقعوا في الفخ” هذا الذي كتبه الأستاذ فهمي هويدي اليوم هو ما أؤمن به جملة وتفصيلاً، وهذه الأسباب التي جاءت في مقاله هي ذاتها التي ذكرتها لإخواني في اجتماع الهيئة العليا للحزب قبل أن أصوِّت برفض القرار ـ بقصد التصويت علي قرار ترشيح الشاطر لانتخابات الرئاسةـ حيث قلت إنه من الظلم للوطن وللإخوان أن يتحملوا وحدهم مسؤولية الوطن كاملة في تلك الظروف الحرجة (شعب ـ شورى – جمعية دستور ـ حكومة – رئاسة)”.
وأضاف البلتاجي: “في غاية القلق على مستقبل الوطن ومستقبل المشروع الإسلامي الذي أرى أن أطرافًا تسعى لتوريطه وإفشال تجربته لتتخلص منه سريعًا، بعد أن عاشت الأمة أجيالاً وراء أجيال تعلق عليه آمالاً وتنتظر أن يأخذ فرصته ليقيل الأمة من عثرتها ويحقق لها نهضتها”.