لا تزال الأزمة التي تشهدها جماعة الإخوان المسلمين تفرض نفسها على الساحة المصرية بعد القرارات التي تم تسريبها أمس للإعلام، والتي تضمنت توقيف بعض قياداتها لمدد تتراوح من 4 إلى 6 أشهر.
الانتخابات وبداية الخلافات
كانت جماعة الإخوان المسلمين قد شهدت أزمة مماثلة منذ نحو عام مضى، وهي ما عُرف حينها بأزمة “السلمية والعنف”؛ حيث كانت الجماعة قد قررت بعد عملية فض رابعة العدوية والتضييق الأمني الذي مورس على قياداتها اختيار مجموعة من مجلس الشورى العام لتعاون من بقي من مكتب الإرشاد، وهو التشكيل الذي عرف بلجنة الإدارة العليا للجماعة.
وتم تداول معلومات حينها عن وجود خلاف بين عدد من أعضاء اللجنة حول مسارات العمل الثوري ضد الانقلاب العسكري؛ حيث كان فريق أهمية انتهاج الجماعة ما يعرف بـ” العمل النوعي” في مقابل رأي آخر تبناه عدد كبير من قيادات الجماعة التاريخية، التي يراها عدد كبير من شباب الجماعة المسؤولة عن الإخفاق السياسي الذي أدى للانقلاب.
وقررت الجماعة -حلاًّ للخلاف، بحسب ما هو معروف من معلومات- انتخاب لجنة عليا جديدة لقيادة الجماعة مكونة من المسؤولين السبعة للقطاعات التنظيمية بالجماعة في الجمهورية، إضافةً إلى اثنين من مسؤولي اللجان المركزية لينضما إلى اللجنة العليا ثم أضيف إليهما أيضًا اثنان من قيادات مكتب الإرشاد القديم؛ هما محمد عبد الرحمن ومحمد كمال، وهو الانتخاب الذي تمت إجراءاته في أكتوبر الماضي.
وكلفت هذه اللجنة العليا بمهام محددة، ومن أهمها تسيير عمل الجماعة، وإعداد لائحة جديدة للجماعة ينتخب على أساسها مجلس شورى جديد لينتخب المجلس بدوره مكتب إرشاد جديدًا.
التصعيد
وشهد أمس ظهور الخلافات للسطح مجددًا بعد شهور من الصمت الإعلامي الذي ميَّز هذه الأزمة عن سابقاتها؛ حيث تم تسريب أخبار عن وجود قرارات بوقف عدد من قيادات الجماعة ومسؤولي لجانها وأعضاء اللجنة الإدارية العليا عن أي أعمال تنظيمية بعد تحقيقات أجريت معهم في مخالفات إدارية تمت منهم خلال العام الماضي “فترة ولاية اللجنة العليا القديمة”.
ومن بين من تم إيقافهم الدكتور محمد كمال عضو مكتب الإرشاد، ومحمد منتصر، المتحدث الإعلامي للجماعة، ومسؤولي لجان الطلاب والإعلامية والحراك الثوري، في الوقت الذي تم فيه إعلان إعفاء محمد منتصر رسميًّا من منصبه كمتحدث إعلامي وتعيين الدكتور طلعت فهمي المقيم في تركيا متحدثا إعلاميا بديلا عنه.
وردت اللجنة العليا للجماعة ببيان رسمي أكدت فيه أنها هي الجهة الوحيدة المخولة باتخاذ أي قرارات تخص الإخوان، وأكدت أنها لم تتخذ أية قرارات تخص محمد منتصر المتحدث الإعلامي للجماعة.
وأعلنت بعد ذلك بعض المكاتب الإدارية لجماعة الاخوان المسلمين رفضها للقرارات التي تتخذ بدون الآليات المؤسسية والشورى المعتادة في الجماعة، ومنها قرار إعفاء محمد منتصر.
توقيت الانقسامات
من جانبه قال أحمد رامي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن وصف التنوع والاختلاف بين الإخوان على أنه بين شباب وشيوخ مصيدة وفخ.
واعترض “رامي” في تصريح خاص لـ”رصد” على توقيت هذه الأزمة وتصعيد قيادات الجماعة في الخارج، مشيرًا إلى سوء التوقيت المتزامن مع ما هو متوقع من موجة 25 يناير.
وأوضح أنه حتى فى حال صحة القرار إجرائيًّا كان الأصوب أن يعلن عقب موجة 25 يناير، مطالبًا الصف الإخواني عامة والشباب في القلب منه بأن لا يسمحوا للخلافات والنزاع الذي يريد البعض أن يقحمهم فيه أن يستمر، وأن يتوحدوا ضد الانقلاب.
زوبعة سريعة الزوال
ومن جانبه قال الكاتب الصحفي بدر محمد بدر إن الأزمة الحالية لن تؤثر في التظاهرات في 25 يناير، وأن محاولة البعض وصف ما يحدث بالانشقاقات خاطئة.
وأضاف في تصريح خاص لـ”رصد” أن الإخوان جماعة كبيرة ولها تاريخ عريق ورجال نفخر بهم ولن يصح في النهاية إلا الصحيح فلا تنشغل كثيرًا بهذه الزوبعة سريعة الزوال، وانشغل أكثر بما هو مطلوب منك وفي استطاعتك فعله لنصرة دينك وجماعتك وكسر الانقلاب.
وأوضح “بدر” أن أكثر اللغط حول هذا الموضوع وغيره يأتي ممن هم خارج مصر، ممن اضطروا للمغادرة وبالتالي لا يعرف الكثير منهم المعلومات إلا من وسائل التواصل الاجتماعي أو بعض الفضائيات المشاركة في تضخيم الأزمة أو بعض المسؤولين غير الأمناء.
وأشار “بدر” إلى أن هناك تحقيقًا بدأ منذ فترة عن تجاوزات وأخطاء إدارية وهذه التحقيقات يعلم بها كل مسؤول، أي ليست مفاجئة لأحد، وأنه من الطبيعي أن تنتهي التحقيقات إلى إدانة البعض وتنحية البعض الآخر عن موقع المسؤولية التكليفية.
وأكد “بدر” أن التحقيقات قامت بها لجنة مستقلة وقدمت نتائج أعمالها وما تراه من عقوبات وقرارات إلى نائب المرشد العام د. محمود عزت الذي اعتمدها بصفته ولم يتدخل في نتائجها مطلقًا، وكلف د. محمد عبد الرحمن عضو مكتب الإرشاد والمشرف المباشر على اللجنة الإدارية بتنفيذها وصدرت من القاهرة، وما دور الجماعة في لندن إلا توزيع البيان إعلاميًّا فقط، على حد قوله.
وأشار إلى أن قرارات لجنة التحقيقات مست أطرافًا في اللجنة الإدارية الحالية؛ مما أدى إلى صدور بيانات عاطفية متوترة وسريعة عنها وعن بعض المكاتب الإدارية.