لم يكن “المخترع الصغير” أول من تغلق مصر الأبواب في وجهه ليهرب من البلاد وتستفيد من اختراعه دولة أخرى.
“مصطفى مجدي الصاوي”، هو مخترع مصري صغير، عمره “20 عامًا”، استطاع أن يحصل على لقب «أفضل باحث عربي» في مسابقة بطولة العالم للمبدعين العرب، التي جرى تنظيمها بلندن لعام 2015، عن مشروعه الذي أذهل الجميع باسم «السد العربي الذكي».
عاد «مصطفى الصاوي» من لندن ليستقبله أهله بفرحة شديدة، ويتم دعوته إلى العديد من الاحتفاليات البسيطة التي تنظمها الجامعة أو المحافظة أو الوزارة، لتكريمه. ورود ودرع وصور تذكارية ومصافحة رسمية، جملة مشاهد أفضت إلى «لا شيء»، ليمر ما يقارب 3 شهور، دون أن يجد «المخترع الصغير» أي خطوة للأمام على أرض الواقع لتفعيل اختراعه الذي ظل حبيسًا في أدراج لا تعرف النور، وفجأة جاءته الدعوة لتنفيذ الحلم، ليس من داخل بلده؛ بل من دولة الإمارات العربية.
وبحسب مراقبين، فإن مصر تعد من أكثر الدول في العالم تصديرًا للعلماء؛ حيث تحتل المركز الأول في عدد العلماء على مستوى العالم، وكشف الاتحاد العام للمصريين في الخارج، أن تعداد المصريين العاملين في الخارج يبلغ حاليًا 9 ملايين و750 ألف مواطن، وأن تعداد علماء مصر في الخارج 86 ألف عالم، وأن مصر تأتي في المركز الأول في عدد العلماء على مستوى العالم.
الحكم العسكري يحارب العلماء
واستنكر نشطاء وسياسيون، ما وصلت إليه مصر، مؤكدين أنها أصبحت أكثر البلاد الطاردة للعلماء والجاذبة للراقصات.
وهاجم الناشط مينا منسي، تعليقات البعض بأنه لا يوجد بديل للحكم العسكري في مصر، قائلًا: “يجي واحد من مؤيدي الحاكم العسكري اللي معين وزير تعليم ميعرفش الفرق بين (ذ) و(ز)، ومعين محافظ أركان حرب لأسوان بيقول للسياح اللي لغوا حجزهم (هما اللي خسرانين مش احنا)، وكان وزير دفاع (فضيحة العلاج بالكفتة)، ومش بيمر أسبوع من غير فضيحة أو كارثة أمنية أو اقتصادية أو سياسية يقولك سؤال ساذج جدًا لما تنتقد حكم العساكر (فين البديل؟!!!!)”.
وأضاف مينا -في تدوينة له على “فيس بوك”- “عزيزي صباع الكفتة مؤيد حكم الكفتة السؤال مش (فين البديل) السؤال (مين اللي مانع البديل؟!) (مين اللي مطفش البديل؟!!!) (مين اللي لو البديل اتكلم بيسلط كلابه تهوهو عليه بتهم الخيانة والعمالة) لأنك تبقى مختل عقليًا لما يكون عندك 86 ألف عالم في الخارج وتسأل فين البديل”.
أفضل مخترع على مستوى العالم
وأثارت قضية المخترع الصغير، العديد من ردود الأفعال الغاضبة؛ بسبب ما وصلت إليه مصر.
مصطفى الصاوي، البالغ من العمر عشرين عامًا، صاحب ابتكار السد الذكي، والحاصل على المركز الأول في الأمم المتحدة كأفضل مخترع على مستوى العالم لعام 2014، كما حصل على جائزة المخترع الأول على مستوى الشرق الأوسط من رئيس دولة الكويت، الشيخ أحمد الصباح، وكذلك المركز الأول بلندن كأفضل مخترع في المهرجان الدولي للموهوبين في 2014، بالإضافة إلى براءات اختراع دولية متعددة لاختراعه.
اختراع “مصطفى” يقوم على ابتكار حل لمشكلتي المياه والطاقة؛ وذلك من خلال إقامة السدود في بحر مالح على مستوى واحد من البحر، بحيث ينقسم إلى نصفين؛ الأول إنشاء منحدر يكون السد على عمق داخلي من البحر بـ35 مترًا، ويتم تنزيل المياه لتدوير 7 توربينات، وأن يكون التوربين الواحد قدرة 600 ميجاوات، وبعد توليد التوربينات، يكون هناك إمكانية أخرى لتوليد طاقة متجددة وهي من خلال طاقة الرياح، والتي تكون أقوى من الأرض بـ70%.
أما بخصوص تحلية المياه، فإن الماء المعاد تدويره من التوربينات سيتم إعادة تحليته من خلال غرفة مكونة من شرائح ألومنيوم في منتصفها أنبوب وبنك حفاز يتم فيه ضخ المياه داخل الغرفة متوصلين بخلايا حرارية ونسبة الأملاح بهذه المياه.
المسؤولون المصريون يرفضون تبني الفكرة
أكد “مصطفى” أنه عرض جميع أفكاره على كل المسؤولين الذين حاول الوصول إليهم في مصر، ولكن قوبل بعدم اهتمام ولا مبالاة ولم يستمعوا لحديثه، ولم يستجب له سوى الدكتور السيد عبدالخالق، وزير التعليم العالي السابق، واللواء عمر الشوادفي محافظ الدقهلية، ولكن بعد التغيير الوزاري انتهى كل شيء.
