يرى موقع “ميدل إيست بريفنج” أن البرلمان المصري القادم سيشهد دورًا مميزًا لمجتمع رجال الأعمال وبقايا عهد مبارك والسلفيين التابعين لحزب النور؛ مستفيدين من الفراغ الذي خلفته الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين. 

يقول الموقع -في رؤية تحليلية عن توقعه للمرحلة المقبلة- سيتمتع البرلمان الجديد بسلطات غير مسبوقة في ظل الدستور الحالي، صحيحٌ أن هذه السلطات قد تُغرِي الحكومة بتزوير النتائج، وهي الممارسة التي كانت شائعة خلال عهد مبارك، إلا أن أي تلاعب يمثل مخاطرة مرتفعة هذه المرة؛ إذ تدرك أجهزة الأمن الداخلي الآن أن تزوير انتخابات عام 2010 كان أحد أسباب الانتفاضة التي حدثت بعدها بعام، علاوة على ذلك، تتركز أنظار العالم على هذه الجولة الانتخابية باعتبارها وسيلة لقياس مدى تقدم مصر صوب حياة سياسية طبيعية، لا سيما في ضوء الانتقادات الحادة الموجهة للقاهرة بسبب سجلها الكئيب في مجال حقوق الإنسان. لكن أحد الأسباب التي لا تجعل هناك سببًا لتزوير الانتخابات هو أن نظام عبدالفتاح السيسي يحظى بشعبية فعلية، فليس هناك دافع لسرقة الشرعية من جيوب الناخبين طالما سيتطوعون بها عن طيب خاطر.

ويضيف الموقع، هناك العديد من الأشياء التي تستحق المتابعة في الانتخابات القادمة، سنتناول منها اثنين يحظيان بأهمية خاصة:

(أولًا) مجتمع رجال الأعمال، وبقايا عهد مبارك من المحسوبية والفساد، ورجال جميع العصور، الذين سيشكلون جبهة مشتركة في محاولة للسيطرة على أكبر عدد ممكن من المقاعد.

يمكن لهذا الفريق أن يدعم مرشحين متعاطفين، أو حتى ممثلين مباشرين عنهم، لكن يمكن أيضًا شراء مَن يمكن شراؤهم بالسعر المناسب. وسيكون جدول أعمال هذه الجبهة، إذا شُكِّلَت، هو: الحفاظ على مصالحها وتوسيعها من خلال البرلمان الجديد.

يأتي ذلك في ظل إعراب رجال الأعمال عن سخطهم من دورهم الجديد باعتبارهم مجرد مقاول من الباطن لصالح الجيش، وهم يعتبرون الدور الذي تلعبه القوات المسلحة يمثل تعديًا عليهم ومنافسة غير مشروعة معهم. وقد وجد هذا التوتر طريقه إلى وسائل الإعلام، وبعضها مملوك لمصالح تجارية كبيرة، ما يهدد بالمزيد من التوتر في بيئة شديدة الحساسية.

وبالنظر إلى أن جماعة الإخوان المسلمين شنت حملة مكثفة لزعزعة استقرار النظام الجديد، لم يكن الرئيس المصري بحاجة إلى فتح جبهة إضافية في معركته السياسية ومن ثم توصل إلى طريقة للتعامل مع مجتمع الأعمال.

لكن بينما لا يزال التفاهم الصامت بين الجانبين قائما، فإنه قد يكون عرضة للتغيير بعد الانتخابات البرلمانية إذا حصل مجتمع الأعمال على عدد كبير من المقاعد.

صحيح أن التعبير عن التوتر في هذه الحالة لن يتم بشكل حاد، إلا أن هناك طرق كثيرة يمكن لمجتمع الأعمال من خلالها جني ثمار النفوذ الجديد عبر البرلمان، في سياق سعيه لزيادة حصته من الكعكة.

(ثانيًا) النسبة التي سيحصل عليها الإسلاميون، الذين يمثلهم حزب النور السلفي، في الانتخابات وبالتالي عدد المقاعد في البرلمان الجديد.

حيث يتموضع السلفيون الآن باعتبارهم ورثة التيار الإسلامي في مصر، بعد الحملة الواسعة ضد الإخوان، والضغط المستمر الذي أنهى تقريبًا أي دور للجماعة في الحياة السياسية.

في عهد مبارك، سمحت السلطات للجماعات السلفية بالعمل بحرية تقريبًا طالما ظلت بعيدة عن السياسية، وكان التيار السلفي ناشطا في ضم الشباب وتوسيع وجوده على أسس دينية بحتة، وكان هدفه أسلمة، أو بتعبير أكثر دقة “أسلفة”، المجتمع المصري، وبحسب منشوراتهم الخاصة فإن عدوهم الرئيس هم الصوفيون والعلمانيون والملحدون والشبع والمسيحيون الأقباط.

بموجب هذا الاتفاق مع جهاز أمن مبارك، عمل السلفيون كمخبرين للإبلاغ عن أي أنشطة تخريبية في مقابل منحهم درجة كبيرة من حرية الحركة؛ وهو ما سمح لهذا التوجه بالانتشار سريعًا، لكن عندما قامت ثورة 2011، غيَّر السلفيون معسكرهم سريعًا، فانقلبوا على مبارك، وانتقلوا إلى لعب دور سياسي نشط، وفازوا تقريبا بـ 28% من مقاعد البرلمان عام 2012.

ويواصل الموقع تحليله : السلطة السياسية الحالية، انتهجت مع السلفيين سياسة تختلف قليلا عن مبارك، حيث سمحت لحزب النور بالمشاركة رغم الحظر الدستوري للأحزاب الدينية، وقال السيسي مؤخرًا إننا لم نستبعد هذه المجموعة من الحوار السياسي.. السبب وراء إبقاء النظام المصري الباب مفتوحًا أمام السلفيين يكمن في الحسابات السياسية المعقدة، ذلك أن السيسي بحاجة إلى بديل ملائم للإخوان المسلمين، وطالما لا يستخدم السلفيون العنف يمكن التسامح معهم في الوقت الحاضر، علاوة على ذلك من الصعب على السيسي أن يتخذ إجراءات صارمة ضد الإخوان والسلفيين في الوقت ذاته (رغم أنه من غير المؤكد هل سيكبح نشاط السلفيين في بيئة أمنية أفضل مستقبلًا).

وأردف: صحيح أن حزب النور يحظى بدعم كبير في مناطق الريف والجنوب، إلا أن عزل الإخوان -رغم أنه تم بموافقة السلفيين من أجل كسب الرضا السياسي للحكومة، ولوراثة تركة الجماعة- لا يساعد حزب النور؛ حيث بات المصريون يعتقدون أن “جميع الملتحين فاسدون”، وقد دمَّر سقوط الإخوان القاعدة الشعبية لكل الجماعات الدينية المنظمة بدرجات متفاوتة، ومع ذلك نُقَدِّر أن حزب النور سيكسب 10-15% من مقاعد البرلمان المقبل، من بين 60% أعلن الحزب منافسته عليها.