رغم الرفض السياسي والحقوقي والشعبي في بريطانيا لزيارة عبدالفتاح السيسي لهم فإن الحكومة البريطانية تصر على زيارته، وفي المقابل تواصل التحقيق في اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالإرهاب، على الرغم خروج تسريبات عدة تؤكد أن التحقيقات توصلت إلى سلمية جماعة الإخوان وعدم تبنيها للعنف، خاصةً أن بريطانيا كانت معقلاً للإخوان المسلمين منذ عصر مبارك حتى بعد ثورة 25 يناير
بريطانيا تحقق مع الإخوان وتحصن السيسي
وتقوم الحكومة البريطانية حاليًا بتأمين الوفد المرافق للسيسي خلال زيارته خوفًا من إصدار القضاء البريطاني مذكرات اعتقال لهم بعد أن أقام حزب الحرية والعدالة برفع دعوى قضائية بلندن.
وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بتأمين وفد السيسي قال جون كاسن، السفير البريطاني في مصر: إن الحكومة البريطانية تقوم بإجراء دراسة لفهم التهم الموجهة إلى قيادات جماعة الإخوان حتى يتسنى لها التأكد من أنها جماعة إرهابية تحاول أن تفرض رأيها بالقوة والعنف.
وأضاف “كاسن”، خلال حواره مع الإعلامي عمرو عبد الحميد في برنامج “البيت بيتك” المذاع على قناة “ten“، أن بريطانيا تتفق مع مصر في رفض أي جماعات أو تيارات تعمل في السياسة على أساس ديني وطائفي، لافتًا إلى أن أي شخص يفرض رأيه بالقوة والعنف واستخدام الدين كستار لتبرير هذه الأعمال هو إرهابي، مؤكدًا أن نتائج هذه الدراسة سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.
وأوضح أن الحكومة البريطانية اتخذت اجراءات قوية جديدة لمنع هؤلاء الذين يروّجون التطرف والعنف من خلال المساجد ودور العبادة أو المؤسسات الخيرية وكذلك المدارس، موضحًا أن الحكومة البريطانية لن تتهاون مع أي شخص مهما كان يحاول ترويج هذه الأفكار الإرهابية والتي تحض على الكراهية على أساس ديني في المجتمع البريطانى، مؤكدًا أن بريطانيا لديها إرادة قوية لمواجهة ومجابهة ومكافحة هذه الجماعات الإرهابية التي تهدد المجتمع الدولي بأسره.
رئيس هيئة الأركان أفلت من الاعتقال
كشفت جريدة “الجارديان” البريطانية في تقرير مطول لها أن رئيس هيئة الأركان المصري محمود حجازي أفلت من الاعتقال في بريطانيا بأعجوبة قبل أسابيع؛ حيث تجري الشرطة في لندن تحقيقاتها في ارتكابه جرائم حرب ضد شعبه، وذلك على خلفية فض اعتصامي “رابعة” و”النهضة”، وقتل المئات في أغسطس من العام 2013.
وسردت الصحيفة كيف أفلت حجازي من الاعتقال يوم الرابع عشر من سبتمبر الماضي، عندما وصل إلى العاصمة لندن؛ من أجل المشاركة في معرض ضخم للسلاح؛ حيث كان مقررًا أن يتم إلقاء القبض عليه فورًا وإيداعه السجن، لولا أنه حصل قبل أيام من وصوله على ما يسمى “حصانة خاصة” حالت دون اعتقاله من قبل شرطة “سكوتلاند يارد”.
ويقول المحامون الذين يقاضون رموز نظام السيسي إنهم تواصلوا مع وحدة جرائم الحرب في المباحث البريطانية “سكوتلاند يارد”، عندما علموا بأن حجازي كان موجودًا في بريطانيا للمشاركة في معرض بدأ في الرابع عشر من سبتمبر الماضي، وما كان من الشرطة إلا أن ردت على المحامين يوم الـ16 من سبتمبر قائلة: “سوف ننظر في أي فرصة تسنح لتوقيف أو استجواب حجازي.. كما جرى بشأنه النقاش معكم من قبل”.
حصانة دبلوماسية لحجازي
إلا أن الشرطة ما لبثت أن كتبت إلى المحامين في اليوم التالي قائلة إن حجازي حصل على “حصانة دبلوماسية” من قبل وزارة الخارجية البريطانية، وإنه يتعذر إلقاء القبض عليه.