كما أعرب الأمين العام ومؤسس المجلس الوطني للشباب، الدكتور وائل الطناحي، والجهة التي كانت تتبنى تسويق ومساعدة المخترع الصغير مصطفى الصاوي في مصر، عن أسفه لسفر مصطفى للإمارات وتبنيها مشروعه، مؤكدًا أنهم قاموا بطرق كل الأبواب في مصر، وعبروها “خرم خرم” ليتمكنوا من إيجاد دعم وتمويل لمشروعه، ولكن للأسف محاولتهم جميعًا باءت بالفشل ولم يستجب له أحد، مما دفعه لقبول عرض الإمارات وحصوله على الجنسية وتطبيقه مشروعه هناك تحت اسم “السد الذكي وشبكة الإمارات الذكية للطرق”.
استغلال مصطفى كشو إعلامي
كما أضاف الطناحي، خلال تصريحات صحفية، أن كل مسؤول يذهب إليه يقوم بالتصوير معه كشو إعلامي، وتذهب وعوده في الهواء، بل إن المجلس حاول بشتى الطرق سفر مصطفى على حساب الدولة لتمثيلها في المحافل الدولية، ولكن وزير الطيران رفض وبشدة.
وقالت أمل سامي، والدة المخترع المصري مصطفى الصاوي، إن ابنها فخر لها، وأضافت “ربنا يكفيه شر اللي في مصر”.
وأضافت والدة المخترع مصطفى الصاوي، في أول تصريح لها عقب حصول ابنها على الجنسية الإماراتية، أنها غاضبة بشدة لما تعرض له ابنها من هجوم شديد من أساتذة الجامعات والمخترعين واتهامه بالخيانة بسبب حصوله على الجنسية الإماراتية، قائلة: “الإمارات ساعدت مصر كلها ولما تساعد ابنى يبقى خاين”.
وتمنت والدة المخترع أن يظل على هذا المستوى العلمي من التفوق، وأن يساعد العالم، موجهة رسالة للإمارات قائلة: شكرًا على دعم مصطفى الصاوي وإدراككم لقيمته العلمية.
مصر طاردة لكل ما هو محترم وجاذبة للفشل
وقال الكاتب الصحفي تامر أبو عرب: “لما شفت شاب عبقري مصري بيحتفل وهو لابس لبس دولة تانية ورافع علمها قلبي وجعني بجد”.
وأضاف -في تدوينة له على “فيس بوك”- “شيء مؤلم إن بلدك يكون طارد لكل ما هو ناجح ومحترم وجاذب لكل ما هو تافه وعبيط وأهبل وفاشل”.
وأوضح “مصر بتحتل المركز الأول في عدد العلماء على مستوى العالم، وعلى فكرة دي شتيمة مش مدح؛ لأن ده معناه إن بلد في وضعك محتاج كل عقل نضيف يطلعه من اللي هو فيه بيفضل ورا المبدع لحد ما يطفش، وده مكانش بيحصل في الماضي وبعدين احنا خدنا بالنا فحافظنا على عيالنا اللي لسه هنا، بالعكس ده لسه بيحصل لحد امبارح ومع شاب عنده 17 سنة بيشتغل على مجال إنت مهدد فيه بقوة”.
وقال أبو عرب: “إنت فاهم يعني إيه يكون فيه 86 ألف عالم مصري بيخدموا بلاد تانية ويسهموا في تقدمها ونروح بعد كده نتحايل على الدول اللي هم شغالين فيها علشان يدونا قرض نعمل بيه مشروع ولادنا كانوا ضلع أساسي في تطويره؟”.
وأكد أبو عرب أن الغالبية العظمى من العلماء لا تترك مصر من أجل المال، ولكن حاولوا أن يأخذوا مصر للنجاح فوجدوا مصر تأخذهم هم للفشل وتقتل طموحهم ومشروعهم، فيجب أن ينقذوا أنفسهم ويذهبوا لبلد يوفر لهم مقومات الإبداع والنجاح بدل ما يفضلوا شغالين في مكان علشان ياخد فيه أنبوبة اختبار لازم يمضي عليها عهدة عند الأستاذ سيد أمين المخازن.
واختتم أبوعرب تدوينته قائلًا: “متلومش على عالم تخلى عن جنسيته علشان يعيش في مناخ محترم، لوم على اللي مخللي بلدنا بطلة العالم في المناخ غير المحترم”.
ومن جانبه، هاجم الإعلامي محمود سعد، الذين يتهمون مصطفى الصاوي بالخيانة قائلًا: “ذلك الشاب اجتهد وعمل بالكفاءة، ولم يجد من يقدم له يد العون أو المساعدة”، مؤكدًا أن النظام التعليمي المصري لا يصنع علماء ومن يريد إرغام المبتكرين على التقيد به يخنق هؤلاء المبتكرين.
مصر تطالب مصطفى برد 2000 جنيه إسترليني
أما الدكتورة دليلة مختار مصطفى، نائب الأمين العام ورئيس المشروعات بمؤسسة المجلس الوطني للشباب، فقالت إن مصطفى لم يجد من يدعمه في بلده فتوجه إلى بلد عربي آخر، ولا يلام في شيء، فكل اللوم على الدولة ومسؤوليها، فوصل الأمر أن وزارة الشباب والرياضة دفعت له 2000 جنيه إسترليني مقابل الاشتراك في مسابقة دولية، وحصل فيها على المركز الأول كأحسن باحث علمي على مستوى العالم، ثم فوجئت والدة مصطفى أن الوزارة تقوم بالاتصال بها لتسديد المبلغ؛ بحجة أن المسابقة طلعت فشنك”، بل الأدهى من ذلك؛ فإن أبناء شعبه يتهمونه الآن بالخيانة وبيع بلده.