اشتعل الصراع والاتهامات بين النظام السعودي والإيراني، حول المسؤولية بحادث منى، والذي راح ضحيته المئات من الحجاج.
وحمَّلت إيران السلطات السعودية المسؤولية الكاملة في حادث تدافع الحجاج في منى، وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني، أمير عبداللهيان، في اتصال مع التلفزيون الرسمي الإيراني، إن الخارجية الإيرانية سوف تقدم احتجاجها الرسمي لمسؤول السفارة السعودية في طهران.
مطالب إيرانية
وحمَّل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، مسؤولية حادثة منى الذي راح ضحيته 717 حاجًا الخميس الماضي، محملًا السعودية المسؤولية بإغلاق طريقين يؤديان إلى الجمرات.
وقال -في تصريح لوكالة “فارس” الإيرانية-: “إن عدم كفاءة الحكومة السعودية قد ثبت من قبل، عندما ارتكبت المجازر بحق الشعب اليمني خلال الشهر الحرام”.
وأضاف “لقد برهنت الحكومة السعودية عدم كفاءتها في إدارة مراسم الحج؛ وذلك نظرًا إلى وقوع حادثتين مؤسفتين في فاصلة زمنية قصيرة بموسم الحج هذا العام، والتي أدت إلى مقتل المئات”.
وشدد بروجردي على “ضرورة أن يكون الحرم المكي آمنًا للمسلمين، وأن مقتل الحجاج دليل عدم كفاءة الحكومة السعودية في حماية أرواح ضيوف الرحمن، وأضاف أنه ثبت مرارًا أن السعودية تفتقر للكفاءة في إدارة مراسم الحج”.
ودعا المسؤول الإيراني نفسه، الدول الإسلامية إلى الإسراع في اتخاذ قرار تاريخي لحماية أرواح المسلمين خلال موسم الحج الحساس وتبني طرح جديد وقرار جاد.
وأكد أن على قادة الدول الإسلامية الإسراع في اتخاذ التدبير اللازم، والاحتجاج على عدم كفاءة الحكومة السعودية في إدارة مراسم الحج.
وطالب محمد السعيدي، عضو البرلمان الإيراني، منظمة المؤتمر الإسلامي بالإعلان بشكل رسمي عن عدم كفاءة المملكة العربية السعودية في إدارة الحج وشؤون المسجد الحرام.
وأضاف أن على المؤتمر الإسلامي التكفل بتأمين الحرم المكي والحج من قبل مجموعة من الدول الإسلامية والعربية بعد فشل السعودية في إدارته هذا العام، على حد وصفه.
اتهامات سعودية بوقوف طهران خلف الحادث
وفي المقابل، قوبلت التصريحات الإيرانية بالرفض والاستهجان العربي، والذين قالوا بأن المملكة تستطيع تسيير شؤون الحرم.
ويقول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه لا يحق لأحد كان انتقاد إجراءات الحج والتي تسيرها المملكة العربية السعودية وهي تقيم بواجباتها على أكمل وجه.
وكشف مسؤول في مؤسسة مطوفي حجاج إيران، أن قرابة 300 حاج إيراني “خالفوا تعليمات التفويج المحددة”، مما تسبب بحادثة التدافع في شارع 204 بمشعر منى.
وقال المسؤول، في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية: “إن تفاصيل المخالفة بدأت عندما تحركت هذه المجموعة من مزدلفة، صباح الخميس، مباشرة لرمي الجمرات ولم تنزل في المخيمات المخصصة لها كما هو معمول به لعموم الحجاج لوضع أمتعتهم والانتظار لموعد التفويج، ومن ثم توجهوا بعكس الاتجاه في شارع 204”.
وأضاف المسؤول، أن هذه المجموعة المكونة من نحو 300 حاج إيراني، لم تنتظر انتهاءها من رمي جمرة العقبة، وفق التعليمات التي تطالب بالانتظار في المخيم حتى الموعد المحدد، وقررت العودة في الاتجاه المعاكس، مما تزامن مع خروج بعثات أخرى حسب جدولها الزمني المخصص لرمي الجمرات، ونتج عن ذلك اصطدام مباشر مع الكتل البشرية.
وأوضح أن “المجموعة توقفت قليلًا ولم تتحرك باتجاه آخر، مما ساعد في الضغط ودفع الحجاج للخروج من طريق لا يزيد عرضه على 20 مترًا”، مشيرًا إلى أن ما نتج لا يدخل ضمن عملية التدافع أو الازدحام، بل تحت ما يسمى بالارتداد العكسي، الذي تكون له نتائج سلبية كبيرة.
إمام الحرم
ومن جانبه، قال إمام الحرم المكي، صالح بن محمد آل طالب: “إن المملكة العربية السعودية برجالاتها وأجهزتها ومؤسساتها تبذل جهودًا لخدمة الحجاج والمعتمرين والزائرين منذ عشرات السنين، والدولة تدير موسم الحج بكل كفاءة واقتدار ورعاية تدعو للفخار ولم يضر ذلك أو ينقصه حادث عرضي نجم عن تزاحم أو تدافع بعض الحجاج أو مخالفة لتوجيهات أو تعليمات”.
وتابع: “إن من فجور الخصومة أن يستغل أناس الحدث في التشكيك في الجهود أو الانتقاص من البذل وقد شهد العالم من عظيم البذل وفائق العطاء الذي يقدم لضيوف الله وقاصد الحرمين من لدى ساكني بلاد الحرمين أفراد ومؤسسات.. إذا كان قدر الله اختيار بعض عباده شهداءً في أحسن حال لهم وأشرف مكان ويبتلي آخرين بإصابة يؤجرون عليها، فإن من غير المقبول أبدًا أن تصادر كل الجهود والإنجازات وأن يكون ذلك مدعاة للتشفي والمزايدات، ومن اللؤم والدناءة التطبيل على مصاب مسلم واستغلال مصابه لتحقيق مآرب دنيوية أو مكاسب سياسية”.
وختم: “المملكة بحمد الله قادرة على إدارة شؤون الحج بلا مزايدات ولها السيادة بلا منازع على ما شرفها الله به من خدمة الحرمين الشريفين، ونص دستورها ونظامها الأساسي للحكم على ذلك والعمارة التي تمت وتتم للحرمين الشريفين ورعايتهما ورعاية قاصديهما أصبحت شاهدة للعيان وقد أحاط الله بيته وضيوفه بالأمن والطمأنينة في أيام يضطرب فيها العالم وتشتعل نار الفتن والحروب والحمدلله الذي سخر لبلده الحرام حماة صادقين حفظ الله بهم الدين وحفظ الله بهم العباد والبلاد”.