توسعت العلاقات المصرية الإسرائيلية بالسنوات التي تلت عملية “التطبيع” بشكل كبير، كان أهمها قضية “تصدير الغاز المصري” لإسرائيل، والتي أثارت حولها العديد من الشكوك والتساؤلات، خاصة بعد الإفصاح عن سعر التصدير الذي لا يقارن بالأسعار العالمية وأقل منها بشكل كبير، إلى أن وصلت التعاملات خلال هذه القضية إلى العكس، وإمساك “إسرائيل” بزمام الأمور، بعد مرور 5 سنوات، والإعلان عن استيراد مصر الغاز منها، عقب حدوث أزمات الانقطاع الكهربائي المتوالية الأخيرة، والتي تجلت بعد ثورة يناير 2011.
2005 بدء تصدير الغاز
بدء تصدير الغاز المصري لإسرائيل، عام 2005، وذلك من خلال اتفاقية تم توقيعها بين الجانبين، تنص على ” تصدير نحو 1.7 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي لمدة 20 عامًا، بثمن يتراوح بين 70 سنتًا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما يصل سعر التكلفة 2.65 دولار”، فضلًا عن حصول شركة الغاز الإسرائيلية على إعفاء ضريبي من الحكومة المصرية لمدة 3 سنوات من عام 2005 إلى عام 2008.
ويمتد خط أنابيب الغاز بطول مائة كيلو متر من العريش في سيناء إلى نقطة على ساحل مدينة عسقلان جنوب السواحل الإسرائيلية على البحر المتوسط، وشركة غاز شرق المتوسط، المسؤولة عن تنفيذ الاتفاق، هي عبارة عن شراكة بين كل من رجل الأعمال المصري حسين سالم، الذي يملك أغلب أسهم الشركة، ومجموعة ميرهاف الإسرائيلية، وشركة أمبال الأميركية الإسرائيلية، وشركة بي تي تي التايلندية، ورجل الأعمال الأميركي سام زيل.
أحكام القضاء الإداري
وسرد الخبير الاقتصادي، محمد فاروق -لـ”رصد”- مراحل القضية، بدءًا من عام 2008، عقب تعالي أصوات نواب مجلس الشعب حول قضية تصدير الغاز؛ حيث قضت محكمة القضاء الإداري بوقف قرار الحكومة بتصدير الغاز الطبيعي إلى عدة دول من بينها إسرائيل، ويحدد القرار سعر الغاز وكميته ويمنع تغيير الأسعار لمدة 15 سنة. يأتي هذا بعد أن أقرت الحكومة أن سعر الغاز الذي يصدر إلى إسرائيل أقل من الأسعار العالمية.
واستمر قرار محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في مصر، للمرة الثانية بيناير 2009، في جلستها باستمرار تنفيذ الحكم السابق إصداره منها والذي قضى بوقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار تقل عن الأسعار العالمية وقيمتها السوقية وإلزام الحكومة بتنفيذ الحكم بمسودته، وذلك في تحد لطعن الحكومة علي الحكم السابق وقبل نظره يوم 2 فبراير 2009.
ثم قضت المحكمة بقبول الاستشكال المقدم من السفير السابق بالخارجية المصرية إبراهيم يسري، الذي سبق له الحصول على هذا الحكم في 18 نوفمبر 2008 على ضوء دعواه التي أقامها مطالبا بوقف قرار بيع الغاز المصري لإسرائيل بأسعار أقل من الأسعار العالمية على اعتبار انه ينتقص من السيادة الوطنية ومصالح مصر.
حكم بمنع تصدير الغاز
ومرت أيام قليلة، ثم صدر حكم من المحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري بمنع تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وقبلت الطعن الذي تقدمت به الحكومة لإلغاء الحكم، معللة ذلك بإن قرار بيع فائض الغاز إلى دول شرق البحر المتوسط، ومنها إسرائيل، صدر من الحكومة بوصفها سلطة حكم، في نطاق وظيفتها السياسية، مما يدخل في أعمال السيادة التي استقر القضاء الدستوري والإداري والعادي على استبعادها من رقابته.
وفي 2010، قررت المحكمة الإدارية العليا، بأن القضية لن يتم الفصل فيها من خلال القضاء الإداري، مطالبة بمراجعة أسعار التصدير طبقًا للأسعار العالمية، وبما يتفق مع الصالح العام المصري، ويعتبر هذا الحكم نهائي وغير قابل للطعن.
2010 بداية التحول من مصدر لمستورد
وتابع خبير البترول الدولي، المهندس “يسري حسان” -لـ”رصد”- بأن تحول القضية بين مصر وإسرائيل من “تصدير لإستيراد”، بدأت مع ظهور مشكلة نقص الغاز بمصر، مع بداية عام 2010؛ حيث بدأت معاناة المصريين وعدم وصول الغاز لعدة مناطق بالجمهورية؛ حيث أدى هذا النقص إلى تضاعف أسعار هذه الأسطوانات عدة أضعاف، إضافة لصعوبة الحصول عليها.
ومن ثم وجهت انتقادات لوزارة البترول لتصدير الغاز بأقل من الأسعار عالميا في حين يعاني المصريون من أزمة في الغاز.
ومنذ ذلك الحين، ويعاني المصريون من أزمات انقطاع التيار الكهربائي المتكررة، والتي أدت إلى خسائر على مدار السنوات الماضية، فضلًا عن استمرار الخلاف بين وزارتي الكهرباء والبترول بسبب توسع وزارة البترول في تصدير الغاز بمتوسط سعري أقل بكثير من متوسط أسعار استيراد المازوت لمحطات الكهرباء، إلى أن أفصحت وزارة البترول المصرية -2011- عن نيتها إعادة شراء 1.4 مليار متر مكعب من الغار الطبيعي الذي صدرته إلى إسرائيل، لكي تشغل توربينات محطات توليد الكهرباء، ومنذ ذلك الحين تستورد مصر الغاز من إسرائيل بالأسعار العالمية المضاعفه للأسعار التى تم تصدير الغاز المصري بها منذ عام 2005.
وأضاف “حسان”، أن الدولة عليها الإسراع بوضع حلول عاجلة لأزمة الغاز بمصر، دون الاعتماد على الغاز الإسرائيلي، خاصة مع اكتشاف واحد من أكبر آبار الغاز بمياه البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لآخر تصريحات الحكومة.