بالرغم من الانتقادات التي وُجهت إليها ، أعلنت روسيا عزمها على تكثيف غاراتها في سوريا ، وفيما تقول المعارضة السورية إن ضحايا الغارات الروسية مدنيون ، تقول موسكو إنها تستهدف من أسمتهم “الإرهابيين” وأنها نجحت في “إضعاف بنيتهم التحتية”.
وصرح مسؤولون روس يوم السبت 3 أكتوبر الجاري إن الغارات الجوية على سوريا ستكثف تصعيدًا للتدخل العسكري ، الذي تقول موسكو إنه ينال من “تنظيم الدولة”، فيما تقول قوى غربية إن هدفه دعم الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال مسؤول كبير بالجيش الروسي إن مقاتلات نفذت – انطلاقًا من غرب سوريا- أكثر من 60 طلعة جوية خلال 72 ساعة في مختلف أنحاء البلاد ، وقال أندريه كارتابولوف من رئاسة أركان الجيش الروسي “لن نواصل الغارات الجوية فحسب… بل سنزيد كثافتها أيضا”.
وقال كارتابولوف “الغارات نفذت على مدار الساعة من قاعدة حميميم في عمق الأراضي السورية”، مشيرًا إلى مطار قريب من الساحل السوري على البحر المتوسط تستقر به المقاتلات الروسية ، وأضاف “في ثلاثة أيام نجحنا في إضعاف البنية التحتية للإرهابيين وتقليل قدراتهم العسكرية بدرجة كبيرة”، حسب وصفه.
استياء غربي
صرح وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون بأن واحدة فقط من كل عشرين ضربة لسلاح الجو الروسي في سوريا تستهدف مقاتلي “تنظيم الدولة” .
وأشار فالون لصحيفة ذي صن البريطانية إلى أن الاستخبارات البريطانية لاحظت أن 5% من الضربات الروسية استهدفت مقاتلي التنظيم وأن معظم الغارات “قتلت مدنيين” واستهدفت المعارضة المعتدلة لنظام الرئيس بشار الاسد.
وأضاف أن التدخل الروسي أدى إلى مزيد من “تعقيد” الوضع ، وتابع “نقوم بتحليل المواقع التي تجري فيها الضربات كل صباح ، معظمها ليس إطلاقًا ضد “تنظيم الدولة “.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ” إن الروس يساندون الأسد وهو خطأ فادح بالنسبة لهم وبالنسبة للعالم ، سيزيد ذلك من عدم الاستقرار في المنطقة” ، وأضاف “معظم الضربات الجوية الروسية كما يمكننا أن نرى حتى الآن استهدفت أجزاء من سوريا لا تخضع لسيطرة “تنظيم الدولة” لكن تخضع لمعارضين آخرين للنظام”.
استهداف المدنيين
شنت الطائرات الروسية 18 هجومًا داخل سوريا ، خلال الـ 24 ساعة الماضية، على الرغم من القلق الدولي إزاء الحملة العسكرية، التي استهدفت مناطق سيطرة المعارضة السورية ، دون مناطق “تنظيم الدولة”،
لكن المسؤولين الدوليين، ومن هم داخل سوريا يشككون في نية روسيا في هجماتها ضد “تنظيم الدولة” ، حيث طلب التحالف دولي من روسيا على الكف فورًا عن شن هجمات على المعارضة السورية والمدنيين، والتركيز بدلاً من ذلك على قتال “تنظيم الدولة”.
وأكد بيان مشترك لدول التحالف ، نشره موقع وزارة الخارجية التركية، على القلق العالمي حول أهداف روسيا الحقيقية في سوريا، وسواء كان يتعلق في المقام الأول في مهاجمة التنظيم المتطرف أو مع بشار الأسد، وحماية قاعدتها العسكرية في سوريا.
وقالت الدول الموقعة على البيان، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، تركيا، فرنسا، ألمانيا، قطر والمملكة العربية السعودية: إن «هذه الأعمال العسكرية، تشكل تصعيدا آخر وسوف تغذي فقط مزيد من التطرف والتشدد».
وأكد حسن الحاج علي، قائد الفرقة الشمالية في لواء صقور الجبل في تصريح لـ”CNN” إن الطائرات الحربية الروسية استهدفت “المعسكر التدريبي لدينا في جبل الزاوية في إدلب ، وهو يحصل على الدعم العسكري من أميركا للمساعدة في مكافحة “تنظيم الدولة” في حلب وإدلب”.
وقتلت الغارات الجوية الروسية ، خلال الأيام الثلاثة، عشرات المدنيين في ريف “حمص، إدلب، وحلب” ، كما أصيب العشرات غيرهم في الغارات ذاتها ، التي استهدفت مساكنهم.
سقوط صواريخ روسية على إيران
قال مسؤولون أميركيون لـ “CNN” أمس الخميس ، إن بعض الصواريخ التي أعلنت روسيا عن إطلاقها ، يوم الأربعاء، من سفن حربية في بحر قزوين تجاه سوريا، سقطت في إيران.
وأضاف المسؤولون أن تقديرات الجيش الأميركي والاستخبارات توصلت إلى أن 4 صواريخ على الأقل تحطمت خلال طيرانها فوق إيران ، وبينما ذكر أحد المسؤولين أنه يحتمل أن يكون هناك ضحايا .
وأشارت وكالة أنباء “ايرنا” الايرانية الرسمية، اليوم الجمعة، إلى سقوط صواريخ روسية في محافظة شمال غرب البلاد وهو الإتجاه الذي كان من المقرر أن تعبر منه الصواريخ التي أطلقت من بحر قزوين في طريقها نحو أهداف في سوريا، وذلك رغم الرفض الروسي للتاكيدات الأميركية بسقوط الصواريخ في إيران.
وأكدت الوكالة بالاستناد إلى شهود عيان سقوط “جسم طائر” في محافظة آذربيجان ، شمال غرب إيران، قالت إنه انفجر وتناثرت شظاياه في المكان ، دون ذكر تفاصيل أو الحديث عن سقوط ضحايا في الحادث.
من جانبه ، نفى الجيش الروسي مساء الخميس سقوط صواريخ في إيران ، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الجنرال ايغور كوناشنكوف في بيان إن “كل مهني يعرف أنه خلال هذه العمليات نقوم دائمًا بتحديد الهدف قبل الضربة وبعدها ، كل الصواريخ التي أطلقناها من سفننا أصابت أهدافها”.
ويربط الخبراء بين التفعيل المحتمل للحضور الروسي في سوريا وضرورة مساعدة الرئيس بشار الأسد، بالدرجة الأولى.
وتقول تَتيانا تيوكايفا ، المدرِّسة في “معهد موسكو للعلاقات الدولية” التابع لوزارة الخارجية الروسية، والخبيرة في وكالة “السياسة الخارجية” للدراسات، في حديث مع موقع “روسيا ما وراء العناوين”، أن “موسكو اختطت، منذ أكثر من أربع سنوات، نهجًا محددًا لدعم النظام الشرعي في سوريا ممثلا بشخص بشار الأسد، ولا تزال تواصل السير على هذا النهج.
ويبقى السؤال مطروحًا عن الأسباب الحقيقية من الوجود الروسي في سوريا ، وعن حقٌا إن كانت روسيا تخطئ أهدافها أثناء القصف أم أنها ليست أخطاء ولكنها تصفية حسابات يقوم بها بوتين في المنطقة.