وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العاصمة القطرية الدوحة مساء أمس الثلاثاء في زيارة رسمية، تستغرق يومين تلبية لدعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وشهدت العلاقات التركية القطرية تطورًا كبيرًا على شتى الأصعدة، وذلك منذ عام 1979، عندما افتتحت سفارتا البلدين لأول مرة، والتي عزّزتها الروابط التاريخية القوية والانتماءات الثقافية المشتركة.
وتأتي الزيارة مباشرة بعد أزمة إسقاط الطائرة الروسية، لذلك ينظر العالم جميعًا باهتمام للزيارة، وتسرد شبكة “رصد” في هذا التقرير أبرز الأسباب وراء الزيارة :
التحالف ضد روسيا
وتعد هذه الزيارة الثانية لأردوغان لقطر بعد توليه رئاسة تركيا في العام الماضي، وتأتي مباشرة بعد أزمة إسقاط تركيا لطائرة روسية، مما يجعل تقوية العلاقات التركية بحلفائها المميزين أبرز أسبابها، وذلك بعد فرض روسيا عدة عقوبات عليها بعد حادث إسقاطا لمقاتلة “سوخوي”.
ويرى مراقبون أن العلاقات بين البلدين ستشمل – إضافة إلى ما هو قائم بين البلدين من علاقات – تعاونًا وتنسيقًا في المجالات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، وذلك بسبب تغير الأوضاع وحدوث أزمة دبلوماسية مع روسيا.
الطاقة
تعتمد تركيا اعتمادًا كبيرًا على الغاز الروسي، في حين أن إيران كمورّد للغاز، لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير، وتنامي استهلاك الطاقة في تركيا يمنعها من الهرب من قبضة روسيا، لكنه يؤدي بتركيا أيضًا إلى التفكير في تنويع إمداداتها من الطاقة، على سبيل المثال، قام الجانب التركي خلال زيارة أردوغان إلى الدوحة بتوقيع اتفاقية تقضي باستيراد 1.2 مليار متر مكعب من الغاز القطري المسال في تسع دفعات خلال عامي 2014 و2015.
وبحسب تقرير نشره مركز “ستراتفور” الاستخباراتي في يناير 2013، فإن العامل أو الرابط الأكثر وضوحًا في التقارب القطري التركي هو الطاقة ، وسيتنامى هذا التقارب بعد الأزمة الروسية التركية واحتمالية استغناء تركيا عن الغاز الروسي.
ويذهب بعض الخبراء إلى توقع حدوث تعاون في مجال الطاقة، باعتبار أن تركيا تعاني من نقص في مصادر الطاقة وتعتبر ممرًا لها، في حين أن قطر مصدّر لها، ما يفتح آفاق التعاون بين البلدين .
تنشيط قطاع السياحة
ويلعب قطاع السياحة دورًا مميزًا في العلاقات بين البلدين، فقد بلغ عدد القطريين الذين زاروا تركيا في إطار جولات سياحية العام الماضي نحو 18 ألف قطري، في حين لم يكن هذا الرقم يتعدى 1400 زائر في عام 2002.
ويأتي ذلك في ظل أن العلاقات الثقافية بين البلدين في ازدياد مستمر، فالبلدان يحتفلان هذا العام 2015 بعام الثقافة المشتركة بين تركيا وقطر، حيث أكّد السفير التركي في قطر على أن هناك زيادة كبيرة في التواصل الاجتماعي بين الشعبين، وأن الشعب القطري يتعرّف بشكل أفضل على تركيا والشعب التركي.
تعزيز التعاون الاقتصادي
يتوقع الجميع أن يكون من أهداف الزيارة إبرام عدة اتفاقيات اقتصادية بين البلدين، وحسب توقعات اقتصاديين أتراك، يُفترض أن يصل حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر إلى حد 1.3 مليار دولارًا نهاية سنة 2015، مع العلم أنه بلغ مستوى 769 مليون دولارًا خلال سنة 2013 بعد أن تضاعف حوالي 50 ضعفًا بالمقارنة مع حجم التبادل التجاري بين البلدين في سنة 2001 قبل وصول حزب العدالة والتنمية التركي إلى سدة الحكم.
وحسبما تشير آخر التقارير تتواجد في قطر نحو 60 شركة تركية، نفّذت 35 منها مشاريع بقيمة تجاوزت 35 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمارات في مجالات مختلفة. وتطمح الشركات التركية، ولا سيما شركات المقاولات بالحصول على حصة من حزمة المشروعات التي تنوي قطر تنفيذها تمهيدا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
تعزيز التقاء المواقف
تلتقي مواقف الدولتين السياسية في ملفات سياسية خارجية عديدة، وخصوصًا بشأن ما يجري في سوريا والعراق، وما يتعلّق بالعدوان “الإسرائيلي” المتكرّر على الشعب الفلسطيني، والحروب على قطاع غزة المحاصر، والموقف من الربيع العربي، إذ دعمت الدوحة وأنقرة طموحات الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.