بعد مرور وقت وفير على أكذوبة علاج فيروس “سي” والإيدز، بدأ عبد الفتاح السيسي يروج لمشروع آخر على نفس الشاكلة، إذ أعلن منذ عدة أيام عن توقيع اتفاقية مع روسيا لإقامة أول محطة نووية مصرية في منطقة الضبعة.
وتناثرت الأقاويل والتساؤلات بمجرد إعلان السيسي عن هذا المشروع، لا سيما أنه زعم بأن اتفاقه عير مسبوق في التاريخ المصري، ونستعرض معكم في السطور التالية أبرز 15 سؤالا وجوابا تروي قصة البرنامج النووي المصري من فاروق حتى السيسي:
1) هل عبد الفتاح السيسي أول من وقع اتفاقا نوويا في مصر؟
** لا.. لم يكن السيسي هو أول من وقع على اتفاقية المشروع النووي في مصر.
2) متى بدأ البرنامج النووي المصري؟
** بدأ التفكير في المشروع النووي المصري في عهد الملك فاروق عام 1949م، وكان فريق البحث العلمي برئاسة الدكتور مصطفى مشرفة، ولكن اغتيل الدكتور مشرفة وتوقف البرنامج آنذاك.
3) مفاعل أنشاص النووي.. متى تم بناؤه؟
** هو أول مفاعل نووي في مصر، تم بناؤه في 1 مارس 1958، أما تشغليه فكان في 8 نوفمبر 1961م.
4) كيف كانت طبيعة عمل المفاعل أنشاص؟
** هو مفاعل أبحاث تم استيراده من روسيا، من نوع “خزان الماء الخفيف (WWR)” (تبريد وتهدئة للنيترونات بالماء الخفيف) بقدرة 2 ميجاوات شاملا حمولة وقود ابتدائية قدرها 3.2 كجم من يورانيوم U235 تخصيب 10٪ (EK-10) ومنذ ذلك الحين لم يتم تزويد المفاعل ثانية بالوقود، وفي الثمانينيات من القرن العشرين تم إغلاق المفاعل ETRR-1 لتحديث وتوسيع إمكانات التشغيل للمفاعل بواسطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA).
5) ما حقيقة ما بثته وسائل الإعلام في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأن عصره شهد دخول مصر العصر النووي؟
** كان ترويجا إعلاميا في عهد عبد الناصر حينئذ، لأنه لم ينفذ المشروع من أساسه.
6) ما الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟
** وقع عبد الناصر اتفاقية “الذرة من أجل السلام” مع الاتحاد السوفييتي عام 1955 للتعاون في المجال النووي السلمي، وكان من المقرر أن يتم تأسيسها في منطقة برج العرب بالإسكندرية، ولكن لم ينفذ، وفي السبعينيات تم الاتفاق على عمل محطة نووية في سيدي كرير، لكنه لم يتم إنشاؤها بعد أن وضع الأمريكان شروطا سياسية على المفاعل رفضتها مصر.
7) ما الذي حدث في عهد الرئيس الراحل أنور السادات بشأن المشروع النووي؟
في عام 1980 خطط السادات لبناء 8 محطات نووية، واستجابت فرنسا لطلب بمساعدته وشكلت مجموعات عمل مشتركة في الدول العاملة بالطاقة النووية لنقل التكنولوجيا، واُختير 23 موقعا في مصر لتنفيذ المشروع بعد عمل دراسة تفصيلية وقع بعدها الاختيار على إنشاء المفاعل نووي في مدينة الضبعة بمطروح، بعد دراسات أُجريت من قبل شركة فرنسية وأثبتت أن هذا الموقع هو الأنسب للمحطة النووية.
8) ولماذا لم يستكمل المشروع؟
بعد توقيع اتفاقية مع فرنسا على إنشاء محطة في الضبعة عام 1980 قدرتها 900 ألف كيلووات، وطرح مناقصة عالمية لاختيار الشركة المنفذة للمشروع في عام 1983 واستمرار إجراءات المناقصة لأكثر من عام، وقع حادث تشيرنوبل عام 1986 ليجمد المشروع ويكبد مصر خسائر وصلت لأكثر من 200 مليار دولار هي قيمة فرق تكلفة الوقود النووي عن الغاز والبترول في تشغيل محطات الكهرباء على مدى 29 عاما.