وتقول “الجارديان” إن المحامين الموكلين من قبل حزب الحرية والعدالة يعتزمون اللجوء إلى القضاء من أجل إبطال أي قرار بمنح الحصانة الدبلوماسية المؤقتة للمسؤولين والمساعدين.
رفض شعبي لزيارة السيسي
ومن المقرر أن يبدأ عبد الفتاح السيسي الأربعاء زيارة رسمية إلى بريطانيا، وهي الزيارة التي تثير جدلاً واسعًا في المملكة المتحدة؛ بسبب أن الرجل متهم بارتكاب انتهاكات واسعة في مجال حقوق الإنسان، فيما وقع أكثر من 55 شخصية سياسية على مذكرة تطالب رئيس الوزراء البريطاني بإلغاء زيارة السيسي إلى لندن، معتبرين أنه “يقود نظامًا إرهابيًا في الشرق الأوسط”.
وقال اللورد مكدونالد، المدير السابق لدائرة الادعاء والموكل بتمثيل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة في مصر: “هناك دليل قوي يشير إلى أن السيسي مذنب بارتكاب جرائم خطيرة وعلنية، بما في ذلك إطلاق النار الجماعي على المتظاهرين، والاختفاء القسري، والاختطاف، والتعذيب، وتنظيم محاكمات صورية وهزلية صدرت عنها أحكام جماعية بالإعدام.. لا نعتقد أن مثل هذا الشخص يصلح لأن يكون رفيقًا لرئيس وزراء بريطانيا”.
أما طيب علي، الشريك في مؤسسة آي تي إن القانونية، وهي المؤسسة التي تمثل حزب الحرية والعدالة المصري، فقال إن إجراءات حكومة المملكة المتحدة “أحبطت مسار العملية الجنائية”، وإنه سيتقدم بطلب مراجعة قضائية ضد قرار الحكومة.
وأضاف قائلاً: “كان ينبغي على كاميرون أن يحاسب السيسي ونظامه ويحملهما المسؤولية عن العديد من الجرائم التي ارتكبوها وما زالوا يرتكبونها في مصر.
أحد أسباب ظهور داعش
وقالت عضو مجلس اللوردات البريطاني، البارونة هيلينا كينيدي، الإثنين، إن نظام عبد الفتاح السيسي هو أحد أسباب ظهور تنظيم الدولة في مصر بسبب سياساته القمعية ضد معارضيه السلميين.
وفي استجواب للحكومة، الإثنين، تساءلت كينيدي عما إذا كان من اللائق دعوة شخص مثل السيسي لزيارة بريطانيا ولقاء رئيس الوزراء، في الوقت الذي يمارس فيه النظام المصري التعذيب والاغتصاب ضد معارضيه، وهو النظام المسؤول عن قتل ما يزيد عن 1000 متظاهر سلمي وسجن عشرات الآلاف من المعارضين السلميين.
كما أشارت كينيدي إلى أحكام الإعدام الجماعية بحق المئات، منهم طالبة تدرس في جامعة أكسفورد في بريطانيا، في إشارة إلى سندس عاصم، الفتاة المحكوم عليها بالإعدام فيما يعرف بقضية التخابر الكبرى، مطالبة بمواجهة السيسي أثناء زيارته بالانتهاكات التي يمارسها نظامه.
المصالح الاقتصادية وراء الزيارة
وكان رد الوزير المسؤول أن هذه الانتقادات في محلها، ولكن بريطانيا ترى أن التعامل مع النظام المصري هو مهم لرعاية المصالح الاقتصادية والأمنية لبلاده.
والبارونة هيلينا كينيدي هي من أبرز المحامين الحقوقيين في المملكة المتحدة، كما ترأس كلية مانسفيلد في جامعة أكسفورد.
وقال أندرو سميث، الناشط في الحملة الدولية لمناهضة تجارة السلاح “إن المملكة المتحدة مطالبة بالدعوة للتغيير في مصر، عوض فرش السجاد الأحمر لهذا الدكتاتور الذي يزداد تغطرسًا يومًا بعد يوم.
وأوضح أن سبب استقبال بريطانيا لهذا الدكتاتور هو أنها أمضت معه عقودًا لبيع أسلحة بقيمة 85 مليون جنيه إسترليني”.
وأضاف سميث مستنكرًا نفاق رئيس الوزراء دايفيد كاميرون: “من المستحيل أن نتظاهر بدعم الشعب المصري، وفي الوقت نفسه نقوم بتسليح ودعم هذا الدكتاتور الذي يقوم بقمعه”.