9) هل شهد عهد المخلوع حسني مبارك تقدمًا في مشروع الضبعة النووي؟
لم يشهد عهد المخلوع مبارك أي تنفيذ للمشروع النووي، ففي عام 2007 أعلن عن استئناف البرنامج النووي في أرض الضبعة، وفي عام 2008 أعلن مبارك إعادة تجديد الدراسات التي تكلفت 800 مليون، وفي عام 2009 تم التعاقد مع شركة أسترالية لمراجعة الدراسات الخاصة بالمشروع ومدى ملاءمة منطقة الضبعة للمفاعل النووي، وتم تقديم نتائج الدراسات إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أقرت بأن موقع الضبعة مناسب، لكن لم تتخذ الحكومة أي خطوة نحو تنفيذ المشروع حتى الإطاحة به وقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير.
10) كيف تطور موقف المشروع النووي في عهد الرئيس محمد مرسي؟
بعد بضعة أشهر من تولي الرئيس محمد مرسي الحكم أعلن عن إقامة المحطة النووية في الضبعة مع تعويض أهالي المنطقة بالشكل المناسب لهم، ولكن تمت الإطاحة به بالانقلاب عليه، فلم يمهل الوقت كي ينفذه.
11) وكيف صارت الأمور بعد انقلاب الثالث من يوليو؟
عقب انقلاب الثالث من يوليو، أعلن المستشار عدلي منصور، خلال احتفالات أكتوبر في عام 2013 تدشين مشروع إنشاء محطات نووية للاستخدامات السلمية للطاقة في الضبعة، وهو الخطاب الذي سبقه استلام الجيش لموقع الضبعة لإعادة تأهيله بعد اقتحامه من قبل أهالي المنطقة.
12) ومع وصول السيسي إلى الحكم.. هل تغير الواقع كثيرا أم لا؟
لم يتغير الواقع كثيرًا في المشروع النووي، ففي يناير 2014 أعلن وزير الكهرباء محمد شاكر، عن إبداء 6 شركات من الصين وفرنسا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية وروسيا، اهتمامها بتنفيذ المشروع، وأنه سيتم طرح مناقصة عالمية أمام هذه الشركات لتقديم عروضها، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية، إلا أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع الجانب الروسي، أسندت المشروع لشركة روزاتوم الروسية، ويشمل إقامة محطتين في المرحلة الأولى تصل تكلفتهما إلى 10 مليار دولار، بقدرة إنتاجية 1400 ميجاوات لكل محطة.
13) ما الجديد في ما يطرحه السيسي في مشروعه النووي؟
لا جديد في المشروع النووي الذي يطرحه السيسي.
14) ما بنود الاتفاق النووي الذي أعلن عنه السيسي مؤخرًا؟
حسبما أعلن فإن مصر وروسيا اتفقتا على بنود الاتفاقية كافة، إذ تم الاتفاق على تكلفة 20 مليار دولار، لكن الجانبين لم يتفقا على طريقة تمويل هذا المبلغ الضخم، في سابقة جديدة في تاريخ الاتفاقيات الاقتصادية الدولية.
وأشار السيسي إلى أن إنشاء محطة الضبعة سيؤهل المصريين لامتلاك الخبرات النووية، ومن ثم نقلها لدول أخرى في المنطقة في ما بعد، دون أن يوضح كيف سيتم هذا إذا كانت روسيا هي التي ستتولى تنفيذ كل شيء تقريبا في المشروع.
15) ما أبرز المحطات والمحاولات المصرية في الأنشطة النووية؟
بالفعل، هناك ثلاث محاولات، المحاولة الأولى: كانت عام 1955 م لبناء محطة قدرتها 150 ميجاوات، وتوقفت بسبب حرب عام 1967 م بالإضافة إلى سوء العلاقات المصرية مع الغرب، وكان هذا المفاعل لتوليد الطاقة الكهربائية وإزالة ملوحة ماء البحر.
المحاولة الثانية كانت في منطقة سيدي كرير “الساحل الشمالي الغربي المصري” عام 1974 م بعد زيارة نيكسون إلى مصر وغرضه إنشاء محطة نووية بقدرة 600 ميغاوات بنفس الغرضين السابقين، غير أنه اشترط خضوع مصر للتفتيش، لكن الرئيس السادات رفض ذلك.
المحاولة الثالثة كانت في منطقة الضبعة الساحل الشمالي الغربي المصري عام 1984 م وقد اتخذ المجلس الأعلى للطاقة القرار بإنشاء ثماني محطات نووية ولكن في العام 1986 م وقع حادث مفاعل تشيرنوبيل في الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي كان له رد فعل سلبي على الرأي العام، وقد بقي الموضوع منذ 1986 م حتى الآن، وقد أعلن جمال نجل المخلوع مبارك في أحدى مؤتمرات الحزب الوطني المنحل إعادة انطلاق البرنامج النووي المصري عام 2006 وذلك ببناء عدد 3 محطات نووية لتوليد التيار الكهربى، ولم ينفذ منها أي جهد ملموس.